الجمعة 20 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مزالق الدراما اليمنية - علي الفهد
الساعة 15:36 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

قفز السؤال التالي إلى ذهني، وأنا اتابع المسلسلات اليمنية الموسمية لهذا الشهر الكريم:
ما لممثلي الدارما اليمنية( القديرين) يتصنعون كشعراء العمود ؟!  
وفيما كنت ابحث عن إجابة، وجدت أن لشعراء العمود أعذارا كثيرة، تبرر تقليدهم من تفاصيلها: أن تاريخًا عريقًا من الشعر العربي أمر يجعل من الصعوبة بمكان على شاعر عمود كسل تجاوزه .  

وفي المقابل لم أجد  عذرا من هذا القبيل لممثلي اليمن الجدد، فتاريخ الدراما اليمنية قصير وحديث ،لا تقعر فيه ولا تبجح، فكيف نفهم لممثلي اليمن (الكبار ) كل هذا التصنع والركاكة والتقعر الفج .؟ 

الفنان القدير ( عبد الكريم الأشموري)والفنانة القديرة ( مديحة الحيدري ) وغيرهم من أبطال الدراما اليمنية كانوا يؤدون أدوارهم بتلقائية وسلاسة، وكان احساسهم عاليا وصادقا في تمثيل الشخصيات وأداء أدوارها .إذن من أين جاء ممثلوا اليمن الكبار /الصغار بهذه السمات ؟من أين ورثوها ؟وما الذي جعل حلوقهم تنتفخ كرؤس الثعابين .؟! 

في تقديري، ومن خلال نظرة تأمل وكد للوصول إلى تفسير ، انتهيت إلى أن هذه البجاحة هي من مزالق البدايات، والتي قد تتسبب فيها عوامل كثيرة، منها : الخوف من الكاميرا والشاشة ، وقلة الخبرة. فالممثل الذي لا يستطيع إقناع المشاهد بأنه هو الشخص الذي يعبر عنه بالفعل هو ممثل فاشل ، ولا يستحق حتى كلمة فنان ولا قدير ؛ إنه ببساطة مفرطة لا يقنعنا كمتلقين بحقيقة ما يكونه ويؤديه، هو ممثل فاشل لأنه يقول لنا بصورة صارخة :أنا لست ما أتقمصه .وليست هذه أدواري. أنا آخر .ولا استحق هذا الدور ولا هذه المهنة. 

التصنع إذن هو سلوك المبتدئين من الممثلين الصغار والذين لما يتمكنوا من تكسير ذواتهم الواحدية، ولما يمتلكوا فضيلة أن يكونوا الاخرين  بحق ، وأن يكونوا كل ما يطلب منهم أن يكونوه .

الممثل البارع هو أكثر من شخص، وهو في كل تحويل ذات الشخص  الذي يقدمه لنا في زمان ومكان محددين .
كان أحد الممثلين العالميين البارعين  يؤدي على المسرح عبارة "مساء الخير" بأربعين طريقة وفي كل مرةٍ كان  يقدم معنى مختلفا وجديدا .

إن ممثلي اليمن اليوم لا يقولون حتى ماهم عليه بالفعل، أي لم يقولوا حتى شخصياتهم الاحادية .هذا الاضطراب الصارخ الذي أطل علينا من الشاشات هو مهزلة وأمر باعث على الاحراج، وإلا ما معنى أن تشاهد ممثلا يصرخ في وجهك أنا لست ما أؤديه. ولا حتى أعرف ما أنا عليه بالفعل .

ما أود أن أخلص إليه : أن مهارة التقمص والتماهي والذوبان في الشخصية مهارة معدومة عند معظم الممثلين؛ وليتأكدوا  من ذلك، بإمكانهم تقويم ذواتهم، وهم يشاهدون مسلسلاتهم كمتلقين ، ولو كانوا منصفين؛ سيرون  كم كانوا  مضطربين وتافهين وعديمي الموهبة ، وسيشعرون بالإحراج ويشكروني على كل هذا التعنيف والنقد . 
 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً