الاثنين 18 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الجمعة 15 نوفمبر 2024
مليشيا الحوثي تدمر اقتصاد اليمن
الساعة 00:57 (تقرير خاص/ وليد عبد الواسع)

كلما بدأت البلد بالخروج من عنق الزجاجة تعود الأزمات نقطة الصفر بسبب الأحداث الأمنية والتصارع من أجل السلطة.. اليوم الوضع المعيشي وصل إلى مرحلة الخطر, بعد سيطرة الحوثيين على السلطة.. ومنذ استفراد الجماعة المسلحة بالسلطة في إعلانهم الانقلابي يزداد الوضع الاقتصادي تفاقماً وصار ينذر بتدهور الأوضاع.. والمخاوف, من اتساع دائرة المأساة الإنسانية والفقر والبطالة وغياب الاستثمار, إضافة إلى شحة موارد الدولة, تزداد.

سيطرة الحوثيين على صنعاء، ومؤسسات الدولة العسكرية والمدنية جعل السكان محاولة التعايش بخوف وترقب مع الواقع، وتجاوزه.. لكن خزينة الدولة تعاني أزمة مالية تكاد تصل إلى مرحلة الانهيار بحسب خبراء اقتصاد، يخشون من تفجر الوضع الأمني إلى مستويات الحرب الأهلية التي لن ترحم المدنيين كما يقولون.

سياسات رعناء

خبراء اقتصاد يؤكدون إن الحوثيين فشلوا حتى في إدارة مؤسسات الدولة خلال شهر واحد فقط، وإدارة الخدمات العامة للسكان. وكشف تقرير حديث للبنك المركزي اليمني عن تراجع غير مسبوق في إيرادات اليمن من صادرات النفط الخام بلغ 37.2 في المائة، في نهاية العام الماضي لتصل إلى 1.673 مليار دولار، وأرجع الانخفاض إلى تراجع حصة الحكومة من الإنتاج إلى 17 مليون برميل من 24 مليونا في 2013، وتعتمد صنعاء على موارد المحافظات النفطية إذ إنها تفتقد لأي موارد طبيعية قومية لرفد خزينة الدولة.

إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الأمور قد تخرج عن السيطرة، وسينهار بشكل كامل، وفق محللين يشيرون إلى أن الحوثيين جماعة لا تهتم بمصالح الناس ولا تلتفت للمؤثرات الناتجة عن سياستها الرعناء.

تعميق الأزمات

وما يخشاه الجميع هو الانهيار الاقتصادي الذي بدت مؤشراته تلوح على وقع تحذيرات مراقبون من أن اليمن باتت اليوم على حافة الانهيار الاقتصادي، في حال استمرار (الفراغ الدستوري) الذي لن يكون في صالح اليمن، ويعمّق أزماته.

المبعوث الأممي لليمن، جمال بن عمر وصف الوضع بالخطير جدا وأن اليمن على حافة الدخول في حرب أهلية. وأكد أن الوضع الاقتصادي على حافة الانهيار وهناك أزمة سياسية في السلطة.

مفاقمة التحديات

وقد فاقم الانقلاب الحوثي التحديات التي يواجهها الاقتصاد في اليمن، الذي يحاول منذ سنوات العودة للاستقرار، حيث تعاني البلاد من الفقر ومعدلات البطالة المرتفعة ، وبحسب البنك الدولي فإن 54%، من سكان اليمن فقراء، في حين أن 45% منهم يواجهون صعوبة في الحصول على المياه والغذاء، وقد سجل الاقتصاد في اليمن نموا بـ4.8%، في عام 2013، بحسب بيانات البنك الدولي إلا أن التوقعات للعام الماضي أقل بكثير عند 1.19%، رغم أن الأرقام لم تصدر بعد رسميا.

وتدهورت الأوضاع الاقتصادية  في البلاد إضافة إلى المالية العامة للدولة. ويرى مراقبون أن الاضطرابات قد تؤثر على المنطقة المحيطة باليمن في حال تأثر مضيق باب المندب الذي يشهد مرور 8%، من عمليات الشحن حول العالم و4%، من ناقلات النفط، وأن ما يسمى الإعلان الدستوري للانقلابين الحوثيين سيفاقم من التحديات التي يواجهها الاقتصاد والذي يحاول منذ سنوات العودة للاستقرار الذي من دونه لن تتحرك العجلة الاقتصادية.

ثورة جياع

محللون اقتصاديون يحذرون من ثورة جياع قادمة؛ نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية وإعلان الأقاليم استقلالها، وعدم الاعتراف بالانقلاب الحوثي، وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور/ سيف العسلي- في تصريح صحفي- إن اليمن بات على مشارف الانقراض الاقتصادي وإعلان الإفلاس، محذراً من أن تقود الأوضاع المعيشية المتردية البلاد إلى تفجير ثورة جياع حقيقية .

واعتبر محللون أن عدم الاستقرار والحروب والنزاعات الداخلية كانت لها تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني؛ نتيجة توقف عملية التنمية وتدمير البنية التحتية وارتفاع نسبة الفقر، موضحين أن ردود الفعل الأولية على إعلان الانقلاب الحوثي تهدد بكارثة اقتصادية وثورة جياع.

وتوقع الخبير الاقتصادي عبد المجيد البطلي، أزمة غذاء نتيجة التدهور الاقتصادي على خلفية غياب الدولة وسيطرة جماعة الحوثي على مفاصل البلاد. وإن سيطرة الحوثيين ستفاقم أزمات البلاد.

أزمة إنسانية

ويؤكد تقرير الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة، تضرّر نحو 58% من سكان اليمن أي ما يزيد عن 14مليون من عدد السكان بسبب الأزمة الإنسانية الحاصلة في البلاد ، وتبقى الاحتياجات الأشد معاناة محصورة في انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية لدى الأطفال وعدم توفر مياه الشرب الآمنة ومرافق الصرف الصحي الملائمة، وعدم الحصول على الرعاية الصحية.

ويصف خبراء الاقتصاد اليمني بالـ"هش والضعيف" وإنه يشبه ما يمكن تسميته بـ "الاقتصاد الريعي" (الذي يعتمد على مصدر دخل واحد)، وهو بتلك الصفة يواجه صعوبات متعددة أبرزها اتساع مساحة الفقر، وتفشي البطالة، والنمو السكاني السريع، وشحّ المياه، والمشاكل المتعلقة بآلية الحكم.

وأوضح ان أي نظام قادم يجب أن يتخذ حزمة من الإجراءات والإصلاحات التي ستزعج النافذين داخل هذه الأنظمة التي لا تعمل حسابها للاقتصادي المحلي، وخلال الفترة الماضية، استخدم الحوثيين الحزمة السياسية، مستغلين موضوع الجرعة، وهذا الأسلوب ذاته التي سيستخدمه أي مكون.

 

وقال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، إن الاقتصاد اليمني يعاني من تدهور كبير، وقد يتجه لانهيار كامل، مشيراً إلى حالة من القلق ومن التوقف. وأضاف "الأزمة السياسية سببت حالة شلل للوضع الاقتصادي وهناك مؤشر مخيف في تعامل البنوك الخارجية مع البنوك المحلية، كما هو الحال في الاستثمار" ، ونقلت قناة الجزيرة عن «مسؤول يمني رفيع» قوله إن جماعة الحوثيين لن تكون قادرة على دفع رواتب فبراير الجاري للموظفين.

تعطيل وإعاقة

تقرير صادر عن الجهاز التنفيذي لتسريع استيعاب تعهدات المانحين في اليمن قال إن الفوضى السياسية والأمنية ما زالت تعيق تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وعطّلت وصول أموال المانحين إلى اليمن. وأوضح رئيس الوزراء المستقيل، خالد بحاح  أن الوضع الاقتصادي في البلاد يمر بمرحلة خطرة

مجموعة الأزمات الدولية أكدت على ضرورة دعم مجموعة أصدقاء اليمن التي تضم مجلس التعاون الخليجي وأعضاء مجموعة الثماني وممثّلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اليمن اقتصادياً لمنع الانهيار الاقتصادي.

وحذر مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في سبعة قرارات أصدرها في شأن اليمن، من أن الأزمة الإنسانية الحادة قد تتفاقم في حال عدم استعادة الاستقرار السياسي.

واعتبرت «مجموعة الأزمات الدولية» التي تتخذ من بروكسيل مقراً، أن القضية الأكثر إلحاحاً في اليمن تتمثّل في «وجود السلطة التنفيذية، إذ يُترك الفراغ في البلد الذي يترنّح أصلاً، على شفا الهاوية الاقتصادية من دون موجّه وعرضة لانهيار خطير».

وأكدت المجموعة في تقرير حديث عن اليمن، أن الحوثيين لا يستطيعون إدارة الحكومة من دون مشاركة الأحزاب السياسية، وهم في حاجة إلى دعم الجهات المانحة لمنع الانهيار المالي وتفادي كارثة إنسانية.

ويشير مراقبون إلى أن الوضع السياسي ألقى بظلاله السلبية على الوضع الاقتصادي الصعب في البلد، ما يحتّم على المجتمع الدولي المساهمة في منع الاقتصاد اليمني من الانهيار.

في حبن لا يزال الوضع الإنساني يمثّل تحدياً كبيراً يتطلّب اهتمام المجتمع الدولي ودعمه، والذي بدأ ينصرف باتجاه الأحداث التي شهدتها المنطقة، وبحيث أضحى الوضع الإنساني في اليمن أزمة منسية لا تلقى الاهتمام اللازم.

شرارة الجحيم

أزمات خلفها صعود المليشيا وسيطرتهم على السلطة أدت بدورها, إلى جانب عوامل أخرى يعاني منها الاقتصاد نفسه, إلى تسريع الأزمة الاقتصادية في البلاد على شكل تضخم بالديون، وتوسع عدم المساواة في توزيع الدخل، وانهيار الخدمات العامة الأساسية بالدولة.

أمام هكذا وضع يتصاعد القلق جراء الأحداث الجارية التي تعصف بالشارع اليمني، وانهيار للاقتصاد المحلي وأزمات تخنق حياة المواطن اليمني.. خصوصاً أنه لأشيء هناك يبشر عن مستقبل البلاد سوى شرارة حرب وشيكة  تكاد تقرع طبولها. 

وتعرب منظمة اليونيسف عن قلقها من الآثار الاقتصادية المترتبة على الأزمة الإنسانية. فيما يرى مراقبون أن الوضع يزداد سوءًاً وخاصًة عقب إخلاء معظم السفارات الغربية ومكاتب البنك الدولي، وهو الأمر الذي يحدث لأول مرة في صنعاء منذ عقود؛ حيث تسير الأوضاع في  اليمن بعد الانقلاب الحوثي الأخير على الحكومة والرئاسة اليمنية من تداعي القلق بمغادرة مثل هذه المنظمات الحقوقية وغيرها والتي لها دور بارز في تقديم الخدمات للمجتمع .

ومنذ سيطرة جماعة  الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر من 2014الماضي، تفاقمت الأزمات وساءت معها الأحوال وعلى مختلف الأصعدة. ووفقاً لأرقام البنك المركزي فإن الاقتصاد على وشك انهيار كامل, وشبح المجاعة يترقب عن قرب حياة اليمنيين.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص