السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
يوم في المدينة القديمة
الساعة 20:01
أحمد طارش خرصان

أن تكون في مدينة إب القديمة وقريباً من روحها المتوزع أنصافاً بين أبنائها وأزقتها العامرة بروائح الأصالة والبساطة ...
البساطة التي تمنحك التوغل في عوالم ضاجة بالحياة غير المتكلفة .
أتجول في أزقة المدينة القديمة ، مستعيداً ما خبأته الذاكرة في زواياها الجافة ، ومرويات فتىً وجد نفسه - اليوم - وإب في قبضة السوء ، والرغبات الصادمة لتوق مدينةٍ ، هاهي اليوم تذبل دون أن تجد من يصرخ أو ينتصر لرغبتها في أن تعيش حياتها بعيداً عن كل هذا السوء المخضب بالعنف والدماء والجثامين التي تلجها ، آملة في ضريحٍ ما وأسرة - ولو مستعارة - لتواريها الثرى وتمنحها موكباً جنائزياً لائقاً .

تغيرت المدينة القديمة كثيراً ، لكنها ظلت محتفظةً بروحها المليئة بالتهكم والطرافة ، ولعل البداية كانت هناك إذ بادرنا أحد الصبية إثر توقف ( الباص ) الذي كان يقلّنا قائلاً : ( أغَسَّلْ البَاص )
ليرد أحد المارَّة قائلاً : ( مُوْ تِغَسِّلُه... ماهوش جنابةْ ) .

هكذا تمنحك المدينة مفتتحاً لوقتك الذي ستقضيه مابين التأمل وما بين تناول وجبة غداء في مطاعمها البسيطة والمزدحمة ، والتي تختزل الحياة في نفر سلتة ، ربما يصلح لأن يكون برنامج حمية غدائية لمن يخشون السمنة ، لا يشكك كل من زار المدينة في قدرته على أن يدفعك للإستغناء عن وجبتي ( العشاء والإفطار ) حتى ظهيرة اليوم التالي .

تمنحك مطاعم المدينة القديمة إحساساً بالقيمة الحقيقية للتكافل الإجتماعي ، وصورةً واقعية لنمط الحياة في مدينةٍ ، لا تجدُ حرجاً في أن تشاركك وجبةَ الغداء - حتى ولو لم تعرفك - وبما يبث في روحك الألفة والشعور بالحميمية ، وكأنها تقدم لك تذكرة عبور إلى عوالمها وفضاءاتها بالغة الفرادة .
كان الربادي حاضراً في تفاصيل المدينة وأزقتها ، كبطلٍ أسطوري منح هذه الرقعة المكتظة بالموجوعين حياةً مختلفة وأحلام وطنية ونقية صرفة ، ربما ظل عبدالله الربوعي الأكثر وفاءاً لذكراه ومواقفه العظيمة .

لم يعد المنبر - الذي غادره الربادي - قادراً على الدفاع عن الأحلام والأهداف العظيمة ، فاكتفتْ المدينة بأن علقتْ صورته الفوتغرافية على مدخل الباب الكبير كتبتْ عليها هذه العبارة ( الإسلام دين الحربة والعدالة الإجتماعية ) ، كنوع من تحية عابرة ، ربما تختزل ما آلت إليه المدينة القديمة وقد ملأها السأم .

في الجامع الكبير وقد شارف سقفه على الإنهيار ، يحضر الإهمال والعبث ويغيب مكتب الأوقاف بالمحافظة كأسوأ راعٍ ، لا يتورع في أن يصرف الملايين وأراضي الأوقاف في غير مصارفها المخصصة ، كرشوةٍ قد تبقي عبداللطيف المعلمي مديراً عاماً لأوقاف إب ، لكنها لن تكون قادرة على منحه النجاة أمام من لا يعجزه أحد جلَّ في علاه .

يبدوا أن المعلمي يمعن في الإستهتار بواجباته تجاه الجامع الكبير ، وبيقين من امتلك الحصانة من أن تطاله يد السخط والتبرم من ممارساته . ومهما قيل عن محاولاته الخجولة لإنقاذ سقف الجامع الكبير فإنها تظل سيئة قياساً على تلكم المحاولة الكارثية والتي انتهت بسقوط وانهيار منارة أحد الجوامع القديمة في المدينة القديمة ، وهو ما يدفعنا إلى إبداء الخوف على الجامع الكبير وبما يؤدي إلى التشويه والعبث بجزئيات وتفاصيل الجامع التاريخية ، ولعل ذلك ما دفعني لأن أطلب من قيادة السلطة المحلية إرسال لجنة هندسية لتقييم الأضرار التي لحقت بالجامع وإيجاد الحلول السريعة حتى لا تقع الكارثة .

.......
( توضيح )
وصلني توضيح ربما يشبه رداً من رجل الأعمال أحمد البصير حول ما كنت تناولته في مقالات سابقة ، حول قيام مكتب الأوقاف بتأجيره أرض لإقامة مشروع استثماري ( مشروع سكني ) بمدينة إب ، حيث أكد البصير على أن الأرض خصصت لإقامة مشروع سكني بموجب العقد المبرم مع وزارة الأوقاف بتأريخ 2005/7/18م ، والذي تم بإستكمال إجراءات التأجير في مكتب الأوقاف بإب بتأريخ 2012/3/4م ، وكان منا فتح باب المساهمة في حينها لكل من يود المساهمة في هذا المشروع الذي يستفيد منه ما يقارب ( 1700 ) أسرة .

وقال البصيرإنه سيبدأ العمل في هذا المشروع وإنجاز ما نسبته 15% من إجمالي المشروع كبداية أولية ، نتيجة لعدم توفر المساهمات الكافية لإنجاز المشروع كاملاً .
وقال البصير إن كافة الترتيبات والإمكانات من حديد ( 1100) طن وإسمنت ( 56000 ) كيس ، داعياً الجميع إلى المساهمة في المشروع سالف الذكر .

وأضاف رجل الأعمال أحمد علي البصير أن هناك وجال أعمال أحجموا عن المشاركة والمساهمة في المشروع ، إستجابة لمخاوفهم من الأحداث التي عصفت باليمن ، وهذا ما دفعنا إلى تأخير العمل في المشروع .

وختم البصير توضيحه بالقول إن قيمه ومثله يحتمان عليه الصدق في تعامله ، وإن المشروع لن يكون محاولة للسطو على ممتلكات الأوقاف - كما صورتها أنا - وأنه على كامل الإستعداد لإزالة أي لبس فيما يخص المشروع وإطلاع الرأي العام على كل ما تم إنجازه حتى اللحظة .

......
لم يكن أمامي سوى نشر التوضيح ( الرد ) والتقدم بالشكر لرجل الأعمال أحمد البصير والذى كان أكثر تهذيباً في رده وتوضيحه .

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص