الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
دكان باعويضان - صالح بحرق
الساعة 19:06 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

 أول عهد لي بدكان باعويضان كان في السبعينات.. عندما دخلت عدن لأول مرة لمواصلة تعليمي الابتدائي..
كان أخي الأكبر يعمل لدى التاجر الدوعني باعويضان.. في حانوت للمواد الغذائية.. يقع في شارع الصعيدي ويمتد إلى أيام الانجليز.. وكنت افد  إلى الدكان لاشاهد اخي وهو يعد الراشن لربات البيوت العدنيات وكلي شوق لملاحظة شميم الفتاة الهندية التي تحضر مع امها..كان زمنا جميلا تسمع فيه لغط الباعة.. وأبواق السيارات.. وأصوات زبائن المخبازة المجاورة.. أما في فترة المساء فكنت اشاهد لعبة كرة القدم في ملعب شمسان.. ويمر علي المساء في مكتبة الثقافة الجديدة.
كان دكان باعويضان مشهورا في المعلا.. وكان اخي الاكبر طوال اليوم يعمل  واقفا.. على رجليه.. ولم يكن ليجد حتى الوقت المناسب لاتحدث معه عن انطباعات زيارتي الى عدن.. وماهو الفرق بينها وبين الديس ..وفيما لو أنه سألني هذا السؤال لاجبته بأن الفرق شاسع بين الديس وعدن.. فلاتوجد في الديس فتاة مثل شميم.. ولكن هذه الأخيرة ماكنت لأجرؤ أن اقولها لاخي بل أظل أترقب وصولها إلى الدكان برفقة والدتها الفارعة الطول.
كان اخي يعامل الزبائن معاملة دقيقة تحسبا للاخطاء الوزنية أو السهو في عدم تسجيل الديون.. كان باعويضان يراقب اخي مراقبة شديدة مثل عادة التجار الدوعنيين المتميزين بالدقة في الحسابات.. والصرامة في العمل.. وكان اخي يرتدي أثناء العمل قرم ابو عسكري بدون جيب وعندما سألته لماذا لا ترتدي قميصا ذو جيب؟ فأجابني أن باعويضان يخاف من العمال أن يضعوا شيئا من النقود في جيوبهم اثناء انصرافهم إلى منازلهم.
كانت جميع متطلبات الأسرة من المواد الغذائية موجودة بالمحل.. بما فيها من العسل الدوعني والسمن البنادري والزنجبيل والالبان والحناء والكبزرة  والحطب. وتعد اللحظات التي تفد فيها شميم مع امها من اسعد اللحظات على قلبي الصغير الذي تربى في حضرموت ولم يشهد هذا السفور الجميل في عدن فأدخل الدكان مرتبكا.. ومتلصصا ..حتى إذا اخذت موقعي وسط الفرشة تأملت  ملامح شميم والاستماع  إلى طريقة حديثها مع اخي. ولكم تمنيت أن تطلب مني شيئا اناولها أياه.. لكنها كانت تحجم حياء مني.. وتظل بلفتاتها الرائعة تصوب بصرها الي في لحظات خاطفة.. وباعويضان لما يزل يزن ارطال السكر لزبونة من حافون.. وصباح عدن يمضي جميلا.. ويمضي بي لحن الحياة إلى تتبع شميم.. وهي تغادر دكان باعويضان.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص