الجمعة 20 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مروان الغفوري والخروج من أزمة المثقف - خالد الضبيبي
الساعة 14:29 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

منذ زمن بعيد وأنا لا أطيق مروان الغفوري، ولا أعلم لماذ!
هل لأن تفكيري غير منضبط؟! أم لأن الهالة التي وضعها الناس لهذا الشخص كبيرة! لذلك انعكست إلى عدم فهم واتهام بالنرجسية والتعالي!

مؤخرا تابعت فيديوهات الغفور وحاولت التقاط نقاط حساسة أو رؤى حاول إرسالها بشكل مباشر أو بشكل مجازي، من خلال أسلوبه المتواصل بطرح الأمثلة لمحاولة اقناع القارئ، أو رفد كلامه بمعلومات فكرية وتاريخية، أو حتى أحداث حقيقية، وما حثني على ذلك ليس مستوى تأثير هذا المثقف على المجتمع ولكن لقياس الرؤية أو قياس ماهية النظرة الجديدة التي خرج بها والتي أثارت زوبعة كبيرة من التجاذبات بين المتفقين والمعارضين له.

وقد توصلت إلى أن أهم ما في الأمر: هو تغير رؤية هذا الطبيب القارئ ونظرته المفتوحة للصراع العالمي وهذا ملاحظ جدًا . إشارة إلى أن الرؤية هنا ليست بمعنى تغير إيمانه بالحرية والثورة والجمهورية ولكن مستوى فهمه لطبيعة الصراع العام العالمي الدائر، وكيفية النظر إليه، والتعاطي معه بدون تهور أو مغامرة أو عاطفة، وإعادة ضبط الرؤى على حسب المعطيات العامة الموجودة في العالم حاليًا، وهي بلا أدنى شك معطيات متغيرة وغير ثابتة أبدا وربما غير منصفة، تخضع لتجاذبات وتنافرات ومستويات عالمية مجتمعة، يلعب الدين جزءا كبيرا فيها إلى جانب الهيمنة والنفوذ والأهداف الدولية والمصالح.

صراحة لأول وهلة بدت لي نرجسية مروان الغفوري نرجسية المثقف الايديولوجي ذلك الذي ينحاز لرؤى خاصة إيمانا بها أو خالقا لها والتي تؤثر عليه وتحيله إلى عدم استيعابه لمفهوم المتغيرات الطبيعية التي تفرض نفسها على كل الاهواء والنظريات وهذه مشكلة المثقف الحقيقية عندما يصل إلى مستوى تحديد المشكلات باسلوبه الخاص ومعرفته المحدودة -مهما كانت مفتوحة ومتنوعة- يظل يدور في دائرة خاصة من النرجسية الفكرية بعيدا عن القراءة الواقعية للحقائق وهذا ما يجعله دائمًا محل إعجاب واطراء أو نقد و واتهام من قبل المتفقين معه المعجبين بأفكاره التي تتفق مع رؤاهم أو المعارضين لرؤيته المختلفين معه في اسلوبه في الطرح وآلية التفكير المختلفين معه أيضا في الرؤى ..

إن النظر إلى المعطيات الحقيقية للواقع بدون محاولة الالتفاف عليها أو تغييرها تفرض على المثقف وزن رؤاه على حسابات ثابته غير متخيلة وما أشار إليه الغفوري من معطيات كانت كفيلة بالخروج بهذه الرؤية التي وصلت في نهايتها إلى أن الخير والشر هو صنيعة بشرية، الإله والعدمية أيضا صنيعة بشرية، وأن البطولة التي تحقق الأهداف تفرض نفسها و تتغلب على الأخلاق والقيم لأنها بطولة منتجة على أرض الواقع وهذا تحقيق معطياتي لا نرجسية فيه ولا عاطفة ولا انهزامية.

إن الجمهورية ليست المدينة الفاضلة التي يجب أن نقاتل من أجلها تحت راية اللصوص الجمهورية هي النظرة الواقعية التي تفرض نفسها وتقدم نفسها بمعطيات مؤثرة على الأرض
الجمهورية ليست علاقات عامة واتفاقات ورواتب ومكاتب وفلل ووزارات وطائرات الجمهورية هي انتاج مؤثر يضع نفسه حيز التنفيذ ويقدم نفسه كمنتج على أرض الواقع يفرض سلطته وهيمنته بما يقدمه لا بالبربجندا الفارغة من المضمون والحرب الدنكشوتية العدمية.

الايمان بالجمهورية ليس لا لقطاع الطرق ولا للسفلة واللصوص إن من يؤمن بالجمهورية هم من يعملون على تقديمها كأداة فاعلة تعي المتغيرات وتقدم نفسها على أرض الواقع كمنتج تنفيذي حقيقي.

إن الخذلان الحقيقي هو انحسار الواقعية والتاثير إلى جانب الاستلاب واللصوصية والمراوغة والتضحية بدماء البشر في حرب عدمية ومغامرات غير منطقية.

والمثقف الحقيقي أذكى من أن يسلبه السياسي رؤاه وأن يحوله إلى بوق اعلامي يستفرغ من خلاله كل هلامياته العدمية وانتصاراته الكاذبة.

دور المثقف الحقيقي قراءة واستقراء الواقع و رسم الخصص الفكرية العامة وتحديد المنطلقات الكبرى لا أن يتحمل سقطات السياسة ومحاولة تقويض أي توافق مجتمعي أو انفراجة تسمح بحلول أو التوصل إليها.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً