- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- تقرير بحثي يحصر الأضرار الاقتصادية للسيول في اليمن
- المبعوث الأممي يتهم الحوثي بتهديد الملاحة وإعاقة جهود السلام
- مقتل طالبتين وإصابة 14 أخريات في انفجار قاعدة عسكرية حوثية في تعز
- فساد الحوثي.. تغريم مواطن مبلغ باهض والسبب!
- طبيب الأسنان مأمون الدلالي ينال درجة الماجستير من جامعة العلوم والتكنولوجيا
- قرية "الوعل" مسلسل درامي يعرض في رمضان
- الجالية اليمنية في مصر ترفض تعيينات السفير بحاح هيئة إدارية ورقابية دون إجراء انتخابات
- سفير اليمن لدى اليابان يبحث مع مسئولي شركة ميتسوبيشي سبل تعزيز الشراكة التجارية
- مبادرة استعادة ترحب بقرارات محكمة الأموال العامة بإدانة عدد من البنوك اليمنية
- مبادرة استعادة تكشف عن عدد من شركات الصرافة الحوثية ضمن الشبكة المالية الإيرانية
تُمثل رواية «حصن الزيدي»، الصادرة مؤخراً للكاتب اليمنيّ محمد الغربي عمران، امتداداً لمشروعه في تمثلِ الروائي للتاريخي، وهو الاشتغال الروائي بالاعتماد على المتخيل التاريخي، من خلال التعامل مع إشكالية تاريخية وإعادة موضعتها روائياً، معالجاً، من خلالها، قضايا معاصرة في مجتمعه.
ويعد عنصرا الدين والمشيخة القبلية أبرز العناصر التي اشتغل عليها الكاتب في رواياته، في سياق تصديه لعددٍ من قضايا مجتمعه، انطلاقاً من اعتقاده بأن الدين محرك فاعل للعنف تحت مظلة ثقافة الهيمنة والاستغلال التي مازال هناك مَن يستثمرها لتعزيز سلطة نفوذه التقليدي، بما يعيق تطور المجتمع.
الرواية الفائزة بجائزة راشد بن حمد لعام 2019، والصادرة عن دار نوفل للنشر والتوزيع في بيروت، تُعدّ، أيضاً، خطوة متقدمة في الاشتغال الفني والسردي على الخطاب الروائي للكاتب، الذي يُعد من أبرز كُتاب الرواية في بلاده، وسبق لروايته «يائيل» عام 2012 الفوز بجائزة الطيب صالح العالمية للرواية. عالج الغربي عمران، وهو كاتب قصة قصيرة ومعروف برواياته المثيرة للجدل، مشكلة الصراع الطبقي في المجتمع اليمني من خلال تصوير المخاطر المترتبة على هيمنة شيوخ القبيلة، بالتعاون مع رجال الدين في استغلال العوام في إذكاء حروب لا تتوقف. لقد عالجت الرواية، أيضاً، إشكالية المذهبية كأداة سياسية للهيمنة، والأثر المترتب على تزاوج الطبقية والمذهبية في توطين المجتمع داخل دائرة عنف واحتراب.
امتد زمن الرواية من سنوات ما قبل ثورتي 26 سبتمبر/أيلول 1962 و14 أكتوبر/تشرين الأول 1963 إلى ما بعدها، حيث شهدت البلاد قيام نظام جمهوري، وبالتالي فقد تطرقت الرواية لما شهدته البلاد من تحولات، وما أعاق تلك التحولات جراء بقاء ثقافة الهيمنة تحت بيرق العنف؛ وهو العنف التي يستخدم الدين والاعتقاد بالتمايز كأبرز أدوات الاستغلال والاخضاع واستمرار الهيمنة التقليدية.
تغلغلت الرواية في عمق الواقع القبلي وأعادت تفكيك واقع الهيمنة مشيخياً ومذهبياً، وقدّمت صورة لمدى المعاناة التي يعيشها المجتمع، لكنها، في المقابل، قدّمت صورة لإمكانية التمرد وخلق واقع جديد ينسجم مع قيم الإنسان وحقوقه المنشودة… حتى إن كان التمرد الذي قام به عدد من المستضعفين، حين فروا إلى الغابات في الجبال ونظموا صفوفهم، وحاولوا زعزعة استقرار مشايخ وفقهاء القبيلة قد باء بعاقبة مؤلمة، إلا أنه يوضح مدى قوة تحالف القبيلة والدين وصعوبة كسره، وما يمثله هذا التحالف من خطورة على الحياة؛ وهو ما يستوجب مواجهته.
تغلغلت الرواية في عمق الواقع القبلي وأعادت تفكيك واقع الهيمنة مشيخياً ومذهبياً، وقدّمت صورة لمدى المعاناة التي يعيشها المجتمع، لكنها، في المقابل، قدّمت صورة لإمكانية التمرد وخلق واقع جديد ينسجم مع قيم الإنسان وحقوقه المنشودة
تدور أحداث الرواية في مناطق ريفية جبلية، وتشمل الأحداث صنعاء وعدن، وفي السياق يبرز ما يمارسه مشايخ قبليون متسلطون بالتعاون مع رجال دين في استغلال بسطاء الناس من المزارعين الفقراء وشريحة المهمشين من «الأخدام» كما يُعرفون في اليمن. وخلال ذلك تشتعل قصة حب عنيفة، وتستمر الأحداث، ويتصاعد الألم، كنتيجة لما تمارسه ثقافة تقليدية متخلفة في التعامل في مجتمع يتطلع لحياة كريمة ويتنسم هواء التطور والتغيير. قد تبدو روايات الغربي عمران تاريخية، لكنها ليست كذلكّ؛ فتوظيف التاريخ روائياً لا يجعل من الرواية تاريخية، لكنه يشتغل على التاريخي، وفق رؤية تخصه يُعيد فيها تخيل التفاصيل وإعادة قراءة الماضي بعين الحاضر، وتقديم رسائله التي يأمل، كما يقول، أن تُسهم في تصحيح مسار المستقبل.
بدأت تجربة الغربي الأدبية كاتباً للقصة القصيرة، وأصدرَ عدداً من المجاميع برز فيها جريئاً في الاشتغال على المسكوت عنه من معاناة المرأة والمجتمع… ويأتي اشتغاله على التاريخ روائياً، ربما، بفعل تخصصه الأكاديمي، بالإضافة إلى أن قربه من الناس واستشعاره لمعاناتهم تحت نير التخلف جعله، ربما، يكرّس كتابته في النبش في حكايات هذه المعاناة، وتصويب قلمه نحو التخلف استناداً إلى نقاط تاريخية تشكل منطلقاً لمعالجة روائية متخيلة في تفاصيلها؛ فكانت علاقة السلطة بالدين هدفه الأول في كل كتاباته الروائية، وعبّرت عنه روايته الأولى «مصحف أحمر» الصادرة عام 2010 وروايته التالية «ظلمة يائيل»، ومن ثم رواية «الثائر»، ورواية «مسامرة الموتى»، التي صدرت لاحقاً تحت اسم «مملكة الجواري»، وكذلك الرواية الفائزة مؤخراً، وجميعها تناوش إشكالية علاقة الدين بالسلطة.
وكان للكاتب في كل رواية حكايته ومشكلته في إطار هذه العلاقة الملتبسة، مؤكداً في كل منها رؤيته في أن هذه العلاقة الملتبسة، تتسبب بكثير من الإشكالات التي تعيق نهضة المجتمع وتكرس التخلف في بلده اليمن، الذي هو موضوع كل رواياته؛ انطلاقاً من إيمانه بأن الكاتب ابن بيئته.
منقولة من القدس العربي...
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر