الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
علي بارجاء
هل رست السفينة على الجودي؟
الساعة 18:44
علي بارجاء

- امتد تأثير حركات التحرر الذي بلغ مداها معظم الأقطار العربية ليصل إلى اليمن التي كانت أشتاتا متفرقة يحكم شمالها النظام الإمامي ويتوزع جنوبها بين بريطانيا التي تحكم عدن،يكتبها: علي بارجاء - 
امتد تأثير حركات التحرر الذي بلغ مداها معظم الأقطار العربية ليصل إلى اليمن التي كانت أشتاتا متفرقة يحكم شمالها النظام الإمامي ويتوزع جنوبها بين بريطانيا التي تحكم عدن، وسلطنات ومشيخات في لحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة، الواقعة تحت الاستشارة والحماية البريطانية.

 

وسرعان ما تجاوبت القوى الثورية التي تشكلت في تنظيمات وأحزاب مع التغييرات السياسية؛ فحملت على عاتقها واجب الثورة على الأنظمة القائمة التي ظلت عائقا أمام أي تحولات حقيقية للتطور والنهضة وتحقيق الحرية والعدالة والمساواة والعيش الكريم للشعب الذي ظل يعاني، ويتوق للحياة كغيره من الشعوب في الدول المتقدمة؛ وبخاصة أنه شعب يشهد التاريخ على حضارته العريقة التي أسست لأول نظام شوروي، وعرفت تقدما اقتصاديا وتجاريا در عليها الثروات، ناهيك عن ما تحظى به اليوم من ثروات كفيلة بجعله كجاراته في الجزيرة والخليج العربي.

 

وانطلقت الثورة في شمال الوطن ثم في جنوبه، وهب الشعب مؤيدا ومناصرا لأنه رأى فيهما وفي أهدافهما ما ينتشله من واقعه الرديء؛ ولكنه لم يجد فيهما غير الصراعات والأزمات والاقتتال بين قياداتهما في كل شطر على حدة، ولم يكن هذا الصراع سوى صراع على السلطة، وبين آيديولوجيات غريبة قادمة من خارج الحدود، وكل يحاول أن يفرضها على الشعب بالترهيب حينا وبالترغيب حينا آخر. وظل الصراع والاقتتال بين شمال وجنوب وبين نظامين أحدهما كان مشرقا والآخر مغربا.

 

ومضت على الشعب سنون لم ير شيئا مما كان يحلم به يتحقق على الواقع؛ بل كان يسمع شعارات وحسب، ويعيش تحت سطوة نظامين لا يقلان تسلطا عن الأنظمة السابقة، حتى ضجت الأمة وصار الشعب في الشمال والجنوب يحنان للأيام الخوالي، وكنت أسمع من يقول: (سلام الله على أيام بو نقرز) ويقصد أيام حكم بريطانيا لعدن.

 

وحين فشل النظامان في النهوض كانت الوحدة هي المخرج والحل لبناء الوطن الحلم.
حين تحققت الوحدة كانت فرحة الشعب لا توصف، ولكن تحولت بفضل تصرفات المسكوت عنهم إلى عذاب لا يطاق، وبخاصة بعد حرب صيف 94م المشؤومة على الجنوبيين حيث حولتهم إلى أتباع، ووصفوا بأنهم صوماليون وهنود حتى يبرروا عدم أحقيتهم في الأرض والثروة؛ فراح المتنفذون والفاسدون يعتدون على الممتلكات العامة ويحولونها إلى ملكيات خاصة بهم، كما أحكموا السيطرة على الثروات وبخاصة النفط منها، وصارت عائدات الحقول النفطية تذهب إلى الجيوب، إلا القليل منها الذي يتفضلون به على خزينة الدولة. كل ذلك وغيره كثير جعل الجنوبيين يطالبون بفك الارتباط، في ظل تمسك الشمال بها وترديد شعار: (الوحدة أو الموت).

 

بعد ثورات الربيع العربي التي لم يسلم منها اليمن رفعت شعارات هي الشعارات نفسها بتحقيق العدالة والمساواة والحرية، وحلا للأزمة السياسية التي نتجت عن الثورة أحيطت بالمبادرة الخليجية التي كانت طوق نجاة تحفظ اليمن من الوقوع في حرب أهلية، ورضيت أطراف الأزمة بالتوافق، وكان الحوار الوطني الشامل هو السفينة التي وعد الشعب أنها هي التي سترسو به على الجودي.

 

وظل الشعب خلال الثلاث السنوات يترقب لعله أن يرى شيئا يتحقق، فخاب ظنه.
وكان طبيعيا أن يرفع الشعب مطالبه بتغيير الحكومة وإسقاط الجرعة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ليحقق أحلامه التي تحولت إلى شعارات وأضغاث أحلام.

 

وكان جدير أن تجد هذه المطالب التأييد الشعبي والطريق إلى التنفيذ، فلا يوجد حل لكل مشكلات اليمن سوى القضاء على مراكز النفوذ والفساد الذين أنهكوا البلاد والعباد ووقفوا عائقا في طريق تطورها وتنميتها وتحديثها.

 

فهل نطمئن أن ما حدث وحسم بتوقيع اتفاق السلم والشراكة يجعل الدولة قادرة على أن توصل سفينة الوطن إلى بر الأمان، وترسو بها على الجودي؟ فتتحقق أهداف الثورة اليمنية التي أخطأت الأنظمة السابقة الاهتداء إلى سبل تحقيقها؟

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص