الجمعة 20 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
الرواية وخطوطها العريضة - خالد الضبيبي
الساعة 12:27 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

الكتابة الإبداعية صعبة وشائكة ، يشوبها الحذر الدائم من السقوط في فخ التيه والخروج من نمط تجنيسي إلى نمط آخر بعشوائية ، ومن أهم تلك الضوابط الإجراءات التقنية الثابتة التي تكون عائق و وسياج أمام الكاتب المبتدئ والتي يجب عليه اجتيازها بالتعلم أو الممارسة.

إن المبدع الحقيقي عندما يبحث عن الخروج من حيز الصمت القرائي إلى حيز البوح الكتابي، يجب عليه أن يعلم أن بين القراءة والكتابة الكثير من الخطوات التي يجب عليه الإقتراب منها والنظر إليها بعين الوعي المعرفي والتجريب والتعلم والممارسة، وهذه الخطوات ليس لها دخل بالموهبة التي تكون فطرية لدى المبدع الحقيقي والتي تساعده أيضا على الإسراع في تعلم الأساليب الإجرائية لكتابة المنتج الأدبي في أي جنس من أجناس الكتابة الإبداعية، سردية كانت أو شعرية.

إن العمل الإبداعي المكتمل يرتكز على مقومات أساسية تقوم برسم الخطوط العريضة لسير المنتج الأدبي وذلك لأنها تساعد على تحدد ملامح الإختلاف بين الأجناس الكتابية المتعددة بعضها البعض حتى في حالة الدمج بين تلك الخطوط الإبداعية فهي تظل بارزة واضحة وجلية.

إن النظر إلى الرواية كجنس كتابي سردي، يلزم من يخوض غمارها معرفة تقنياتها الإجرائية وأساليبها وخبايها الخاصة والتي تميزها عن بقية أنماط الكتابة السرد من مقال وخاطرة وقصة قصيرة وقصة قصيرة جدا وشذرة وومضة وذلك من أجل الخروج بنص سليم في الجانب الإجرائي على أقل تقدير. يحفظ للرواية شكلها ويطبعها بأحد الأساليب المعروفة أو المجربة وهذا لا يتعارض مع تعدد الأساليب إطلاقا أوالخروج بنمط تجريبي جديد بل على العكس فإن الإقتراب من فهم كيفية كتابة هذا الجنس الأدبي بشكله الخاص يساعد على إخراج النص بشكل أكثر منهجية و يساعد أيضا في تسهيل الخطوات الاجرائية التطبيقية العامة عند ترتيبه أو تأسيسه من لحظة البداية حتى الخاتمة.

على الكاتب أن يعي جيدًا أن اقدامه على الكتابة الإبداعية يضعه في مواجهة محاكمة قاسية من قبل القارئ أو من قبل الناقد كان منهجيا أو انطباعيا لذا عليه مراجعة عمله الإبداعي قبل خوض غمار الإخراج الكتابي وإعادة تحقيقه وصياغته وضبط اختلالاته مهما كلفه ذلك من وقت؛ ذلك لأن العمل الإبداعي عند إطلاقه يصبح ملكًا للقارئ المتذوق الناقد بطبيعته وملك الناقد الذي يحاول تقعيده وتحليله بمجهر دقيق وبعدسة مقعرة كانت القراءة تحليلية منهجية متخصصة أو إنطباعية شخصية لذا نؤكد أن ما يتوجب على المبدع الحقيقي عند كتابة عمله الإبداعي الأول هو كتابته بوعيه الواعي واللاواعي يكون للوعي الواعي دورًا أساسيا ومفصليًا في النسق العام والاجراءت المتبعة أما بالنسبة لوعيه اللاواعي يكون في طريقته الخاصة بخلق الإبداع من خلال اسلوبه الخاص .

إن محاكمة النص الروائي بشكل خاص يلزم الكاتب فهم الأسس الخاصة منذ البداية، تلك التي تعمل على تأسيس النص الروائي وهي تقريبًا تتمثل في التالي:
السرد
والوصف
والشخصيات
والحوار
والأبطال والصراع بينها
والحبكة وتركيب الزمن
وصورة المكان والأسلوب
وكل هذه الخطوط هي من الأساسيات البديهية التي يجب الالتزام بها بشكل عام عند كتابة الرواية وهي نفسها النقاط المحورية التي يقوم الناقد بمحاكمتها عند إطلاق قراءته النقدية. ومهما تعددت الأساليب النقدية المنهجية وتعددت المدارس النقدية إلا أننا نجد أن هذه الملامح يجب أن يلتزم بها الروائي كخط اجرائي تطبيقي عند خوض غمار كتابة الرواية ولابد أن يكون الكاتب على معرفة أيضا بأن المحاكمة النقدية سوف تتجه إلى هذه الزوايا وعليه تقعيدها بشكل منضبط بما يناسب عمله الإبداعي ووفق اسلوبه المتبع ..

إن الرواية كجنس إبداعي تخضع لعلائقيات وروابط متينة لا تتم إلا من خلال تربيط جميع هذه الخيوط بعضها البعض ومهما كانت دقيقة ومنضبطة بشكل فردي إلا أن الاخراج الروائي لا يتحقق بشكل منضبط إلا بها مجتمعة وبشكل متسق، فلا سرد بدون اسلوب ولا شخصية بدون تعريف دقيق لها ولا حوار بدون مقدرة على خلق السيناريو ولا موضوع بدون صراع ولا انزياح بدون زمن ولا حبكة بدون مكان ولا رواية بدون كل هذه النقاط التأسيسية جميعها.


6مارس2020

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً