الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحلام الغربة - طارق السكري
الساعة 13:13 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


أنا ها هنا وجهٌ غريبُ
ماذا تبقَّى من دمي ؟!
الوجهُ وجهي واللسانُ
وأصابعي ؟!
مثل الأصابعِ والمكانُ ..
الدَّهرُ يمضي وأنا لازلتُ واقفْ
كم ظلَّ مغتربٌ هنا ؟!
- شعبٌ بأكملهِ غريبُ !
اَلروحُ تسألُ نفسَها عنِّي ، وتضطربُ الدروبُ .

*

وقْعُ الخُطا في الياسمينةْ
كانت تحاور كلَّ مغتربٍ بدمْعاتٍ سخينة .

وقْع الخطا في البحر مشتملاً بخارَ الحلْمِ في كلَّ حقيبة
كانت تخاطبُ في الشموع الأفقَ من عينِ الحبيبةْ .

وقْع الخطا في الغيمِ وشْماً في سواعدها على هيئةِ ذكرى
كلما أشرق في الأرض غريبٌ ناحتِ الغيمةُ سرَّا .

وقع الخطا في صرخةِ النورسِ والمنديلُ أحمرْ
والقصائدُ ما لها صوتٌ وقد رحلوا ولونُ الصمتِ أحمرْ .

هل كلُّ مغتربٍ له وقع خطايْ ؟
هل كلُّ عاصفةٍ من الأشواقِ تجتاحُ سوايْ ؟

لمَ كلما حفرتْ دموعي الصخرَ أشعاراً لأسمع صوتَ أمي من قريبْ
لم أجد إلا غراباً فوق صخر الكَلِمَةْ
يقولُ لي : قمْ يا غريبْ .

*
 

بصمةُ الأنَّاتِ في حرفي كأصحابِ الرَّقيمِ
لستُ مختلقاً نشيداً أو بلادا
أنهكتني الحربُ
لا بحثاً عن الماءِ ولكن ..
ربما بحثاً عن النَّصِّ القديمِ
وحفرتُ في سوداءِ قلبي كي أغيبَ وراء ذكرى الأرضِ خوفاً وابتعادا
وتعلَّقَ المعنى جدارَ الوقتِ مغترباً وراءَ النارِ كالطيفِ الحميمِ
وكَـ أنتَ فوق السورِ يضطربُ الحمامُ
فلربَّما ارتدَّ الرَّصاصُ وربَّما صابتْ سهامُ
ولربّما عثروا عليكَ وأعلنوا العيدَ بموتكْ
ولربما عثروا عليك وعلَّقوا في الريح مثواك الأخيرَ
وراءَ صمتكْ
ستظلُّ مغترباً جريحْ
كأنينِ ريح .

*
 

من تنتظرْ ؟!
في سدرةِ الرُّوحِ النُّجومُ المثمرةْ
الليلُ يغمضُ جفنَهُ
وتطلُّ من جيبِ الأغاني القُبَّرةْ

من تنتظرْ ؟!
ريحاً تكسِّرُ قيدَ غربتنا بمنفانا الأخيرِ الموحشِ
من تنتظرْ ؟!
فجراً يشاركنا الجلوسَ على الحصيرِ أو العصيرِ المنعشِ
عشَّاً على قدْرِ اشتياقي للربيعِ لكي أضمَّدَ فيهِ أشجاري وأجنحتي الوحيدةْ
شعباً على قدْرِ انتمائي للشِّتاتِ أعيش في وطن القصيدة .

*
 

كم غربةً - أُوَّاهُ - تحمل شارةَ البدءِ
وتكوينَ الحياةْ
وتخوض مثل الماءِ أعماقَ الجذورْ
وتجسِّدُ الأحلام والذكرى وفلسفةَ الشعورْ
كم غربةً ولها صدىً في كل ذاتْ
يتشكَّلُ الإنسان في يَرَقَاتِها
ويضيءُ لكن لا يطيرْ
حتى متى والروضُ يسكنهُ الجناةْ ؟!
سفكوا دمَ الأزهارِ وافتضُّوا بكورَ الأغنياتْ
وانْجابَ عن شفةِ السعادةِ ما تخلَّقَ في الصدورْ .
حتى متى والبحرُ كالمنفى ثقيلُ الكلماتْ ؟!
حتى متى والغيمُ كالمنفى كثيرُ الحسراتْ ؟!

*
 

كم غربةً في الذَّاتِ تحلم أن تعانقَ طيفَ نورْ ؟!
الليلُ طوَّقها بأذرعهِ على مرِّ السنينْ
وتوارثَ الأجيالُ وخْزَاتِ الضميرْ
وتزعَّمَ المجهولُ تأويلَ الأنينْ
هل بثَّ آدمُ صرخةَ الأعماقِ سمعَ الريحِ تنقشها على حُرِّ الصخور ؟!
حتى متى والغيمُ كالمنفى أسيفُ النظراتْ ؟!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص