- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- قطر اجبرت الحوثيين على ايقاف الحرب في البحر الاحمر (تفاصيل)
- مصادر: علي حسين الحوثي وراء اعتقال موظفي الأمم المتحدة
- خلايا وهمية وإعدامات سريعة.. كيف يبني علي حسين الحوثي إمبراطوريته الأمنية؟
- كوريا الشمالية تعلن اختبار نظام أسلحة جديد
- صادرات النفط الخام من كركوك العراقية مرشحة للارتفاع في نوفمبر
- علي بابا تُطلق مساعد دردشة بالذكاء الاصطناعي في كوارك لمنافسة عمالقة السوق
- باحثون يطورون علاجاً قائماً على الحمض النووي لخفض الكوليسترول طبيعيًا
- ناسا تحذر: الأرض تفقد قدرتها على عكس أشعة الشمس وتسخن بوتيرة أسرع
- «العدل الدولية» لإسرائيل: لا تُجوّعوا غزة
- اكتشاف فيروس جديد يستهدف واتساب ويب وينتشر تلقائياً بين المستخدمين
منذ سنوات، يعيش اليمنيون على أمل أن السلام قريب، وأن الحرب المشتعلة منذ عقد ستنتهي بجلوس الأطراف على طاولة واحدة، غير أن تصريحات القيادي الحوثي محمد البخيتي الأخيرة، التي أعلن فيها صراحة أن “الحل السياسي في اليمن لم يعد ممكنًا”، كشفت أن أمل الحل السياسي لم يكن سوى وهمًا كبيرًا، غذّته القوى الدولية والإقليمية، وصدّقته الحكومة الشرعية، فيما كانت مليشيا الحوثي تعمل بصمت على تهيئة نفسها لجولة جديدة من الحرب.
اليوم، ومع تصاعد الخطاب العدائي للحوثيين، وتزامنه مع بيان لتنظيم القاعدة يهاجم السعودية ويدعو إلى التحرك ضدها، تتضح ملامح المرحلة المقبلة، مشروع إيراني جديد لإعادة خلط الأوراق في المنطقة، عبر تفجير الوضع من الداخل اليمني باتجاه المملكة العربية السعودية.
تصريحات البخيتي الأخيرة لم تكن زلة لسان، بل موقفًا سياسيًا معلنًا يمثل توجّه المليشيا ككل، فقوله بأن “الحل السياسي لم يعد ممكنًا” يعكس قناعة راسخة لدى قيادة الحوثيين بأنهم أصبحوا قوة فوق القانون وفوق الدولة، وأن المجتمع الدولي لن يجرؤ على محاسبتهم بعد أن واجهوا، حسب زعمهم، “تحالفًا عالميًا” من أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
الغارات الجوية التي استهدفت مواقع حوثية في الحديدة وصعدة خلال الأشهر الماضية منحت الجماعة شعورًا زائفًا بالقوة، فبدل أن تدفعهم إلى مراجعة حساباتهم، جعلتهم يتوهمون أنهم باتوا رقمًا صعبًا على المستوى الإقليمي، وأن العالم مجبر على التعامل معهم كـ"دولة أمر واقع".
ومن هذا الوهم، نشأ إعلانهم عن انتهاء الحل السياسي، وتحوّل خطابهم إلى لغة الحرب والتعبئة العامة، والدعوة إلى “تحرك شعبي من صعدة إلى المهرة”، في إشارة إلى استعدادهم لاجتياح مناطق الحكومة الشرعية من جديد.
المؤسف أن الحكومة اليمنية، ومعها الوسطاء الدوليون، استمرت في الرهان على نية الحوثي في السلام، رغم أن كل المؤشرات كانت تؤكد العكس، فمنذ اتفاق ستوكهولم إلى مشاورات مسقط، كانت المليشيا تستخدم لغة “السلام” كوسيلة لالتقاط الأنفاس، والحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية، دون أن تقدّم تنازلًا واحدًا في الميدان.
حتى الهدنة الأممية تحوّلت إلى فرصة للحوثيين لإعادة ترتيب قواتهم، وتطوير ترسانتهم الصاروخية والطائرات المسيرة القادمة من إيران، وهو ما أكدته عملية إحباط تهريب سفينة الأسلحة الإيرانية قبالة سواحل لحج مؤخرًا، والتي كشفت عن صواريخ كورنيت وطائرات مسيرة ومواد إيرانية مزدوجة الاستخدام.
إن استمرار تدفق السلاح من طهران إلى الحوثيين يعني ببساطة أن خيار الحرب لا يزال هو الخيار الأول والأخير للجماعة، وأن أي حديث عن “خارطة طريق سياسية” ليس إلا غطاءً لخداع المجتمع الدولي.
القاعدة والحوثي
المثير للانتباه أن بيان تنظيم القاعدة الذي هاجم السعودية، ودعا إلى استهدافها، صدر بالتزامن مع تصعيد الحوثيين ضد المملكة.
ورغم أن التنظيمين على طرفي نقيض مذهبيًا، إلا أن خطابهما الإعلامي والسياسي بدا منسجمًا في الجوهر، استهداف السعودية، وإرباك المشهد اليمني، وتفجير الصراع الداخلي من جديد.
هذا التزامن لا يمكن اعتباره صدفة؛ بل هو جزء من تكتيك إيراني متقن، تستخدم فيه طهران أدوات مختلفة "شيعية وسنية" لخدمة هدف واحد، وهو ضرب الأمن الإقليمي للمملكة العربية السعودية، وإفشال أي مشروع سلام في اليمن.
تقارير استخباراتية عدة أكدت أن إيران لا تزال تؤوي عددًا من قيادات تنظيم القاعدة، وتغضّ الطرف عن تحركاتهم، في الوقت الذي تواصل فيه دعم الحوثيين بالسلاح والمال والتدريب، وهي سياسة تعدد الأذرع التي تستخدمها طهران لإشعال النار من كل الاتجاهات، وتقديم نفسها لاحقًا كوسيط أو طرف "عاقل" أمام المجتمع الدولي.
الرسالة اليوم واضحة، الحوثي لا يستعد للسلام، بل للحرب، فتصعيده الإعلامي، ودعواته للتعبئة، استمرار تدفق السلاح الإيراني، والتنسيق غير المعلن مع تنظيمات إرهابية؛ كلها مؤشرات على أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة اشتعال جديدة، لا تقل خطرًا عن السنوات الأولى من الانقلاب.
وعليه، فإن الحكومة اليمنية والمملكة العربية السعودية مطالبتان بالتحرك الحازم قبل فوات الأوان.
الرهان على نوايا الحوثي هو رهان خاسر، ومجرد استمرار الحديث عن "خارطة طريق سياسية" دون معالجة حقيقية للتسلح الإيراني وتهديدات الجماعة، يعني إعطاء الحوثي الوقت اللازم لإعداد حربه القادمة.
ينبغي أن تتحول سياسة الردع إلى سياسة استباقية، وأن تُبنى رؤية جديدة تستند إلى الواقع لا إلى الأوهام.
فالحوثي لا يبحث عن تسوية، بل عن انتصار يكرّس مشروعه الطائفي، وإيران لا تريد سلامًا في اليمن، بل تريد دولة تدين لها بالولاء على حدود السعودية.
لقد آن الأوان للاعتراف بالحقيقة المرّة، أن ما كان يُسمّى “الحل السياسي في اليمن” لم يكن سوى وهم كبير، روّج له المجتمع الدولي، وشارك في تضليله الوسطاء الأمميون، وتورطت فيه الحكومة الشرعية بطيبتها السياسية.
أما اليوم، فإن الحوثي قد مزّق آخر أوراق هذا الوهم، وأعلن صراحة أنه لن يكون هناك سلام إلا بعد سقوط الدولة اليمنية الشرعية.
إن إدراك هذه الحقيقة هو الخطوة الأولى نحو بناء استراتيجية مواجهة واقعية، تعيد التوازن، وتحمي اليمن والمنطقة من حرب قادمة تُخطط لها طهران وتنفذها أدواتها على الأرض.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر