الجمعة 22 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
عبد الكريم المدي
الحنين إلى وطن آمن وقيادات تصنع الفرق وتعطي الثقة
الساعة 01:44
عبد الكريم المدي

عرفت الوالد والعم العزيز.د. إسماعيل ناصرالجند  مؤسس ورئيس هيئة المساحة الجيلوجية، وربما أنه كان أجدر شخصية يمكن أن تتولى حقيبة النفط والمعادن، ولكن...!
المهم عرفته الشخصية الوطنية الفذة والمسؤل الذي يكرس المسؤلية والنشاط والإلتزام والأمانة في الوظيفة بهمة عالية لدرجة أن تفانيه يدهش البعض.

أول من يدخل الهيئة صباحا وآخر من يغادرها بعد الظهر ومن يعود إليها عصرا.
الطفرة في مصانع الإسمنت التي حصلت في اليمن هو رائدها، ورائد التعليم والتنمية في مديريته.
 
لقد عمل مخلصا طوال مسيرته المظفرة بالنجاحات والانجازات ناصحا وداعما لكل ما له علاقة بالتنمية والتعليم وكان ، ولا زال، ينظر لأبناء منطقته بل ولأبناء وطنه بمقام أولاده ينصح ويحث الجميع بالاقبال على التعليم والاهتمام به والمساهمة في إحداث نهضة تعليمية والتغلب على الظروف وقهر المستحيل من أجل النجاح والتحصيل العلمي.

وأعتقد جازما أنه لو عُين الدكتور إسماعيل الجند وزيرا للتربية والتعليم ،حينما كان هناك  دولة، لكان أنجز وأعجز ، وأوعد وأوفى ، وقال وفعل في هذا الجانب الهام، وأحدث تحولا حقيقيا في منظومة العملية التعليمية والمعرفية، لكن للأسف الشديد لم يُمنح هذه الفرصة ، بل لم يُمنح البلد عموما مثل هكذا فرصة كانت ستأتي بشخص له من العلم والتجربة والنية الصادقة والاخلاص ما يكفي لاحداث تغير جذري في التعليم.

لا أخفيكم سرّا بأني أتألم اليوم كثيرا وأشعر بمرارة الدهور كلها حينما أشاهد عقول اليمن وخيرة أبنائها ومفكريها في الشتات، ولم تستفد منهم البلاد إلى آخر لحظة من عمرهم الوظيفي بل ومن حياتهم،  ومن أولئك الفراديس والطاقات والعقول الإبداعية النادرة الدكتور إسماعيل الجند وشقيقه اللواء الركن طيار راشد الجند قائد القوات الجوية والدفاع الجوي، ومن لا يعرف هذا الأخير قد لا يدرك معنى أني أذكر اسمه هنا وآخر وظيفة شغلها ولم ولن يشغلها بعده أحد، بحسرة مصحوبة بتنهيدة تكاد تقتلع معها جذور القلب والروح.

اللواء الركن راشد الجند ، رجل نادر في مجاله ، وفكره الوطني ،جاد وشجاع وصادق ..شديد الانتماء لمجاله وزيّه العسكري ومهامه ومسؤلياته ، حُرِبَ كثيرا، لكن أمثاله لا يسقطون ببساطة.
لقد صمد، وأعطى مفهوما آخرا لمعنى الصمود والثقة بالنفس وظل واقفا في قلب العاصفة ولم ينحني أو يضعف أويساوم،  حتى أثناء وبعد دخول تتار العصر، وحملة الصليب الحوثية إلى صنعاء، حيث حاول قطعانها اقتحام قيادة القوات الجوية والدفاع الجوي كان لهم هذا الرجل العنيد العتيد  بالمرصاد واقفا كالأسد في وجوههم ومعه نائبه عبدالملك الزهيري.

لقد حافظ بكل إباء ورباطة جأش على القسم العسكري والنظام الجمهوري الذي خُذِل من الجميع وطُعِن من الجميع.
وأتذكر بالمناسبة بأني ذهبت إليه إلى بيته مرات عديدة وفي آخر مرة قلت له : 
أرجوك أنت تهمنا كثيرا، نريد أن نتفق ماذا نعمل بخصوص وجودك وكيف نحميك، سيما والسقوط والاختفاء والاختباء حينها كان سيد الموقف ..وقلت له أنا والأولاد والشباب جميعهم فداء لك سنأتي للمشاركة في حمايتك وحماية بيتك، لكنه رفض وقال لا داعي.

وأتذكر بأننا حينها تحدثنا كثيرا حتى وقت متأخر من الليل وقبل أن اغادر قلت له الكثير من الناس يسالونني عنك إهتماما ومحبة وبعضهم فضول أرجو أن أرد عليهم قريبا بمايفرح قلوب المحبين والحريصين عليك..قال :
قل لهم خيرا إن شاء الله، وما كتبه الله لنا حيا به.

 وودعني حتى الباب وتأكد من وجود سيارتي وعاد إلى الداخل..غادرت بعد أن ملأ راسي وضميري بالكثير من الكلام الذي لا يقوله إلا الكبار والكبار جدا.. وأعترف بأن معظم ما قاله لي وحذر منه تطبق على أرض الواقع.
رجل بالفعل يدهشك ويجعلك تفخر به ، لا ينتمي لحزب ولا لعنوان صغير أو لافتة وشعار معين وإنما لليمن الكبير والعظيم.
اليومين التاليين تواصلنا بالهاتف والثالث، كان هاتفه مغلق..واليوم الرابع ..أبلغت بمغادرته اليمن ...وخروجه آمنا.

أخيرا:
هاهي  اليمن راحت ورجالها وأعلامها وقاداتها صاروا إلى ما صاروا إليه.
السؤال: هل ستعود بلادنا كما كانت ، وهل سنستفيد من عقول وتجارب ونضوج مثل هذه الاسماء والطاقات، كي نتمكن من الوقوف من جديد  ونستعيد البوصلة ونتهجّي أحرف عبارات كهذه  :" الوطن أغلى من كل شيىء..ويستحق منا كل شيىء".
قلبي وجع!

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص