الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
قصة :
شمس المياتة - عبدالفتاح عبدالولي
الساعة 16:06 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

مجنون من يصدق عيشة المجنونة....
ومجنون من يظن بأن (العطيف المفدر الناصل)يحدث خدشا في ساق الشجرة. !!.

بعيني الوحيدة هذه رأيته وهو يشق السماء من القبلة إلى حيثما تغرب الشمس.
كان ذلك بعد المطر...قوة هائلة كانت تدفعه وكأنه من رجوم الشياطين ،كدت أفقد رأسي عندما ارتطم بشمس المياته.

يا لهول ما رأيت ، رأيته يخترق القرص الأحمر ، وينفذ من وسطه إلى الجهة الأخرى ، تماما مثلما ينفذ السهم من الجسم الحي.

و رأيت ملكة (الشطوي) ووصيفاتها ، وطيور الغسق الحمراء ، رأيتها تمر من الفتحة الملتهبة التي خلفها وراءه ؛ عندئذ قام الموتى من قبورهم ، ومعهم شاهدت الكون كيف تحول إلى كتلة من لهب.

لا تصدقوا شيبة الجن !!!

فبعد المطر ذهبت إلى المقبرة ، وجلست بين القبور. أنادي -بصفيييير متصل - ملكة (الشطوي) لتفسح لوصيفاتها بالخروج من خدرها الأرضي كي يشاهدن معي لحظة غروب شمس المياتة.

صففففرت وصففففرت حتى نشف ريقي.

جاء يجر الخطى وبيده شجيرة مشوكة (قصارة) ، وغصن ريحان ، كان يذرف الدمع كطفل فارق ثدي أمه.

في تلك الأثناء كان النمل الأبيض (العجاهم الشغالة) قد أحدثت فتحة دائرية في الأرض ، ثم استمر يعمل بهمة تضاهي همة النمل الأسود والنحل تمهيدا لخروج الوصيفات السوداء المستحيات ,الآنسات (شطوي).

و خرج الجنرال المهيب (أبو صعبة) وراح يستطلع المكان..سلمت عليه بطرف إصبعي السبابة فشق جلدها بكلابيه الحادين...سال دمي على خوذته الصهباء ..وفيما كنت أمص إصبعي انظم إليه ثلة من أصحابه.تفرقوا في كل اتجاه لحماية قريتهم حالما انبعث صفير أطلقه شيبة الجن الذي كان جاثما يشرب من حوض القبر...رأيت أشعة شمس المياته الحمراء تخضب لحيته الكثة الشعثاء .وغصن الريحان الذي أسنده إلى شاهدة القبر أخذ ينشر عبيره في أرجاء المقبرة..وفجأة أطل وجه (الشطوية)الأسود من فتحة (المقدؤ)..كانت تظهر وتختفي,قلقة..لحقت بها اخريات..وبحاسة الأنثى شعرت بشيبة الجن يقترب مني بخطى وئيدة..ألتفت ,قال لي:

-يا هبلاء لكي لا تطير الشطوي.ضعي هذه (القصارة)على فتحة (المقدؤ).

جلس بجانبي وهو يكح..ضمني اليه,قبلني علي خدي..أحرقتني أنفاسه الخامرة..اضطرب جسدي كله,واختلجت عينه الوحيدة وهو ينظر إلى صدري..قال بصوت متلجلج :- ليتني أصغر سنا يا عيشة..المجنونة.

- أني...مجنونة؟!
لا تسألني بعد الآن عن ملكة (الشطوي) ولا عن وصيفاتها,ولا عن (آباء صعبة)..(العجاهم)الشغالة..راحت تطوي فتحة (المقدؤ) بسياج من الطين اللزج أخذت الفتحة تضيق شيئا فشيئا ..من أين للنمل الأبيض كل هذا الماء,أ من الرطوبة تورده؟, أم حك كلاليبها تكون قطره؟

طارت خمس شطويات وشيبة الجن يعبث بشعري, ثم سبع أخر وهو يعض رقبتي..يا الله ،مد يده الخشن إلى إبطي..دارت زوبعة الجن في قبة رأسي فتناولت شجيرته الشائكة وحشرتها في أغضان وجهه الهرم وفي عينية السليمة والمطفأة..صرخ من الألم..هزني هزا عنيفا وأخذ حفنة من النمل الأبيض (العجاهم)ودسها في فتحة صدري فاشتعلت النار في جسدي.ووقفت
ا صرخ وأولول:
- لست مجنونة..لست مجنونة.
نفضت ثوبي..عاد كل أباء صعبة,ومعظم العجاهم إلى داخل قريتهم لحماية الملكة....ثار (المقدؤ)وطارت منه كل الشطوي نحو الشمس الحمراء الغاربة..رأيت طيور الغسق تلحق بها.أرتجت المقبرة ونهض الموتى من قبورهم..قعد كل هيكل عظمي على شاهدة قبره,كلهم راحوا يحدقون في قرص الشمس الملتهب ..و فقدت الإحساس بكل ما هو حولي...

حين فتحت جفون عيني كانت البرودة تغزو صدري, وكانت شمس المياته قد غابت وخلفت حمرة غبشاء في فغرة الجبل البعيد.

نهضت فزعة...غطيت صدري..تحسست هلالي , و تنفست الصعداء.

كان شيبة الجن يزحف في إتجاه القبر المحفور. حديثا..
.......


*شمس المياتة : شمس الموتى,تظهر عادة بعد المطر ضوؤهايميل إلى الإحمرار .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص