الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
نجيب محمد سعيد
بين الـجُرْذَان والأفَاعِي .. ضاعت بلادي!
الساعة 21:13
   نجيب محمد سعيد

الحرب العبثية المدمرة البغيضة التي نشهد فصولها كل يوم وكل ساعة؛ أكلت الأخضر واليابس.. دماؤنا تُسفك وتُستباح، وأرضنا ومدننا وقرانا تُدمّر وتُحرق، ويموت أطفالنا وشبابنا ورجالنا ونساؤنا كل يوم، وتُدمّر مقدرات وثروات البلاد واقتصادها الهش، وبنيتها الضعيفة المتواضعة، في مشهد أقرب إلى الجنون، بل هو الجنون ذاته ، جنون السلطة والحكم والسيطرة والاستحواذ على البلاد والعباد، ولو على نهر جار من الدماء الطاهرة البريئة واشلاء الضحايا من البشر والشجر والحجر التي تسقط وتتناثر كل يوم أمام مرأى ومسمع الجميع من طُلاب السلطة والمتناحرين عليها من الجرذان والأفاعي، من تُجار الحروب والدماء في البلاد ممن يدعون بأنهم حُماة حمى الشعب ومصالحه وأمنه واستقراره، ومن أسيادهم في الإقليم والعالم الذين اتخذوا منهم أدوات للصراع نيابة عنهم ، ولكن في ساحة بلادهم المنكوبة بهم اصلاً، وعلى حساب شعبهم الذي أفقروه وجهّلوه وقتلوه، والذي شبع حتى النخاع من ويلات حكمهم وجنون عطشهم للسلطة والاستحواذ والنفوذ والقوة، الشعب الذي كما يقول الأديب خالد الرويشان "مكافحاً يعيش على الرمق! 

يحتسي أحزانه بكبرياء ويأكل من لحمه الحي! "، فها هي اليمن اليوم بفعل جنونهم وجهلهم وحساباتهم الخاطئة ساحة حرب ودماء يدفع الشعب الذي أفقروه ونهبوه واغتنوا على حسابه، فبنوا القصور الفارهة وركبوا السيارات الحديثة المدرعة واستثمروا أموال الشعب المسروقة لحسابهم في الداخل والخارج ، ها هو هذا الشعب المكافح والصبور يدفع من دمه وعرقه وقوته ودماء أبنائه وبناته ورجاله واطفاله ومستقبلهم، يدفع فاتورة جُرمهم وهوسّهم بالاستحواذ على السلطة، ويدفع فاتورة حربهم البغيضة القذرة وصراعهم على كرسي الحكم القبيح ،الذي ليس للشعب فيه ناقة أو جمل . لقد أوصلت قوى المصالح والصراع والحرب ومشروعاتها المدفوعة من الخارج ، أوصلت اليمن وشعبه إلى الموت والمجاعة والبؤس والمذلة والمرض، وحافة الانهيار، بل إلى الانهيار بعينه ، فلا حديث اليوم في وطني غير حديث القتل والموت، السلاح والدمار، الدماء والقبور .. 

وصدق الشهيد الثائر الشاعر محمد محمود الزبيري في "صرخته إلى النائمين" ، التي كتبها في عدن في العام 1945م حين قال :
ماذا دهى قحطان؟ في لحظاتهم
بؤسٌ, وفي كلماتهم آلامُ؟
جهلٌ وأمراضٌ وظلمٌ فادحٌ
ومخافةٌ, ومجاعةٌ, وإمامُ؟
وقوله ايضا :
نثروا بأنحاء البلاد ودمروا
عمرانها , فكأنهم ألغامُ
أكلوا لباب الأرض ,و اختصوا بها
وذوو الخصاصة واقفون صيامُ
وكأنهم هم أوجدوا الدنيا وفي
أيديهمُ تتحرك الأجرامُ . 
وما أصدق أيضاً العملاق "البردوني" يرحمه الله حين قال :
يا رفيقي شدّ في كفي يداً         ......    ننفض غبار الذل والأتعاب
فهنا هنا اليمن الخصيب مقابر   ......    ودمٌ مباحٌ واحتشاد ذئاب .

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص