يعد اللعب نشاطا حرا غير مفروض، تستغل فيه طاقة الجسم الحركية والذهنية، ويمتاز بالسرعة والخفة، ويقوم به الأطفال عادة لتحقيق المتعة والتسلية والتعلم بطريقة غير مباشرة، كما يستغله الكبار كي يسهم في تنمية سلوكهم وشخصياتهم بأبعادها العقلية والجسمية والوجدانية. فأين تتجلى أهمية اللعب في حياة الطفل؟ وكيف يسهم في تنمية شخصيته وبلورتها؟
للعب أهمية قصوى في حياة الأطفال، فهو أمر غريزي وطوعي وعفوي، وهو آلية للتواصل والتعبير والجمع بين الفكر والعمل، ويعطي الإرتياح والشعور بالإنجاز، ولعل هذه الأهمية دفعت الشريعة إلى اقراره منذ زمن وحرصت على التربية من خلاله على بعض الأمور، وفي هذا الصدد آيات قرآنية كثيرة تشير إلى اللعب وإلى حضوره المهم في حياة الصغار،كقوله تعالى:"أرسله معنا غدا يرتع ويلعب، وإنا له لحافظون"(يوسف 12)وقوله سبحانه:"إنما الحياة الدنيا لعب ولهو"(محمد36)، ومن جانب آخر  نجده يعد حقا تنص عليه أهم البنود التي تم الإعلان عنها رسميا سنة 1977 من طرف جمعية اللعب الدولية والذي يقترن بالمادة 31 من اتفاقية الامم المتحدة لحقوق الطفل والتي تنص على أن الطفل له الحق في الترفيه واللعب والمشاركة في الأنشطة الثقافية والفنية. وغير بعيد عن ذلك فأحقية الطفل في اللعب شغلت العديد من الباحثين وشكلت محور الكثير من الدراسات، فمثلا نجد الباحث "فيجوتسكي"يرى أهمية اللعب في نمو الطفل لأنه يوصله الى أعلى مراحل النمو الفكري قبل ذهابه الى المدرسة على اعتبار أن اللعب ينمي الميول النمائية كافة  ويعمل على تحقيق:
-التفكير الذاتي المجرد الذي هو تمهيد لابد منه لتنمية الأفكار المجردة في الطفل. 
-ضبط الذات من خلال التزام الطفل بقواعد وأنظمة اللعب لتوفير المتعة القصوى له وهذا الأمر يعلم بشكل غير مباشر السيطرة على رغباته وضبطها.
-اللعب نشاط رائد وليس مجرد نشاط سائد لأن الطفل يتجاوز عمره الواقعي وبالتالي يكون اللعب أفضل مجال نمائى وحيوي له. 
ومن زاوية أخرى ترى "كاترين تايلور"اللعب على أنه أنفاس الحياة بالنسبة للطفل، فهو حياته وليست مجرد طريقة لتمضية الوقت واشغال الذات حيث أن اللعب بالنسبة للطفل كالتربية والاكتشاف والتعبير الذاتي والترويح والعمل بالنسبة للكبار،ليعتبره "جون بياجي"من جهته بأنه عملية تمثل وأن اللعب والتقليد والمحاكاة جزء لا يتجزأ من عملية الذكاء العقلي والنماء. ومن هنا نجد كل هذه المواقف تتفق على أهمية اللعب وعلى دوره  المهم في نمو الطفل وتكوين شخصيته، فهو يزيده الوعي الذاتي ويجعله يحترم ذاته ويقدرها ويكسبه ثقة بالنفس عبر تطوير مهارات جديدة ،ويوفر له أيضا فرصة للتعرف على البيئة والمجتمع المحيط،ويحسن من صحته الجسدية والعقلية والنفسية، ف"فرويد"هو الآخر  يعتبر اللعب وسيلة علاج من الأمراض  النفسية، فهو يحرره من التوثر النفسي ويكسبه سلوكا قويما ويصبح الطفل آنذاك مستعدا لمواجهة الحياة وتقلباتها، وهنا تجدر الاشارة إلى ضرورة تدخل الآباء في عملية اللعب،لأن جل الأبحاث ترى اهمية بالغة في نشاركة الآباء لأبنائهم في اللعب، فاشراك الأبوين في هذه العملية يكسب الطفل القدرة على بناء شخصيتهم وذلك بالتفاعل معهم من خلال الاحساسة بالمكسب والخسارة وروح المنافسة،ويجب أن تترك لهم حرية الإبداع عند اللعب وحرية اللعب بطرق مختلفة عن الطرق المعتادة او المصممة لها، ومن المهم أيضا التنازل عنودور الوصاية والدور الأبوي أثناء اللعب،فضلا عن أهم أدوار الأهل مع الطفل والمتجلية في تعليمه المثابرة والبقاء على حالة حث الدوافع بشكل مستمر،وهو مايجعله يقوم بنقل المثابرة إلى المجالات الأخرى مثل الدراسة،هذا المجال الذي ينعكس عليه لعب الطفل انعكاسا إيجابيا إذا كان هادفا ويركز  على تنمية المدارك العقلية للطفل ومهاراته الحركية، وإثارة تفاعله مع الآخرين كألعاب الذكاء وتقوية الانتباه وتنشيط الذاكرة، وألعاب الفك والتركيب وتلوين العبارات الصحيحة وغيرها،ولعل خير دليل على ذلك هو أن اللعب صار وسيلةللتعلم وبيداغوجية تعتمد في ايصال المعلومة وترسيخها في عقل الطفل المتعلم، لتظل معه بالذاكرة ويستخدمها كمرجع في الاقدام على أي سلوك بدل اتباع الطريقة التقليدية للمناهج التربوية.
وانسجاما مع ماسبق حول اهمية اللعب في حياة الطفل أرى أنه لابد من توجيه جل اهتماماتنا بأطفالنا  وألعابهم لكي يكونوا أطفالا ناجحين وأسوياء كما قيل "العقل السليم في الجسم السليم"ففلذات أكبادنا أمانة في أعناقنا لابد من الاهتمام بهم وبرغباتهم واحتياجاتهم لأنهم يضفون على عالمنا البسمة والبهجة والأمل.