الأحد 10 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الاثنين 4 نوفمبر 2024
منيف الهلالي
الشراك الشيطانية للإيقاع بالأنثى
الساعة 16:37
منيف الهلالي

من المعيب أن نحمل وسائل التواصل الاجتماعي وعصر المعلومات وتجليات الثورة التكنولوجية المسؤولية عن الأخطاء التي تحدث اليوم والتي يقوم بها بعض ضعاف النفوس، كونها أخطاء شخصية لم يستطع أصحابها التعامل مع الواقع الجديد بكل تدرجاته والعمل على تغيير واقعهم الذهني ليتواكب مع تطورات العصر.

لقد كثرت في الآونة الأخيرة مشاكل التجسس على هواتف النساء وتهكيرهن وسرقة محتوياتهن، بغية ابتزازهن مادياً أو جنسياً، دون إدراك لخطورة هذه الأفعال القبيحة التي قد تودي بصاحبها، فالأنثى اليمنية باتت عرضة لمثل هذه الأعمال أكثر من غيرها؛ لأننا نعيش في مجتمع يضع خطوطاً حمراء على كل ما يخص المرأة، بالإضافة إلى أن هذا المجتمع غير قادر على كسر حواجز الخوف بين البنت وأبيها أو أخيها، ولذلك تضطر الأنثى للرضوخ للمبتز خوفاً من الفضيحة ونظرة المجتمع السلبية لها، وأيضاً لعدم ثقتها الكاملة في القوانين التي بإمكانها حمايتها من هذه الوحوش الآدمية.

أعتقد أن غياب التوعية يعد من أهم العوامل التي أدت إلى تفشي هذه الظاهرة وتزايد حالات الابتزاز، فلو أن هناك توعية للآباء بكيفية التعامل مع بناتهم في مثل هكذا حالات، وأيضاً التركيز على توعية الفتيات على ضرورة الإبلاغ عن ممارس الابتزاز وعدم الانكسار أمام رغباته المتوحشة، لتمكنا من محاصرة هذا الانحراف داخل دائرة مغلقة، أو على الأقل عملنا على الحد من هذه التصرفات اللاأخلاقية.

لا أعلم أي أخلاق يمتلكها هؤلاء، وأي مبادىء..؟، كيف بإمكان إنسان واعِ أن يقوم بابتزاز أنثى وثقت به وأرسلت صورها، أو منحته هاتفها لإصلاحه، أو اشتراه منها..؟، كيف بإمكانه فعل ذلك، حتى في حالة اصطيادها ورضوخها للابتزاز؟، كيف يستطيع هذا الإنسان التعامل مع كائن مكره..؟!

أتذكر أنني ناقشت القاضي يحيى العنسي -حفظه الله وأطال في عمره- حين أثيرت قضية اغتصاب الطفلة "رنا المطري"، حول هذه السلوكيات، فقال متسائلًا: كيف لهؤلاء المغتصبين أن يتعاملوا مع الفرائس التي تقع بين أيديهم، والواحد منا حين تتمنع زوجته وهي على سرير نومه تموت رغباته ويعود إلى الفراش منكسراً لا يستطيع أن يأخذ منها ما لا تشتهيه إطلاقاً؟..
حقاً: كيف يقبل هؤلاء على أنفسهم مثل هذه التصرفات غير الآدمية؟

لعل ذلك يعود إلى الشخص نفسه الذي يقوم بهذا الفعل، فالمغتصب ليس إنساناً طبيعياً، وإنما شخص همجي مضطرب سلوكياً وله ميولات إجرامية تجعله يتلذذ بعذابات الآخر وآلامه، وكذلك من يمارس الابتزاز وإخضاع النساء لرغباته المتوحشة.

في الحقيقة نحن أمام واقع موبوء بالانحراف وقضية #عبدالله_الأغبري دقت جرس الإنذار للالتفات إلى مثل هكذا قضايا؛ لذلك، يجب على السلطات أن تقوم بواجبها حيال هذه الإشكاليات، ابتداءً من تنظيم عمل مهندسي الجوالات وإصدار تراخيص لهم بممارسة المهنة ليكون بمقدور الجهات الأمنية الوصول اليهم حين تستدعي الحاجة، وإصدار قوانين صارمة لمكافحة الجرائم الإلكترونية وتشديد العقوبات على مرتكبي الابتزاز الإلكتروني، وفي ذات الوقت لابد أن تكون الأنثى حريصة على هاتفها وصورها، وألّا تجعل من نفسها فريسة سهلة لهذه الوحوش الضالة التي تجوب الفضاء الإلكتروني، ولا لشرائكهم ومصائدهم التي قد تكون في بعض الأحيان صديقاتها، فثمة حوادث كانت فيها صديقات السوء هن شراك الإيقاع بالفتاة إما عن طريق الإغراء للولوج في الخطيئة أو بسبب الثقة الزائدة والسماح بالتصوير، أو بتبادل الصور ومقاطع الفيديو ومن ثم تسريبها إلى أولئك الذين يترصدون الفريسة في انتظار الفرصة المناسبة للإيقاع بها، وفي حال وقعت، دون إرادتها، بين مخالب أحدهم، عليها أن تكون شجاعة وألّا تستسلم للخطأ الذي أوقعها بين براثن شيطان لا يرحم وألّا تقبل بتقديم أي تنازل مهما يكن بسيطاً في نظرها فإنها ستضطر إلى تقديم ما هو أكبر منه، بل عليها أن تصارح أهلها بالواقعة وتطالبهم بسرعة الإبلاغ عنه للجهات المعنية حتى ينال جزاءه الرادع، أو على الأقل تكون قد وضعت المسؤولية على عاتق جهات الاختصاص والسلطة الحاكمة.


• نقلًا من صفحة الكاتب في الفيس بوك

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص