الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
المسافة بين عيني ووجهك شهقه - ثابت المرامي
الساعة 14:59 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

كل ليلة تصبح المسافة بين عيني ووجهك شهقة , ويصبح البُعد بين شفاهك وخدي عمره زفرة
على وجنتي , قبلة عمرها سبع مائة الف شوق , ما زالت بعض من ذراتها تتوسد وجهي , أخبري شفاهي عن طريق تسلكه كي تلتقي بتلك الذرات , وفي عيوني صورة ترقد في ظل روحي منذ ذاك

نعم ,أكثر من مئتان وأثنين وعشرون مليون حنين من هذا الفقد خبأتهنّ في صدري وعيوني , نسجت منهنّ سبحة أتلو فيها ذكرى كلماتك وتفاصيل وجهك , أشعلت منهنّ شموع صلاة وكأنما شاء القدر أن يكون كل جزء منهن هي تراتيل عبادة وخشوع , كل أيقونات الشوق تكسّرت , وكل حروفي وكلماتي وأوراقي أعلنت الحداد , سبع مائة ألف شوق أكبر من طاقة احتمال
مرهق منذ السفر , ومتعب الآن من ضجيج الحرب ومن الأموات وضجيج نواح الأرامل حين يبكين على أزوجهن الشباب , ومن سيطارحهن الغرام غير الذكرى .
لكنك هنا حولي أراك في كل تفاصيلي , وملابسي وكتبي , كل شيء يذكرني صوت الرصاص بدقات قلبي عندما عانقت شفاهك , هدير المروحية يذكرني بهرولتي نحوك ذات عناق , والظلام يدفعني لأتأملك أكثر بين نجوم والنيازك والأضواء
ها أنا أحجب اسمك الأن , لأن لا سبيل لحمام زاجل يحمل كل كلماتي إليك و يحدثك آلاف الحكايا والصور والهدايا
وددت أن أخبرك
أنني كتبت اربعة كتب ومحوتها ، ثلاثة منها كانت عند حسن ظنك، والرابع أقعدني شوقي عن محوه لأن كل حرف فيه ينبض بقوه , ولدي كتاب خامس في الشوق القادم سيتحدث عنه الجميع بجرأةً وعهر وشتائم , في غيبتك أنجزت كتباً جميلة كانت لغيري , وددت أيضاً لو أنك حاضرة بين الجمهور تسايرين قلبي ودموعي وانتصاراتي
الآن
أنا تحت لهيب النار في اليمن , ملامحك المغرية تنضج في ذاكرتي أكثر فأكثر حتى تصبح رب وملائكه , وتجلد كل حجر في جدران قلبي , أخفيت عنك أن أصبت بحادث سير اقعدني الفراش ، أوجعت فيه جسدي و رأسي , لكن رأسي أوجعتها الذكرى أكثر حتى أن أحد شبابيك غرفتي كادت تبكي مني , زجاجه كانت تدمع كثيراً وتنوح
تعافيت منذ فترة , لكن رأسي لم تتألم مثلما تتألم حين تحنو إليكِ , ما زالت تقتاتك كل ليلة مع النبيذ

الليلة , تعتصرك عيوني لتستدر عطف قلبي ، كل ذرة منه تستدر جزيئاتك المعجونة بالسحر , أعد في كل منها قلبي أني غداً سأستنشقك , الآن فقط أدركت أي سعادة أهدر حين تغيبين , ولكن لا مكان للبكاء في هذا الزخم من صوت الرصاص والموت والصراخ , فقط أحاول وضع رأسي تحت أي وسادة وأضغط عليها بقوة
دعيني أحدثك
زجاجة العطر التي أحضرتها لي إنتهت صلاحيتها منذ مدة , تركت فيها كل ذرة كي أرشّها حين ألقاك, وما زال ذلك القميص الذي التقيتك به موضوع دون غسيل , نفدت الحجج مني وأنا أحول بينه وبين غسالة أمي , عليه رذاذ من شفاهك ولمسة نهديك المأهولان بالفتنة والثورة , لم أكن أعلم أن المدة ستطول بيننا إلى هذا الحد , كما أن الحرب آكلت كل جزء مني ومن الجميع , لكنها لم تذق من ذكراك شيء
سأخبرك أنه لم يعد هناك نساء تستحق كل ترف وعباده ، كلما اقتربت مني إحداهن غادرت هي بعتب, كلما كلمتني إحداهن أنظر في ساعتي , تعددت ساعاتي بكل الماركات ولم تسطع كلها جرد الوقت الفاصل بيننا
كل يوم أسجل القصص التي سأكلمك بها والصور والحكايا والعتابات , ومشاريعنا المشتركة ثم أتوه , فيفلت إسمك مني كلما تفوهت بأي حديث , وكلما وددت الكلام عن أحد تقفزين أمامي بجرأة وأنا لا أفكر , كنت أظنّ أن أصعب مصاعبي هو حل معادلة رياضية من الدرجة الثانية بمجهولين , لم أكن أعلم أن لقاءك أصعب ما يكون !
موجودة أنت في شهيقي وأنفاسي , وأنا مشتاق لك حدّ الإحتضار , وودت اليوم أن أكتب لك بطريقة جديدة , سرد روائي أنتثر فيه بكل حواسي ونفسي وكل ما في غرفتي , فغيرت طرق كتاباتي لتتسع لكل جثتي وحكاياتها
لكن
لا يوجد في الرواية بحر أرمي فيه هذه الرسالة لتلتقطينها , فوضعتها هنا عّلك تمرين عليها ولو بعد حين !!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص