السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
لا أظنك تنتظر توكل كرمان
الساعة 18:30
أحمد طارش خرصان

لم يعد يتذكره أحد، كلهم مروا من أمام جرحه ووجعه 
توسدوا لا مبالاتهم وارتحلوا بعيداً صوب جنانهم المنتظرة ودنياهم التي اتكأت على وجع وأحلام هؤلاء
أولئك الذين منحونا كل شيء
وظلوا هناك 
بعينين دامعتين تُساقطُ جمراً مالحاً وأنيناً مخضباً بحرقة خيبتنا وأطلال أمواجنا المهزومة .
لم يتذكره أحد
لكنه يجيد تذكيرنا وبيقين من يقدم دليلاً دامغاً على خيانتنا لأحلامه وحنجرته التي أذبلها جفاف الرجال وقحط المروءات ...

هو هناك 
مثل أيّ عابر في الموت والنهايات الخاسرة
ومثل أي فتى 
اعتصرته الخطوب ومضغته النوائب ، ليعيش متفرداً بكونه النهار الذي لم تغب أغانيه ولم تنضب قناديله..
تركناه وحيداً في الزقاق اليتيم

يقاوم قلة مروءة الثورة ويتجرع مرارة النظر إلى أحلامه وهي تشنق واحداً تلو آخر
دون أن يستثير صراخ أحلامه المعلقة على أعمدة الموت ، بقايا نخوة ظلت الطريق ، أو بصيص حميّة انسل من جيوب الخيانة والتخمة اللقيطة...
لم يتذكره أحد
نحن .. أولئك.... هم .....
الفارون من ألم الحقيقة وجلل الخديعة والوهم 
الفندقيون المتخمون بالأرصدة والنعوت الوطنية الساقطة في وحل الكذب والزيف...
وحيداً تركناه 

لا فضاءات قادرة على استقبال نظراته المتشحة بالعتمة ، ولا جغرافيا قادرة على إبانة معالم دنيا ، يبدو أن الفندقيين اطمأنوا لوضعياتهم المعطوبة وجغرافياتهم البديلة ... فتركوه في الزقاق اليتيم .
ما يزال هناك
عيناه مثبتتان على باب منزله الذي تعلم كيف يدير الأكاذيب..؟ ويتعامل مع الأوغاد الذين عبروه ذات يوم .. ممتلئين بوعود وأكاذيب إنسانية زائفة

لا زال يتأمل القادم من الجهة التي وجهت صوب عموده الفقري رصاصات الخيانة 
المنطلقة من فوهة بندقية الثورة..

إنها إب 
روحك يا حلمي الورافي
ثمة شبه بينك وبين إب
كلاكما قعيد.. يا صديقي
لكنك أقوى وأقدر على مقاومة اليأس
كل من خانك فرّ
وكل من ذرف وعداً فوق الغطاء الذي كان - يغطي قدميك المشلولتين - ويستر عورات ثورة تركت أبناءها وحيدين وبلا سند.... فرَّ أيضاً ....

هم هناك...
وأنت هنا...
لا أظنك تنتظر توكل كرمان ، فلم تعد بحاجة لأن تلتقط جوارك صورة فوتوغرافية ، ليتلقفها الملتصقون بموائدها 
ويصنعون منها مجداً وخلوداً أبدياً...
نعم
توكل كرمان يا حلمي......
تذكرْتَهَا 
هذا ما أقرأه في عينيك
وأقرأ أشياء أخرى
لن أتحدث عنها اليوم
ربما سأحكيها ذات ليلة مكتملة الوجع. 

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص