الجمعة 20 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
العارف بالله، والدال عليه أ بو بكر بن عبد الله العيدروس - علوان مهدي الجيلاني
الساعة 18:59 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

العارف بالله، والدال عليه أ بو بكر بن عبد الله العيدروس (851 - 914 ه - 1447 - 1508 م )
ينتمي العيدروس إلى آل باعلوي الأسرة الحضرمية المباركة وهي أكثر أسرة اشتهرت بالتسامح والمحبة وخدمة الدين بعيداً عن الدعاوى والإكراهات ، وإلى هذه الأسرة يعود الفضل في دخول بلدان بكاملها الإسلام . ولا يكاد يوجد قطر في العالم ليس لها بصمة فيه .
تربى العيدروس على يدي أبيه وأيدي خيار أهله في مدينة تريم ، وتنقل بين مدن حضرموت و ذهب إلى مكة والمدينة ، قبل أن يتجه إلى تهامة ليغترف من معين علمائها في زبيد وبيت الفقيه والمراوعة وحرض وغيرها وزار الصومال .ومن ثم عاد إلى تهامة مرة أخرى ليذهب إلى تعز والمخا في الوقت الذي كانت مدينة عدن تعلن أشواقها إليه.
وصل إل عدن سنة (889ه- 1484م) ، كان عمره وقتها (40سنة) وقد خرجت عدن كلها لاستقباله ، وكأنما تهيء نفسها للتّلبس بحالته ، دشن على الفور بناء مسجده ورباطه ، وسرعان ما تحول إلى محور لحياة المدينة العريقة ورمز لها .
تميز العيدروس بأخلاق العناية ، كان يرعى أصحابه ومريديه رعاية عجيبة ، وتمتد رعايته على فقراء المدينة ومحتاجيها وكان يستدين لأجل ذلك حتى تثقله الديون ، وقد تفاقمت ديونه مراراً وكثر لائموه على ذلك فكان يقول لهم (لا تدخلوا بيني وبين ربي، فما أنفقت ذلك إلا لرضاه، وقد وعدني أن لا أخرج من الدنيا إلا وقد أدى عني ديني).
ينتمي العيدروس إلى طائفة شيوخ التصوف المربين با متياز ، وقد جعمت طريقته بين الحدب والجد والمحبة والقدوة ، وهي أهم وانجع خصال المربي ، لذلك كثر أتباعه وانتشرت طريقته ، وتحول مع صلاحه وزهده ودعائه المستجاب وتهيّب السلاطبين والأمراء لمكانته إلى ظاهرة لم تعرف عدن مثلها قبله ولا بعده .
وقد استعمل وجاهته في حظ السلاطين على إقامة العدل بين الناس وتعبيد الطرق وبناء السدود وتعمير المساجد والمدارس والأربطة .
وحين التحق بالرفيق الأعلى بعد 25 عاماً من استطقاب شغف العدنيين ، اتسعت مكانته أكثر وصار مسجده وجه عدن وقبلة زائريها .
في مجال التعبير الفني عن التجربة الصوفية ، ينحو العيدروس منحىً خاصاً ، فقد اتخذ من التعبير العامي وسيلة لتقديم وارداته ، ورغم عدم اهتمامه في الغالب الأعم من قصائده ، بضبط الإيقاع ، إلا أن نصوصه تتوهج بلوامع إبداعية من طراز رفيع تجمع بين البساطة وحلاوة الكناية والرمز وبلاغة الإشارة ، ولسهولة التغني بها غادر كثير منها الحضرات الصوفية في الزوايا والموالد والزيارات والمناسبات لتختال في حناجر المغنين كما في حالة بديعته الشهيرة (ذا نسيم الصبح نسنس وشفا سقم المحبين ).
من مؤلفات العيدروس:
-كتاب «الجزء اللطيف في التحكيم الشريف».
-ديوان محجة السالك وحجة الناسك
-رسائل في الحقائق وأجوبة على مسائل تتعلق بها
-أذكار وأدعية ثلاثة مجاميع: «وسيط»، و«بسيط»، و«وجيز».
وفي ما سيأتي لمعٌ من تجلياته العالية :

-1-
ذا نسيم القرب نسنس ...وشفا سقم المحبين
ودجى الديجور عسعس ...وغفت عين الشياطين
ديك أسكت ليتك اخرس ..زلا تفرق بين إلفين
صبح سالك لا تنفس...اجعل الليله كليلين
ساقي الكاسات غلس.. اطلبه يأتي بكاسين
واعقدوا للقرب مجلس ..واسجير اللَه من البين
ان سامي الجيد انس ..وقضى دين المدينين
ذا بريم الخصر جرجس ..جاوبه صوت الشلالين
حين ترنح وتمايس ...قدّه الممشوق باللين
بالقلائد قد تلبس .. والجواهر غصن من تين
والجبين الزين الاملس ..زينه درّ البنا دين
زل يخطر لابس أطلس..زركشه من خالص العين
وتعطر وتعكس ...ثم ضاعف بين عقدين
قوس حاجبك المقوس ...قد رمى قلبي بسهمين
ذا بطرفك زهر نرجس ...أو عسى هي حمرة العين
ما ونار قد تجانس ...ألف اللَه بين ضدّين
ولماك العذب الالعس ...قد مزج فيه شرابين
شهد صافي ليس يدنس ...مع رحيق لذائنين
خلّ حبيبك لا يقلس ....قدّه رمان نهدين
بس يا محبوبتي بس ..ما على ذي الزين من زين
يا بنفسج يا عرندس ...هل تهب قبله بألفين
ألف مثقال مكيس ...في وصالك مثل فلسين
تحسب أن القلب آيس ...لا ومن فاق النبيين
وعلى التقوى قد أسس ...دينه يا خير من دين
وصلاة اللَه تقدّس ...له على مرّ الجديدين
-2-
هبت نسيمات الهنا والقبول ..وفضل ذي الوجود شامل
وآذنت ذات البها بالوصول...وطالع السعد كامل
لعبت بها نشوان صهبا شمول...فبدت لنا حسن الشمائل
وجلت جمالاً حار فيه العقول...فكل ما بسل منه ذاهل
فعطرت بالنشر كل الطلول ...نشر فخر نشر الخمائل
جرت على تلك الحقوف الذيول ...فحيى بها ما كان ذابل
فان جات وادي جاد فيه السيول ... وقبلها قد كان ما حل
في حلة من عبقري تجول ... مزركشه بابريز حاصل
ترسل من ألحاظ الأماني نصول ...مسممة ترمي المقاتل
وصار منها كل صعب ذلول ... طالت على كلّ طائل
ووصف ذات الخال شرحه يطول ..وفيه يعيى كل قائل
يا سعد أخبرني بمن هم غفول ...عني وعنهم لست غافل
من فقدهم شنان دمعي همول ...مغدودق هتان وابل
أرعى الزواهر قد براني النحول ...من طالع منها وآفل
هل عادهم عرب الأجيرع نزول ...رعيا لهاتيك المنازل
-3-
يا ظبي عيديد الأمان الأمان ...من بعدكم فالقلب صادي ضمان
شكوت صبري فارحموا سادتي ...ولو شكوت الحبّ للصخر لان
لا تهجروا من هو محب لكم ... من غير ذنب اللَه المستعان
وحيانكم ما حل في ناظري ... سواكم فالقلب منكم ملان
لا تسألوا عن كثر شوقي لكم ....فأدمعي من باطني ترجمان
لولا دموعي والضنا لم أبح ....قد ينطق المرء بغير اللسان
يا عاذلي دعني فاني فتى ....ما ترك الحبّ بقلبي مكان
لا لوم في العشق ولا في العنا ...ولا لمن يهوى الملاح الحسان
-4-
في هواهم سهرت ليلا طويلا ...ولأهل الغرام ليل طويل
إن أرادوا على غرامي دليلا ...فسقامي عليهم نعم الدليل
لو شفاني خلاف ليلى خليلا ...ما اشتكى قط من خليل خليل
لو وجدنا إلى التلاقي سبيلاما هجرنا وضاق عنا السبيل
هكذا المستهام وقتيل الغرام...في بلوغ المرام لا يذوق المنام
حسبي اللَه فاتخذه وكيلا ... في جميع الأمور نعم الوكيل
-5-
في العقيق المنا ...قد تباعدنا
والجفا شفنا...وجسيمي مضنا
ربنا لفنا ...مثل ما قد كنا
منية يا لها ...لو تجود الأزمان
ذاك كلّ المطالب ...والمنا والمآرب
واحويدي امر كايب ...المطي شدّها
لا تكن شي كسلان ...ثم عرج بها
نحو سيد عدنان
-6-
قال : لا يعرف الجوهر إلا الجوهري، ولا الولي إلا الولي.
-7-
وقال: حسن الظن دليل على السعادة، ويرجى لصاحبه حسن الخاتمة عند الموت، ما خسر صاحب حسن الظن وإن أخطأ، فإنه غير ملوم.
-8-
وقال: حسن الظن الكنز اﻷكبر، والاسم اﻷعظم.
-9-
وقال: احذروا سوء الظن، فإنه دليل على الشقاوة، ويخشى على صاحبه سوء الخاتمة.
-10-
وقال: لاتستقلوا الطاعة، وإن كانت يسيرة، فإن فيها رضا الله، ولاتستقلوا المعصية، وإن صغرت، فإن فيها غضب الله.
-11-
لا تأتي بركة من عالم الغيب إلا بواسطة حركة من عالم الشهادة، وعليه الدليل بقوله جل وعلا لمريم عليها السلام: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَة﴾[19:25]، ولموسى عليه السلام: ﴿اضْرِب بِعَصَاكَ الحَجَرَ﴾[2:60]، فجعل الهز وحركة العصا من عالم الشهادة سببًا للبركة النازلة من عالم الغيب".

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً