الجمعة 20 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
يقول أبو عادل - عبد الباري طاهر
الساعة 10:01 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


الشاعر العميد علي محمد صالح العولقي من رجال ثورة الـ 26 سبتمبر، من الدفعة الأولى كلية الشرطة،  ومن زملاء الشهيد جار الله عمر، والفقيد أحمد علي السلامي، ومحمد عبد السلام منصور، وأحمد الكدادي، وأحمد مثنى، وعبد الله العلفي، وحمود زيد عيسى الذي كان ترتيبه في الدفعة الأول، كما أفادني العزيز علي محمد عبد المغني؛ وهو من نفس الدفعة التي ضمت كوكبةً من الرجال الأحرار الأفذاذ الذين لعبوا الدور المجيد في الدفاع عن الثورة والجمهورية، وأبلوا بلاءً حسناً في فك الحصار عن صنعاء، والتحق بهم أحمد الصياد، وأحمد الوادعي، وآخرون.
 

 والكلام عن الشاعر الشعبي المبدع علي العولقي يقتضي الإشارة أنه قد أصيب في الحصار برصاصة في رجله؛ ما سبب له عرجة خفيفة، وقد اعتقل في أحداث أغسطس 68.
في العام 1972 أرسل لنا الأستاذ محمد عبده نعمان الحكيمي بخط يده قصيدة "أبو عادل"، وقام الأستاذ محمد عبد الجبار- رئيس تحرير الكلمة  بنشر القصيدة بكاملها في العدد (6)،ص 54.
يقول أبو عادلْ الهاجس دفر دفرهْ      في ليل طايل حسبته في الجبل مسمورْ
من طول ما خفت اغتر في فجره      ولا يبان الضيا عندي من الديجورْ
يارب سالك تبدد هذه الغدرهْ     بصبح باهي يذكرني بلون النور
انتشرت القصيدة، وتحولت إلى ما يشبه البيان السياسي وإلى منشورات، وأعيد نشرها في صحيفة «الحقيقة» في تعز، وفُتش مقر «الكلمة» للبحث عن الأعداد.

 

كانت القصيدة- المنفستو- تشخيص عميق صادق ودقيق للحالة التي وصلت إليها الثورة السبتمبرية بعد انقلاب الـ 5 من نوفمبر 67، ولكنها أيضاً كانت إيذاناً بفجر جديد..
لكن عليَّ عارْ نبش قحطان من قبرهْ               وهز تبع وحمير جدنا المشهورْ
ما نتركش يارضنا لو تعظم القدرهْ      لو يرجع الفحل نعجهْ والثعال أنمورْ
ما نتركش  ساعات الضيقات والعسرهْ  ونفلتشْ والدسائس داخلش بتدورْ
يرسم صوراً كاريكتورية هازئة بالقوى الزائفة التي استولت على السلطة بدعاوى كاذبة. الضابط الذي قال: إنه نسف القصر من جذره، والشيخ المطالب بوزارة؛ لأنه تعب من ملاحقة ثور الحراثة، مدعياً احتلال صعدة لا بلاد حجور، بينما كان مع مَنْ زيَّدَ الأجرة (مرتزق)، والقاضي الذي يريد تسمير الكرسي على جحرهْ، والجامعي الذي وفَّى لها الجغرهْ، فصيح في النقد لكن  في العمل معذورْ، متمنياً لهذا الجامعي عدم التوفق في الدراسة؛ لأنه سيكون مفيداً لزراعة حقله.

 

العولقي كان يستشرف الآتي، ويستقري ضمير الغيب..
 قم يانقم بانقم ونعوِّد الكرهْ              للتلم ذي سيَّرُوه أعوج نرد الثورْ
وقل لغمدان يطلق من حموا ظهره      وردوا الخصم عنه من عراض السورْ
ويجو معانا نحمل راية الثورهْ             ونبشر الشعب بالشورى وبالدستور
ياشوقي أشواق من نجران لا شقره ْ     لبارق الصيف يبشرني الوطن ممطورْ
لا ماحضرته فلا  زدت ألبس  الوزره     وأشفيَ القلب  لاما ارويه بالمعشورْ
بعد خروجه من الاعتقال عين في الحديدة، وكنا معاً. كتب علي العولقي ديوانه كاملاً، وفيه قصيدة عن نجران وعسير والمخلاف، وهي قصيدة لا تقل روعة عن قصيدة "أبو عادل"، ولكن لم تنتشر انتشار الأولى. أعطاني ديوانه للاطلاع والبحث عن طريق للنشر، وحدثت اعتقالات نهبت فيها مكتبتي كاملاً بما في ذلك مخطوطات عديدة من ضمنها "ديوان أبو عادل"، ولا أدري إن كان الصديق العزيز يحتفظ بالديوان أو على الأقل ببعض منه؛ فقد انقطع التواصل بعد أن عاد إلى رداع.
العولقي من شعار العامية الكبار، وقد تناول أستاذنا الدكتور عبد العزيز المقالح قراءة قصيدته "أبو عادل" في رسالته للدكتوراه «شعر العامية في اليمن»، وثمَّنَ دورها في بلورة الوعي السياسي والنضالي، وقرأ فيها أنها أعلنت صراحة أن ثورة سبتمبر قد كفت عن الإضاءة، وأن الليل قد عاد؛ ليغرق اليمن بظلامه الكئيب؛ فتحية للشاعر الرائع أبو عادل، ولرائعته الخالدة .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً