الجمعة 20 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
التوق ..تيمة الشخصية النضالية
قراءة في رواية «فخ التواقين» لآية الكندي - خالد الضبيبي
الساعة 09:41 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



7مارس2020

مقدمة
إن رأيي الذي سوف اتبناه في هذه الورقة يقوم على وجهة نظرة مقتبسة وضعها الدكتور « محمد مصايف» في مقدمة كتابه «الرواية العربية الجزائرية الحديثة بين الواقعية والالتزام » إذ يقول:
«منهجي في هذه الدراسة هو المنهج الذي اختاره دائمًا لأعمالي الدراسية النقدية، وهو منهج يقوم أساسًا على الموضوعية في البحث والإعتدال في الحكم واحترام شخصية الكاتب ومواقفه الفنية والأيديولوجية ، فلا أتخذ موقفا إلا عند الحاجة، وأنطلاقا من النص الذي أدرسه»
وبما أنني سوف اتبنى المنهج الموضوعاتي سوف أقدم قراءة موضوعاتية وتجول في النص في محاولة بسيطة من خلالها أقوم برصد وتتبع ثيمات محددة رأيت توفرها فيه من ثم سأقوم باسقاطها بشكل تطبيقي على النص محاولة مني التجوال في هذا العمل بأسلوب موضوعاتي.
يقول بيير ريشار في حديثه عن النقد الموضوعاتي التيماتي «يبدو أن النقد الجذري
« الثيماتي »تجولًا في النص وليس إلقاء نظرة أو صياغة موقف »

فخ التواقين تيمة الشخصية النضالية

إن القيام بتقديم قراءة موضوعاتية عن رواية «فخ التواقين» يستوجب الإنطلاق من اجراءات النقد الموضوعاتي و التي عند إتباعها نحاول قراءة النص والاقتراب من رؤيته العامة.
بعد قراءة العمل نجد أن للموضوع سحر خاص يجب الغوص فيه واكتشافه وإذا حاولنا التجوال بداخله يجب أن نضع علامات أو ثيمات كمنطلقات أساسية لهذا التجوال بداخله بعد الإطلاع على العمل وجدت أن الثيمة الأساسية التي سيطرت على مجمل النص كانت ثيمة واحدة حكمت النص صالت وجالت فيه ومن خلالها حاول الكاتب التعبير عن رؤى متعددة، تتفرع إلى مستويات وتتفرع إلى ثيمات فرعية؛ تتقاطع معها بشكل نسقي، وهذه التيمة لم تكن واضحة في عتبة العنوان ولا في العتبات الداخلية إلا بشكل بسيط أو فرعي ولكنها كانت عامل أساسي يضج به النص ، قدمها من أجل تحقيق متكامل للعمل و بعد التجوال وقراءة العمل نجد تيمة « النضال» تبسط رؤيتها على كافة العمل وتتسق مع العنوان الذي بدا للوهلة الأولى مفتوح الدلالة حتى تم التصريح بهذه الثيمة في موضع معين في نهاية الرواية ليعيد هذا التصريح إعادة موضعة الرؤية وتحديد المنطلق الأساسي للعنوان وتحقيق الدلالة العامة للنص.
لقد جاءت تيمة «النضال» في رواية «فخ التواقين» على عدة صور ونجد هذه التيمة وصورها على النحو التالي:

1- النضال الداخلي
2- النضال الخارجي
3- النضال المجتمعي
4- النضال النصي
5- النضال الواقعي
6- النضال الخيالي

يجدر الإشارة إلى أن التيمات الأساسية والفرعية التى اشرنا اليها هنا تم التجوال معها في داخل النص وكأنت رؤية دلالية واضحة مكتوبة بقصد أو بدون قصد، وبغض النظر تم توظيفها بوعي أو بدون وعي من الكاتب فهي تيمات مؤثرة موجودة ومحورية برزت داخل العمل لا تحمل نسق تسلسلي ولكنها توجد بشكل متفرق تم توزيعها على كافة فصول العمل.

أولاً : النضال الداخلي
بالنسبة لتيمة النضال بابعادها الداخلية التى خضبت الرواية فقد جاءت داخل العمل مرافقة لتكوين الشخصيات من الداخل تؤثر عليها وتسيطر على أحاسيسها ومنطلقاتها للتعامل مع الواقع وتعكس مدى هم الكاتب بالاحساس الداخلي الذي يضع نفسه كعامل دلالي متسق مع الاحداث المصيرية للمجتمع وكيف يقدم فلسفته الخاصة من خلالها وقد جاءت متفرعة إلى مستويات وثيمات فرعية أيضًا:

أ- مشاعر
ب- صداقة
ج- حب
د- رفقة
هـ- مشاركة
و- تاثير

وإذا قمنا بتفنيد كل من هذه التيمات كلا على حده واسقطنها على النص لوجدنا التالي :

أ- تيمة مشاعر
بالنسبة لثيمة المشاعر التي نقلها العمل تعبر عن دلالة نفسية يحاول الكاتب اطلاقها عبر سلسلة من الرؤى متمثلة بالشخصيات حملها من خلال تأثره أو حاول ابتكارها لاغراق العمل بنوع من العاطفة و نجد ذلك واضحًا وجليًا في علاقة الشخصيات بعضها ببعض عن طريق مشاعر داخلية تعتمل في داخل الشخصية وتولد علاقة مع بقية الشخصيات مثلا علاقة شخصية «مسك» بشخصية «عدن الفتاة» أو مشاعر «فؤاد بمسك »أو علاقة« آسيا بحمزة» وقد وضح لنا النص مشاعر داخلية اسقطتها «مسك» بعلاقة الحب الداخلي ل عدن و برسائل «فؤاد ل مسك» أوتلك المشاعر في حديث «آسيا عن حمزة »وقد استطاعت الكاتبة ابراز هذه المشاعر باساليب متعددة سردية وصفية وحكائية كانت بارزة جلية في موضعين هما رسائل «فؤاد ومسك» وحديث «آسيا عن حمزة».

ب- تيمة صداقة
ان ثيمة الصداقة ايضا من الثؤمات الداخلية التي حملتها الشخصية من أجل دمج العلاقات العامة في النص وانعكاسا من حالة وعي بتجارب حياتيه وقد كانت هذه الثيمة المستخدمة بارزه في علاقة «سفيان بفؤاد» وعلاقة «مسك بصابرين»وعلاقة «عدن بحمزة» وعلاقة «مسك بالعم ناجي» وعلاقة «عدن بأولاد صابرين» .
وقد حاول النص التركيز على هذا الثيمة النضالية باساليب متعددة وصل إلى ذروة ابرزها في صداقة «سفيان بفؤاد» من خلال سعيه إلى إخراجه من الأسر .
وهكذا سوف نجد علاقات في الحب والمشاركة والتأثير التي تنبع من نضال داخلي للشخصية موجودة في العمل.

ثانيا: النضال الخارجي
المقصود به هنا جميع الأفعال التي مارستها الشخصيات المحورية في العمل كلا على حدة وهي الأدوار التي مارستها الشخصية بشكل شخصي فعلي كعلامة حركية فاعلية في السرد عن طريق الشخصية واسلوبها ومعاملاتها وتأثيرها على القارئ أو المجتمع.
ونرى ذلك واضح وجلي في تحركات الشخصية في اطارها الخاص المرسوم كان أبرزها دور شخصية «مسك» النضالي في الحركات الشعبية ودور شخصية «حمزة» في الجبهات ودور شخصية «صابرين» في الغربة وأيضًا دور شخصية «سفيان» في التفاوض ودور شخصية «عدن» في التمريض وقد تم توظيف هذه الأدوار باسلوب الكاتبة وإن كان التوظيف ما يزال في طور التجريب ولكن الرؤية العامة لهذه الثيمة كانت بارزة وظاهرة أيضًا.

ثالثا : النضال مجتمعي

لقد وضعت الرواية رؤية ثيمة النضال كعامل أساسي مجتمعي تحقق توق المجتمع للحرية وتسلط الضوء نحو توق المجمتع اليمني في الشمال والجنوب ذلك النضال ببعده المجتمعي المتمثل بشخصيات العمل أو من خلال الثوارة الحاضنة بشكلها الجمعي التاريخي ورؤيتها المجتمعية نحو الخروج من حيز ظلم الإمامية في الشمال وتسلط الإستعمار في الجنوب وذلك من خلال تسليط الضوء نحو النضال المسلح الجمعي الذي كان من خلال الحركات التنظيمية لحركات الكفاح المنظمة.
وحملت هذه الثيمة النضال الجمعي المعرفي ايضا الذي كونت ثيمة أساسية حملتها شخصيات العمل بناديها الأدبي والتي كانت تقوم بعملية رفد معرفي من خلال مناقش أعمال أدبية لتنمية الوعي والتي بدورها ركزت على بعض الاقتباسات قامت الفكرية من أعمال لوف تلستوي في نادي «مسك» الذي جمع شخصيات العمل بكل بشكل جمعي.

رابعا: النضال النصي

إن انطلاق النص بثيمة النضال في نص أولي تجريبي يبين ان الكاتب قد توجب عليه صنع نضال من نوع خاص محاولا الخروج بنص متكامل وهو ذلك النضال الذي سعت الرواية من خلاله إلى خلق نص يحمل ابعاد حقيقة لشخصياته من خلال دمجها في الأحداث والوقائع التاريخية الحقيقية بعضها ببعض أو بالقصة المبتكرة الرومنسية الخيالية مثل قصة «مسك وفؤاد» وقصة «حمزة وآسيا» أو من خلال نضال النص في جمع الثورات التحررية الشمال والجنوبية وعلائقيتها في نص واحد يحمل رؤية نضالية متسقة واحدة تحت مظلة نص واحد جامع.

خامسا : النضال الواقعي
إن ثيمة الواقعية التي صبغت النص تؤكد سعى النص إلى تبني الواقعية التاريخية من أجل نقل نص من حالة الواقع المباشر إلى حالة الواقع الفكري من أجل اطلاق رؤية جامعة بعلائقيات حقيقية مارست حضورها الفعلي في عقل الكاتب فانعكست على النص في تجميع أحداث تاريخية واقعية متفرقة؛ في السلسلة التاريخية الت قام بربطها وموسقتها بعضها البعض بشكل واقعي لخلق النص، كان منها تلك الاقتباسات من البيانات الثورية في شمال اليمن وجنوبه عند إطلاق شرارة الثورة وكل هذا يحقق ثيمة النضال الوجودي الواقعي ويعززه إلى جانب الإشارة إلى المجموعات الحقيقية النضالية في الشمال والجنوب التي كانت مسقطة باساميها الحقيقية وباسقاطاتها المباشرة وهذا بحد ذاته نضال واقعي عكسه النص و يقدم وجهة نظر جديدة تبناها الكاتب من خلال كتابة عمل موحد وحمل أسلوبه الخاص في دمج الوقائع التاريخية.

سادسا النضال التخيالي :

بالنسبة لدرجة الخيال فقد حاول الكاتب السعي إلى خلق رؤى وقيم يريد اطلاقها من الفضاء التخيلي فعمد إلى الاشتغال على خلقها وهي كل الرؤى التى حملها النص من وجهة نظر الكاتب التي قام باستجلابها من خلفية معرفية، منها الرسائل والوقائع والحبكات الخيالية التي حققت ثيمة «النضال» ببعده الإشتغالي رغم أنها مبتكرة من أجل إكمال رؤية العمل وتحديد جوانب الشخصية بغض النظر عن واقعيتها أو التزامها بالواقعية التاريخية عند تشكيل النص والتي استحضارها بشكل تخيلي ابداعي مثل سفر «حمزة» وحديثة عن العدين وسفر اليهودية «صابرين» وحديثها عن فلسطين أو ظهور ابناء صابرين وهذه جوانب نضالية مختلقة في محاولة الكاتب تحقيق فعل النضال من زوايا متعددة.

وهكذا مع باقي الثيمات الفرعية التي أسست رؤية جامعة متحدة في تحقيق نقطة النضال كثيمة أساسية برزت في تشكيل الشخصيات المحورية في العمل بكل .

إن رواية «فخ التواقين» جاءت بثيمة أساسية جامعة صبغت العمل بكل ونجد هذه الثيمة موجودة في كل أقسام الرواية وبأساليبها وفروعها المتعددة وقد سعت إلى تلخيص رؤية واحدة وجامعة وهي «النضال» في كل جوانب الحياة عن طريق استثمار هذه الثيمة بالشخصيات .

والملاحظ في نص « فخ التواقين» دخوله من الواقعية المفتوحة وخروجه منها فالبداية غامضة والنهاية أيضًا مفتوحة وغامضة وهذا جزء مهم في تحقيق ثيمة «النضال» الذي يظل علامة مفتوحة الأطر فلا الحب قد انتهى نهاية سعيدة ولا الحرية وصلت إلى نقطة انفراجة حقيقية وذلك يؤكد أن السعي في الحصول على الخلاص نضال دائم لم يصل ولن يصل في هذه الحياة .وهذا يعكس تيه حقيقي يكمن في رؤية الكاتب وتأثر واقعي بالواقع المعاش
من هنا نخلص إلى أن العنوان الذي جاء مفتوح الدلالة كي يحقق نفس رؤية العمل ومحققا لموضوعية ثيمة «النضال» جاء كعامل أساسي في رؤية العمل بكل حين يخلص إلى أن فخ التوق في هذه الحياة مفتوح الدلالة
كان ومايزال وسيظل هو فعل الكفاح الذي يتمثل في الشخصية المهمومة بفعل «النضال» بكافة أشكاله ومفرداته.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً