الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
دعيني أحدثك أموراً كثيره ! - ثابت المرامي
الساعة 10:35 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


كالعادة إنتظرت هاتفك الموصول إلى قلبي ، إنتظرت كثيراً محترقاً بدقائق تائهةً من عمري ، تحجرة الفكرة في رأسي ، فتحايل ألاوعي فيني ،  وتذكرت كل نقاشات من يقطن هذا التراب .
 تحليلات الأغبياء ، نتائج وضعنا الغريق
في البداية أزعجتني تلك الصورة التي ارتسمت أمامي  فقتلتني بكل ما فيها من ولاءات لا تعير هذا الواقع تماماً ، كما أنها لا تعير إنتظاري لك ،  جلست أفكر وقد كلفني الأمر علبة سجائر كاملة كي أُقنع بأنه عندما تخوضين رحلة طويلة من التفكير تواجهين فيها خطر الغرق والموت تجاة  الأفكار التي نتجت الموت الذي سبق كل هذا ، فمن الطبيعي أن تحتضني أي فكرة ترينها مناسبة لعقلك حتى تخرجين من دائرة العذاب الذي نحن فيه لينجو رأسك من الدوران من سبب النار التي تحرقنا ؟
جلست طويلاً في ذات الفكره حتى شعرت بأني لم أعدأعرف المدينة كلها ، النفوس تغيرت ، كل مقيل يجلس أمامي أشخاص يحاربون ،  يتحدثون بثقة عالية دون أن يسمع أحدهم لأي آخر ، كلا مقتنع بتأويله للأشياء ،  الناس هنا تتعامل مع اللحظة بشراهة ، الكل يريد أن يثبت في كل لحظة بأنه حيّ وموجود ويعرف الحقيقة ، مثلي تماماً حين أفكر فيكي , حين تسكني كل خلية فيني ، وبأي طريقة مهما كان ، فيكون المنظر غريباً .
والغريب أني أشعر بشبح الموت في المدينة أكثر منه في خنادق القتال ، مع أن الموت يحصد بمنجله هناك ، ويحصد بصوتة هنا كل العقول .
البارحة شعرت ولأول مرة بأنني في خندق قتال حقيقي حين يحاصرني الحنين , كل رصاصة منه تثقب جسدي ليلة , سهرة , أرقً , وليس لي منه مهرباً أو أماناً سوى أن أحاربه رغم فشلي في ذلك .
دعيني أحدثك !!
في خنادق القتال تشعر بالأمان أكثر ، فعدوك واضح ومعروف ،  وساحة الحرب واضحة ، أما هنا فلا ساحات ، الحرب هنا مضمرة ، وذات مستويات ، ذات ولاءات وفي أي لحظة يمكن أن يصبح أي شيء ساحة قتال ، من دون أن تشعر بذلك ، حتى الذي يتحدث أمامك لا يعرف أنه يقاتل وبشراسة ، يقتل بتصميم ، يقتل ويكابر حتى آخر دقيقة في جلسته .
دعيني أحدثك أموراً كثيره !
  صديقي يقول أنت لا تكتب ، لا تنشر ، حتى صفحتك لا تعرف غير الكلام المنمق بالغزل في وضع كهذا ،  وذلك لأنك تملك قلباً بارداً ، تخيلي ! يظن أن قلبي بارداً ، لا يعرف عنك شيئاً ، وأنك مثل هذه الحرب تقتاتين دمي وكل هذا الليل .
 الجميع في خنادق النقاش يعتقدون ذلك ،   
دعيني أحدثك ! 
 أشعر وكأنني شجرةً يأكلها النار من الداخل ، ولسبب فيزيائي ما سخيف ، لم يخرج منها دخان ،  كأن مثلاً إمتلأت مساماتها بفضلات الإنتظار ، نقاشات الأصنام التي تحارب ، النمل الذي يموت دون تفكير ،  وهو ما أدى إلى منع خروج الدخان  
 هذه الشجرة
 ستفاجئ الجميع بأن تتتحول فجأةً ومن دون سابق إنذار إلى كتلة من الرماد  ، الرماد فقط ..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص