الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
ازدراء قطرة ماء - إبراهيم لخليف
الساعة 17:00 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


قطرة ماء بحر تَحَيَّنَت الفرصة فانعتقت من عقالها. تحللت من شظف العيش التي كانت تعيشه مع مثيلاتها في وسط ينضح بملوحة استنائية وبتلوث مقيت، من وسط يحد كذلك من حرية التنقل وكأنها في حجر. قبل أن تنطلق ألقت، في تحد سافر، نظرة ازدراء عجلى على المارد الأزرق تعلن عن فراقها الأبدي له. رمت وراء ظهرها عذاباتها وسنوات القهر التي طبعت حياتها وسط اليَمّ، انطلقت في دلال لا يخفى نحو الطبقات العليا للجو تستشف الآفاق الرحبة. تزهو بفردانتيها وتحررها من كل القيود. صادفت هوى في حركة الهواء. فاستلقت في أخاديده، تذروها وتدغدغها، يأخذها في ثناياه بدفء. استمرأت الوضع واستحلت انسياببة نسائمه الهادئة. لكن في لحظة لم تكن تتوقعها اصطدمت بكتلة هواء باردة كانت تجوب الجو بحثا عن قطرات الماء المتمردة. ألقي في روعها. تجمدت في مكانها وألقي عليها القبض. صدر في حقها أمر باعادتها من حيث أتت. فأُنْزِلْتِ توا نحو البحر تتساقط مدرارا إلى حين.
*******
 

بضاعة ردت لأهلها

كنت في الطريق راكبا سيارتي متوجها إلى إحدى المدن. بلغ مني الجوع مبلغه وكان الطريق طويلا. لم أجد ما أسد به رمقي الا بعد حبات البرتقال وقطعة خبز بائتة. تناولت كسرات الخبز ممزوجة ببعض فصوص البرتقال. كلما انتهيت من حبة رميت قشورها من النافذة اليمنى للسيارة لتستقر في جنب حافة الطريق. واستمررت على هذا النحو إلى أن اكلت جميع الحبات. وتابعت طريقي. وبعد مسافة ما توقفت في محطة بنزين في مقهى هناك للاستراحة بعض الشيء والانتشاء بكأس قهوة يعيد لي بعض حيويتي. وما أن جلست حتى أقبل علي أحدهم وساءلني بصوت فيه كثير من الحزم: اسمح لي سيدتي، ألا تعرف أنك تلوث البيئة. رددت عليه متسائلا أي تلوث تعني. قال لي: تلك الفضلات التي كنت تقذف بها من السيارة. تملكني الضحك لكن تمالكت نفسي، لم أرد إحراجه. رددت عليه سيدي إن تلك الفضلات كما تقول إنما هي قشور برتقال، بضاعة ردت لأهلها.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص