الجمعة 22 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
د. سيف العسلي
أيها الاغبياء.. هل تفهمون ماذا يعني البنك المركزي..؟
الساعة 22:12
د. سيف العسلي

إننا في القرن الواحد والعشرين ولسنا في القرن السابع عشر  ... في بداية ذلك القرن لم يكن هناك اي بنك لا بنك عادي ولا مركزي بل كان هناك عدد من الصرافين...

كانت العملة سلعية اي الذهب او الفضة و  أي عملة ورقية كانت بالضرورة مرتبطة بهما وذلك يعني  أنه في أي وقت يريد أي شخص أن يستبدل العملة الورقية بما يساويها من الذهب او الفضة يستطيع ان يفعل ذلك وبدون قيد او شرط

إن التزام الصرافين بذلك كان يوفر لها الثقة الضرورية لاستقرارها ولم يكن هنا أي حاجة للبنوك ولا للبنك المركزي وكانت الحياة الاقتصادية تعمل بشكل طبيعي

ومن ذلك القرن وحتى الان حصل ان تطورت البنوك والبنك المركزي و أصبحت مهام النظام المصرفي واضحه ويدرك ذلك العامة

عملت الحروب على تغيير ذلك فالحروب تعمل دائما و أبدا على زعزعة ثقة الناس ببعضهم البعض نتيجة لما تسببه من أوزار اي الجوع والخوف ... كل الحروب وبدون استثناء تؤدي الى حدوث أزمات اقتصادية.

الحرب تصيب الناس بالتشاؤم لأن  ذلك يؤدي الى تقليل إنفاقهم لمواجهة التغيرات السلبية المفاجئة أثناء الحرب وبعدها

فيقل انفاقهم الاستهلاكي ويتحول الفائض الى اكتناز وليس الى إدخال اي انهم يحتفظون بثرواتهم في اصول حقيقية ولكنها قليلة السيولة

لا شك ان ذلك يؤدي حتما الى انخفاض النشاط الاقتصادي ... ابتداء في حال الحرب لا تستطيع الدولة مواجهة ذلك بأي طريقة من الطرق وخصوصا إذا طالت الحرب ذلك أن الحرب تؤدي إلى زيادة الانفاق على أنشطة غير اقتصادية فنفقات الحروب كلها خسارة فلا يمكن استعادة هذه النفقات ابتداء ناهيك عن  عائدها. إن ما ينفق على الحرب هو تدفق خارج الدورة الاقتصادية و إلى الأبد .

أنه وان كان يبدو  على أنه انفاق ففي الحقيقة انه عكس ذلك وبما ان نفقات الحروب كبيرة فان اي اقتصاد لا يمكن ان يتحمل نتائج تجميد الأصول المنتجة اي الاكتناز من القطاع الخاص وتدمير الثروة من خلال إحراقها في الحروب من قبل الدولة .

ان كل ذلك يشبه ما تقوم به الثقوب السوداء في المجرات ومن ينكر ذلك فهو غبي بامتياز إن كان للغياء تميز .

التاريخ يشهد ان الغباء يزداد خلال الحروب ولولا ذلك لما حدثت الحروب اصلا أو على الاقل لما استمرت طويلا ولكن الحقيقة هي ان حروب الأغبياء تتوقف رغم انوفهم ولكن بعد ان يتم تدمير الاقتصاد .

لقد حاولت الحكومات الغبية التمرد على القوانين الاقتصادية ولكنها لم تنجح ابدا، على الاقل كان ذلك متفهما في بداية القرن السابع عشر ولكنه غير مقبول أبدا في بداية القرن الواحد والعشرين.

لجأت تلك الدول في بداية القرن الواحد والعشرين الى السيطرة على عمليات صك النقود المعدنية ونتيجة لغبائها اعتقدت انه يمكن تمويل نفقات الحروب عن طريق غش النقود السلعية بعد ان عجزت عن فعل ذلك من خلال الضرائب.

لكنها فوجئت بأن ذكاء الناس العادين اكبر بكثير منها وهو ما تم التعبير عنه بظاهرة فقدان هذه النقود لوظائفها فأصبحت تمثل للحكومة خسارة خالصة.

لجأت هذه الحكومة للاقتراض من الناس و لأنه لا ثقة لها فأوعزت لبعض المؤيدين لها ان يقوم بإنشاء بنوك وهمية بعرض جمع بعض المدخرات وإقراضها للحكومة عن طريق بيعها سندات حكومية طويلة الاجل وعندما عرف الناس هذه الحقيقة وتوقفوا عن التعامل مع هذه البنوك عملت الحكومة على اغلاق البنوك الاخرى وإجبار الناس على التعامل مع بنك واحد فقط تم تسميته بالبنك المركزي

و لأنها كانت فاسدة وغير فعالة وغير  كفؤة... و تحت ضغوط الناس والقوانين الاقتصادية تم المحافظة على البنك المركزي ولكن بوظائف محدودة وهي اولا اصدار النقود الورقية والتي يجب القبول بها في الداخل بقوة القانون وثانيا تحديد قيمة هذه العملة امام العملات الخارجية أي سعر الصرف وثالثا  في حال عدم وجود نظام مصرفي متطور مساعدة الحكومة في إدارة اصولها.

وعلى الرغم من عدم قدرة البنك المركزي على القيام بهذه الوظائف بكفاءة معقولة تم إضافة وظائف اخرى وهي الاشراف على البنوك التجارية بهدف توفير موارد إضافية.

ايها الاغبياء ان البنك المركزي اليمني كان له في الواقع وظيفة واحدة وهي اصدار النقود الورقية وقد فشل في ذلك أيام السلم فقيمة الريال في الستينات اكبر من الدولار والان انتم تعرفون ما هي قيمة الريال فان كان أداء البنك المركزي اليمني على هذا النحو في ايام السلم فماذا يستطيع ان يعمله في أيام الحرب .

أيها الاغبياء أنه يمكن القول ان تعطل عمل البنك المركزي اليمني خلال الحرب فلم يعد  قادرا على طباعة النقود  و هو الذي جعل بقاء قيمة الريال عند هذا الحد.

أيها الحلفاء فإن كنتم قلقون على اليمن فلا تحيوا البنك المركزي الميت فإحياؤه يعني إطالة أمد الحرب وتدمير الاقتصاد فلا نريد مساعدتكم هذه فالمساعدة التي يطلبها اليمنيون هي إيقاف الحرب فان لم ترغبوا في ذلك فالرجاء الرجاء التوقف عن توفير موارد جديدة لها فستتوقف من ذات نفسها .فإحياء البنك المركزي على هذا النحو هو اطالة للحرب فان لم تفهموا فأي غباء انتم فيه.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص