الجمعة 29 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 28 نوفمبر 2024
معزوفة الأحزان - فيصل البريهي
الساعة 12:32 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


قَبِّلْ يَدَ الآلام شِعراً ألَمْ
تعلمْ بأنَّ الشَّعرَ أشهى ألمْ؟!

 

ألَمْ تَكُنْ قبل انتشار الضُّحى
نجماً يُواليهِ احتشادُ الظُّلَمْ؟!

 

ألمْ ترَ الأطيافَ في خافقي
تجتاح أجوائي كغيمٍ ألمْ؟

 

لا...لم يُلِمَّ الحزْنُ بي مثلما
بالحزْنِ قلبي وحدهُ قد ألمْ

* * *
 

آويتُ أرواحَ المعاني إلى
صدري كما يُؤوي الحروفَ القلمْ

 

في واحة المعنى شربتُ الهوى
طفلاً تربَّى في دمي واحتلمْ

 

من الأسى والشوق في مهجتي
والحبِّ والإيمان تحيا أُمَمْ

* * *
 

وافيتُ أبواب المدى شاعراً
يزري بهِ همٌ ويؤيهِ همْ

 

مثل الدُّجى يَمٌّ بلا مُبحِرٍ
أو مُبحرٌ كالضُّوءِ في غير يمْ

 

فردٌ يمانيُّ الهوى والأسى
في وجههِ من كلِّ طيفٍ علَمْ

 

تلقاهُ في كلِّ الدروب التي
يسعى عليها كالكفيف الأصمْ

 

ينقادُ في أحضان مأساتهِ
مستنجداً بالريح كالمتَّهمْ

 

لأنَّهُ نجلُ التراب انثنى
منهُ غباراً كي يطالَ القممْ

 

لم تُبكِهِ الأحزان يوماً ولم
تشهدْهُ في وجه السرور ابتسمْ

 

حتى استقال الخوفُ الأمنُ مِن
دُنيا الذي في وجهها ما انهزمْ

*******
 

لا تبتسم يا دهرُ لي إنَّني
نسلُ الأسى والحزنِ منذُ القِدَمْ

 

لم يعرفِ البسْماتِ عمري ولا
في خاطري طيفٌ لها قد رَسَمْ

 

لي مِن تُرابِ الأرض أصلٌ ومِن
أكدارِها لي ألفُ خالٍ وعمْ

 

تأويهتي من نسل إعصارها
وفي الحشا بركانها والحِمَمْ

 

أحيا عليها وهي مثلي...بَها
مابي...كموجٍ تائهٍ في خِضَمْ

 

مِن آدمٍ يأتي الأديمُ الذي
قد أخصبتْ فيهِ بذورُ النِّقمْ

 

لحن الأسى ظلَّتْ مواويلُهُ
في مسمعِ الدنيا كأجلى نغمْ

* * * *
 

معزوفة الأحزان تمشي على
إيقَاعِها الأعمارُ مَشْيَ الدِّيَمْ

 

حسْبَ اتجاهاتِ الرِّياحِ التي
لم تتَّبعْ قانون(لا-أو نعمْ)

 

تنسابُ والآفاقُ في وجهَها
مفتوحةٌ...مشحونةً بالهِمَمْ

 

لكنها رغم انفتاح المدى
عمياءُ في جوٍّ شديد العَتَمْ

 

مختالةٌ في شِبْهِ غيبوبةٍ
لم تَصْحُ من نومٍ!! كما لم تَنَمْ

 

تغفو وللإحلام في نفسها
مِن وطْئِها وقْعٌ كوقْعْ القَدمْ

 

تصحو وتغشاها كوابيسُها
في شكل شيطانٍ لهُ ألفُ فمْ

 

أعمارنا تقتات أهواءنا
مائيّةً من غير طعمٍ وشمْ

 

يا للنِّفُوسِ الجائعاتِ التي
كمْ أوْلَمَتْ فيها الخطايا وكمْ

 

مِن لذَّةٍ أفنتْ إلى لَذَّةٍ
تأتي...ويقتاتُ الشعورُ النَّدمْ

 

لكنَّها ما أشبعتْ فاقةً
منها...ولم يُطفئْ لظاها السأَمْ

*******
 

ما أبعدَ الدُّنيا عنِ المشتهى
في قلب مَن منها استقى واستحمْ

 

فالقلب جرحٌ في الحشا مُزمنٌ
إن ذابت الأشواق فيهِ الْتَئمْ

 

يا مُغريات العيش لولا الهوى
في الناس لم تُعرَفْ معاني القِيَمْ

 

لولا المنى نحيا بها لاحتوى
في شكلهِ الإنسان معنى الصنمْ

 

لكنِّها الأقدار أوحتْ لنا
بالسَّعي في دربينِ مدحٍ وذمْ

 

تلك انفعالات الحياة التي
لمْ يبتلعها واقعٌ أو هضمْ

 

استخلصتْ كلَّ المعاناةِ في
دربٍ بهِ وجهُ الحياة اتَّسَمْ

 

وسوف تبقى في حياة الورى
أنشودةً في البدء والمختتمْ

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص