السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
انتفاضة ال2 من ديسمبر سلخت الحوثي عن المجتمع وعرت مشروعه الصغير
يمن المستقبل
الساعة 15:17 (الرأي برس - خاص)

أقامت مؤسسة "يمن المستقبل" ندوة فكرية عبر برنامج (زوم) الخميس الساعة السادسة بتوقيت صنعاء واستمرت لأكثر من ساعة ونصف والتي تركزت حول ثلاث محاور.

الندوة هي الأولى بحسب مدير المؤسسة د.جمال الحميري ضمن سلسلة من الندوات لإبراز أهم معالم ورؤى انتفاضة الزعيم الصالح والأمين الزوكا زالتي كانت في ال2 من ديسمبر 2017.

حملت الندوة عنوان "ال2 من ديسمبر انتفاضة لاستعادة الهوية" تمثلت محاورها في الأسباب التي أدت إلى تفجير الانتفاضة محور أول، قراءة الموقف الإقليمي والدولي منها محور ثان، والأسباب الداخلية والخارجية لإعاقة الانتفاضة وافاقها المستقبلية.

المتحدثون حسب ترتيب المحاور د.طه الهمداني د. محمد الحميري د. عادل الشجاع، تم طرح أهم النقاط التي أدت إلى تحول المشهد من مدخلات ومخرجات ونتائج أدت إلى الانتفاضة ودور كافة الأطراف الداخلية والخارجية.

أهمية الانتفاضة لاستعادة الدولة

د. الهمداني شخصية قيادية لها باع طويل في منظمة المجتمع المدني التي كانت فاعلة بشكل كبير ولها أطرها القانونية، تحدث حول الأسباب التي أدت إلى الانتفاضة.

 

يقول: رغم الخسارة الفادحة في رحيل الزعيم علي عبدالله صالح والأمين عارف الزوكا إلا أن ذلك جعلنا نستشعر حجم الحدث ودور كل شهداء اليمن منذ ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر مرورًا بكل من سقطوا اليوم من أجل استعادة الدولة.

وأكد على أن ما أبرزته الإنتفاضة يأتي نتاج لعوامل عديدة اقتصادية وسياسية واجتماعية، ناهيك عن المسببات الخارجية.

وأضاف أن هناك ممارسات إيجابية دأب عليها الزعيم للوصول إلى إعمال النظام الذي كاد يفقد بريقه، وكان دائما ما يقدم نفسه على أنه سيظل جاهزًا للشهادة دفاعًا عن كل المكاسب بعد استشعاره المخاطر خاصة وأن الجميع كان قد بدأ يتآمر على تصفيته وكما قال الشهيد الزوكا. "إما حياة بشرف أو موت بكرامة".

 

نقض الاتفاقات وتهميش الشراكة

من النقاط الهامة التي ركز عليها الهمداني طريقة التعامل من جانب الحوثيين والتي لم تراعي أي رؤية وطنية أو شراكة حقيقية رغم إبرام الاتفاقات.

وكانت الاختلالات واضحة عبر تعطيل الدستور وتهميش مجلس النواب لتظهر الجماعة متعارضة مع كل هذه الأطر والمكاسب، وتَجسد ذلك من خلال استمرار العمل باللجان الثورية التي كانت أهم العوائق، مبينا أن هذا النهج مأخوذ من التجربة الإيرانية ونسخة من حزب الله اللبناني.

في ذات السياق أوضح الهمداني عدم تعاطيهم مع الواقع حيث بدأوا بالتعيينات بصورة مخالفة للشروط وإقصاء الآخرين والاستحواذ على الوظيفة العامة. إضافة للتضييق على الأحزاب وخنق الحريات والتدخل في أعمال الأحزاب بما فيها المؤتمر الشعبي وعدم إيمانهم بالتعددية.

قمع الموظفين المطالبين بالرواتب تحت مسمى أنهم مع العدوان والعمل على استمرار الحرب من أجل نهب الإيرادات ورفض كل مبادرات السلام.

تقويض النظام الجمهورية واستهداف أبناء المناضلين وهذا نابع من عدم الإيمان بالشراكة والارتباط بالمشروع الإيراني ارتباطا وثيقا.

إخضاع الموظفين لدورات مكثفة بالقوة وتغيير المناهج وهذه النقطة تم توضيحها بشكل مفصل من قبل الشهيد عارف الزوكا.

ثقافة الكراهية

عملت الجماعة على نشر ثقافة الكراهية وفرض مذهبها بالقوة دون مراعاة التنوع والاختلافات.

كما تعمدت الاستمرار في النهج الاقتصادي الغير سليم بالتوازي مع تفشي الفساد في كل مفاصل الدولة وهذا احد الأسباب التي دعت حزب المؤتمر إلى مراجعة الشراكة بشكل جذري.

أيضًا عرج على مسألة إيقاف الرواتب ومضايقة المزارعين ورجال الأعمال عبر إجراءات أثرت على القطاع الخاص ما أدى إلى رحيل العديد من رؤوس الأموال خارج البلد.

ثم أتى على موضوع المركزية وإلغاء الصلاحيات الواسعة ومحاولة اغتيال صالح المتكررة إلى أن وصل الأمر لمحاولة اغتيال احد أبنائه وانتهى الأمر باغتيال (خالد الرضي) رحمه الله.

محاصرة منازل أقارب الرئيس وأعضاء المؤتمر ومنع المشاركين في احتفال الذكرى 35 لتأسيس المؤتمر من الوصول إلى العاصمة صنعاء.

أخيرًا تسريب إحداثيات للطيران ومنها القاعة الكبرى واجتياح جامع الصالح وقتل بعض الجنود ونشر مسلحين على أسطح المنازل والتحريض ضد قيادات وطنية والزج بالأطفال في المعارك وهو ما كان يرفضه صالح رفضا قاطعا مطالبا بالحوار.

محاولة احتواء الحوثي

الورقة التالية. قراءة في الموقف الاقليمي والدولي من الانتفاضة حيث أكد د. محمد الحميري بأن الندوة جاءت في وقت نحن بأمس الحاجة إليها لتوضيح بعض الملابسات والنقاط.

يقول حاول صالح من خلال الشراكة والتحالف احتواء جماعة الحوثي بعيدًا عن الاختلافات العميقة من أجل الحفاظ على البلد ومكتسباته.

يضيف. لكن ذلك وجه بالرفض من قبل المملكة والأمريكان بعد انطلاق عاصفة الحزم وبضوء أخضر أعلن بشكل رسمي من واشنطن بمباركة أمريكية وتم إنشاء غرفة مشتركة.

يقول. صالح استشعر خطورة ما يجري على الصعيد الدولي والإقليمي وبدأ بالتوجه لإيقاف الحرب من خلال خطابات موجهة للإقليم وللخارج ومنهم (روسيا الاتحادية) لكن لا أحد استجاب لذلك.

ليس ذلك وحسب يؤكد الحميري أن الإحساس بفضاعة الكارثة جعلت صالح يعيد قراءة الواقع المحلي، وكان (حشد السبعين) في نظر مراقبين فاتحة للتغيير، وكانت روح المسؤولية مرتفعة لدى الرجل لكن الحوثي كان لديه طموحات واسعة استطاع صبغها بصيغة دينية دخيلة على الشعب اليمني.

ويشير إلى أن الانتفاضة جاءت لرفع الحصار ومحاولة إعادة اليمنيين إلى السلطة التشريعية (مجلس النواب) وهو ما اعتبره الحوثي خيانة ولم يراعوا ما قاموا به من تجاوزات طيلة الفترة الماضية.

كان هناك ترحيب سعودي إماراتي وكانت هذه الأخيرة قد دعت إلى دعم الانتفاضة حتى تعاد اليمن إلى المسار الطبيعي والمنظومة العربية لكن دون جدوى.

الموقف الأمريكي

يذكر الحميري بقوله. ما يعنيني هنا هو الموقف الأمريكي من كل الأحداث اليمنية منذ أوباما إلى  ترامب كانت السياسة مؤيدة للحرب على اليمن

لكن ارتفاع ضحايا المدنيين خلق نوع من الإحراج فتم مراجعة العلاقات وإيقاف شحنات أسلحة إلى السعودية قبل أن يتم إطلاقها من جديد.

مشيرا إلى أن ترامب كان قد اعتبر الحوثي جماعة إرهابية تستهدف أنظمة صديقة وحلفاء استراتيجيين وقد أوكلت مهمة الملف اليمني للجانب السعودي.

يواصل حديثه بأن الانتفاضة بدات ومعها بدأت بعض الأطراف دعوتها إلى ضرورة الحوار اليمني في ظل وجود تنديد واسع بالتعامل البربري من قبل هذه الجماعة.

وقد خلص د. محمد في ورقته إلى أن الانتفاضة كان هدفها إنقاذ ما تبقَّ من مؤسسات بعد أن عمدن الجماعة لاستهداف اليمني أرضاً وإنسانا.

مفهوم الانتفاضة

بدوره تحدث د. عادل الشجاع عن الأسباب الداخلية والخارجية لاعاقة انتفاضة الثاني من ديسمبر وآفاقها المستقبلية وبدأ بتعريف بسيط لمفهوم الانتفاضة المشتقة من انتفض ينتفض أي ارتعش وهي حركة شعبية واسعة.

يطرح الشجاع أن الانتفاضة جاءت بعد أن تمادى الحوثي ووصل الأمر إلى طريق مسدود بحيث يستحيل معه الاستمرار بعد أن سيطرة الجماعة على كل شيء.

يقول وعلى الرغم من صغر الحدث إلا أنه أعاد كثير من الأمور إلى نصابها وحقيقتها الثابتة بعد أن كانت قد استبعدت من النقاش العام. إضافة إلى إعادة  الاعتبار لمعنى الثورات الحقيقية.

وأشار إلى أن ثورات "الربيع العربي" كانت قد خلقت ممارسات عديدة غير مسؤولة وبلا وعي بالمالات غير أن هذه الانتفاضة أعادت المسار إلى حيث يجب.

ووصف تلك الأمور التي كان تم استبعادها بشكل أو بآخر بالركائز التي تقوم عليه الجمهورية والتي هُمشت كما أن الانتفاضة أعادت الحسابات للجمهورية والحراك الشعبي والنظام والديمقراطية.

ليس ذلك وحسب بل غيرت الرأي العام الداخلي حسب قوله بعد أن ظلت الرواية الحوثية هي المسيطرة. وعرت الجماعة التي كذبت أن اللجان الثورية غادرت المؤسسات وهي ما تزال تحت امرته.

إضافة إلى أن الانتفاضة أعادت تأطير العدوان الحقيقي والأخطر وهو العدوان الداخلي.

دلالات واضحة

تأتي أهمية الانتفاضة في النتائج وما حملته من  دلالات بحسب رصد الشجاع، وتأكيدها بشكل قاطع على الجمهورية والصراع مع الإمامة وتعرية المليشيا.

كما بين كيف استطاعت الجماعة السيطرة المطلقة على المؤسسات واختراق حزب المؤتمر الشعبي العام من خلال قيادات من الداخل وحصر عناصر القوة والضعف لديه، والاشتغال على تمزيقه؛ لذا أخفق المؤتمر وأتباعه في مواجهة هذه الجماعة لاحقًا واستمرار الانتفاضة.

لافتًا إلى أنه تم اختراق حتى مشايخ طوق صنعاء والعمل على تحييدهم أو ضمهم إلى صفه حتى أنه وقت الانتفاضة لم يقف منهم إلى أعداد محدودة جدا لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.

عوامل خارجية وداخلية

أسباب الإخفاق في مواجهة الحوثي منها داخلي ومنها خارجي. يقول:

طفحت الصراعات والثارات السياسية بين القوى المحلية بكل تشكلاتها، ما سهل على الحوثي التحرك بسهولة والانقضاض على جميع القوى بما فيها حزب المؤتمر.

وحمل الشجاع أطراف عديدة منها المجتمع الدولي والإقليمي اللذين ركزا على حزب المؤتمر وقياداته. حتى أن ضربات التحالف الجوية لم تكن لتستهدف مواقع الحوثيين وتحركاتهم بل المعسكرات التي ما تزال بقيادة المؤتمر.

انتهى في هذه النقطة إلى أن كافة العوامل توحدت لمواجهة المؤتمر خوفًا من أن يستعيد زخمه التنظيمي المرتبط بنظام جمهوري متكامل.

فالجميع كان ينتظر سقوطه وقد ضلل  الإقليم الرأي العام وترك فرصة للحوثي الذي لم يكن لينفرد لو لا هذا التماهي والتوطؤ فالجميع ساهم في دعمه.

النقطة الأهم التي كان قد أشار إليها الشجاع هي التذكير بدعوة سابقة حيث قال: كان يفترض أن تشكل لجنة للتحقيق في مقتل صالح والزوكا لكن قيادات مؤتمرية لم تتحرك بدليل أن هذه القيادات مستمر في هذا النهج حتى الآن.

وتساءل عن أسباب استمرار الشراكة مع هذه الجماعة التي تسعى لتقويض النظام الجمهوري وتجاهر بذلك.

هناك نقطة مهمة تم طرحها تستحق التوقف حيث قال: الحوثيون احتفوا حين قتلوا صالح بكل وقاحة، وهو ما لم يحدث مع اغتيال جون كنيدي ورفيق الحريري وحتى ياسر عرفات لأنهم يدركون أن لا أحد سيحاسبهم مؤكدًا على أن دم صالح ملك لليمنيين ويجب محاكمة القتلة.

نقطة على السطر

يقول الدكتور عادل استطاعت هذه الانتفاضة العظيمة على رغم قصر عمرها، سلخ الحوثي عن المجتمع تماما وتعريته وإعادة بريق الجمهورية بعد أن كادت هذه الجماعة طمس كل المفاهيم.

يعود ويذكر أن جميع القوى السياسية شاركت في واد صالح من خلال ربط قوة الحوثي بهذا الرجل دون مراعات التوسع الذي كانت تقوم به والفرص التي سنحت له واستطاع استغلالها بشكل مناسب.

يختم إلى أن ربط الحوثي بصالح يأتي لكون الرجل شوكة ميزان، وحائط صد منيع، والهدف هو إسقاطه حتى يسهل إعادة ترتيب المنطقة العربية وتقسيمها بحسب ما هو مخطط له، والبدء بعملية التطبيع، لذا حتى دعوات السلام التي كان يرددها صالح اعتبرت كفر وخيانة.

خلاصة هذا المحور هو أن تقاطع رؤية الداخل والخارج أدى إلى مقتل صالح من أجل القضاء على رؤيته الواسعة التي كانت ترفض تقسيم اليمن وكل أشكال التطبيع حتى آخر ساعة في حياته.

لقد كانت الانتفاضة بذرة حقيقية وستكون هناك انتفاضات قادمة ولا يمكن لعصابة أن تحكم هذا البلد بتلك الطريقة.

مداخلات وردود

د. جمال الحميري أكد على أن انتفاضة ال2 من ديسمبر كسرت حاجز الخوف لدى الناس وفتحت الباب على مصراعيه في مقارعة الإمامة.

كما أكد أن كلمة الزعيم ودعوته للانتفاضة لا تزال عالقة في الأذهان وهي دافع قوي للاستمرار في مقارعة هذه المليشيا كيف لا وهو الرجل صاحب الصوت القوي والشجاع والداعي للسلام  والاب الكبير لكل اليمنيين.

د. محمود اليمني. بدا معترضا على مصطلح الانتفاضة لافتا إلى أنها ثورة شعبية دعا إليها شخص بحجم الرئيس علي عبدالله صالح وأنها لا تزال فاعلة في الوجدان الشعبي وستحقق أهدافها.

كما حمل سقوط البلد والنظام مدخلات 2011 التي كانت العتبة الأولى لتوسع رقعة الحوثي على حساب المؤسسات القائمة.

محمد الشرح. ناشط وسياسي. شدد على ضرورة عمل توصيات والحصول على الأوراق المقدمة. وأضاف إلى ضرورة التركيز على الجانب العقائدي والتربوي لدى هذه الجماعة كما ذكر بأنه لا يختلف اثنان حول حكمة الزعيم وتعاطيه مع كافة القوى.

أ. محمد شنيف أحد القيادات السياسية البارزة أشاد بأهمية الأوراق المقدمة وكيف جاءت مركزة، وأشار إلى أن الانتفاضة هي بمثابة "خارطة طريق" وهي كانت دعوة لكل اليمنيين لإعادة الثوابت والانتصار للجمهورية حيث وأن أعداء اليمن موجودين باستمرار منذ قيام ثورة 26 سبتمبر وما قبلها.

أما محمد الشجاع صحفي فقد أكد على ضرورة بلورة مثل هذه الأوراق إلى ورش عملية ومحاولة تقديمها للمتابعين بدل النقاش الجانبي الذي أفرز صدام وصراعات غير محسوبة.

بمعنى ضرورة العمل الأكاديمي في توضيح الرؤى بدل الاعتماد على نقاشات سطحية تستهلك الحقيقة دون ابرازها.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص