السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
المسافة بين عيني ووجهك شهقه - ثابت المرامي
الساعة 14:59 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

كل ليلة تصبح المسافة بين عيني ووجهك شهقة , ويصبح البُعد بين شفاهك وخدي عمره زفرة
على وجنتي , قبلة عمرها سبع مائة الف شوق , ما زالت بعض من ذراتها تتوسد وجهي , أخبري شفاهي عن طريق تسلكه كي تلتقي بتلك الذرات , وفي عيوني صورة ترقد في ظل روحي منذ ذاك

نعم ,أكثر من مئتان وأثنين وعشرون مليون حنين من هذا الفقد خبأتهنّ في صدري وعيوني , نسجت منهنّ سبحة أتلو فيها ذكرى كلماتك وتفاصيل وجهك , أشعلت منهنّ شموع صلاة وكأنما شاء القدر أن يكون كل جزء منهن هي تراتيل عبادة وخشوع , كل أيقونات الشوق تكسّرت , وكل حروفي وكلماتي وأوراقي أعلنت الحداد , سبع مائة ألف شوق أكبر من طاقة احتمال
مرهق منذ السفر , ومتعب الآن من ضجيج الحرب ومن الأموات وضجيج نواح الأرامل حين يبكين على أزوجهن الشباب , ومن سيطارحهن الغرام غير الذكرى .
لكنك هنا حولي أراك في كل تفاصيلي , وملابسي وكتبي , كل شيء يذكرني صوت الرصاص بدقات قلبي عندما عانقت شفاهك , هدير المروحية يذكرني بهرولتي نحوك ذات عناق , والظلام يدفعني لأتأملك أكثر بين نجوم والنيازك والأضواء
ها أنا أحجب اسمك الأن , لأن لا سبيل لحمام زاجل يحمل كل كلماتي إليك و يحدثك آلاف الحكايا والصور والهدايا
وددت أن أخبرك
أنني كتبت اربعة كتب ومحوتها ، ثلاثة منها كانت عند حسن ظنك، والرابع أقعدني شوقي عن محوه لأن كل حرف فيه ينبض بقوه , ولدي كتاب خامس في الشوق القادم سيتحدث عنه الجميع بجرأةً وعهر وشتائم , في غيبتك أنجزت كتباً جميلة كانت لغيري , وددت أيضاً لو أنك حاضرة بين الجمهور تسايرين قلبي ودموعي وانتصاراتي
الآن
أنا تحت لهيب النار في اليمن , ملامحك المغرية تنضج في ذاكرتي أكثر فأكثر حتى تصبح رب وملائكه , وتجلد كل حجر في جدران قلبي , أخفيت عنك أن أصبت بحادث سير اقعدني الفراش ، أوجعت فيه جسدي و رأسي , لكن رأسي أوجعتها الذكرى أكثر حتى أن أحد شبابيك غرفتي كادت تبكي مني , زجاجه كانت تدمع كثيراً وتنوح
تعافيت منذ فترة , لكن رأسي لم تتألم مثلما تتألم حين تحنو إليكِ , ما زالت تقتاتك كل ليلة مع النبيذ

الليلة , تعتصرك عيوني لتستدر عطف قلبي ، كل ذرة منه تستدر جزيئاتك المعجونة بالسحر , أعد في كل منها قلبي أني غداً سأستنشقك , الآن فقط أدركت أي سعادة أهدر حين تغيبين , ولكن لا مكان للبكاء في هذا الزخم من صوت الرصاص والموت والصراخ , فقط أحاول وضع رأسي تحت أي وسادة وأضغط عليها بقوة
دعيني أحدثك
زجاجة العطر التي أحضرتها لي إنتهت صلاحيتها منذ مدة , تركت فيها كل ذرة كي أرشّها حين ألقاك, وما زال ذلك القميص الذي التقيتك به موضوع دون غسيل , نفدت الحجج مني وأنا أحول بينه وبين غسالة أمي , عليه رذاذ من شفاهك ولمسة نهديك المأهولان بالفتنة والثورة , لم أكن أعلم أن المدة ستطول بيننا إلى هذا الحد , كما أن الحرب آكلت كل جزء مني ومن الجميع , لكنها لم تذق من ذكراك شيء
سأخبرك أنه لم يعد هناك نساء تستحق كل ترف وعباده ، كلما اقتربت مني إحداهن غادرت هي بعتب, كلما كلمتني إحداهن أنظر في ساعتي , تعددت ساعاتي بكل الماركات ولم تسطع كلها جرد الوقت الفاصل بيننا
كل يوم أسجل القصص التي سأكلمك بها والصور والحكايا والعتابات , ومشاريعنا المشتركة ثم أتوه , فيفلت إسمك مني كلما تفوهت بأي حديث , وكلما وددت الكلام عن أحد تقفزين أمامي بجرأة وأنا لا أفكر , كنت أظنّ أن أصعب مصاعبي هو حل معادلة رياضية من الدرجة الثانية بمجهولين , لم أكن أعلم أن لقاءك أصعب ما يكون !
موجودة أنت في شهيقي وأنفاسي , وأنا مشتاق لك حدّ الإحتضار , وودت اليوم أن أكتب لك بطريقة جديدة , سرد روائي أنتثر فيه بكل حواسي ونفسي وكل ما في غرفتي , فغيرت طرق كتاباتي لتتسع لكل جثتي وحكاياتها
لكن
لا يوجد في الرواية بحر أرمي فيه هذه الرسالة لتلتقطينها , فوضعتها هنا عّلك تمرين عليها ولو بعد حين !!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً