الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
في البدء تمنيت - وجدان الشاذلي
الساعة 17:18 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

في البدء تمنيت لو أنني تلك الإبرة التي انغمست في وريدك وتشبعت من دمك.. ثم تذكرت بأن ذلك المساعد الطبي سيزيلها بعد ثوان.. 
فتمنيت لو أنني الفراشة التي قام بتثبيتها بشكل جيد على يسراكِ من الخارج، هكذا سأبقى برفقتك لوقت أطول.. لكن هذه الفراشة أيضا ستزال بمجرد أن تنتهين من أخذ حقنك المقررة..

لو أنني ذلك الميكروب الذي تسبب في مرضك لربما بقيت معك وداخلك لأطول وقت ممكن.. 
سأقاتل بشراسة في وجه تلك المضادات الحيوية التي سيعطونها لك، سأحير الأطباء، وحين أصادف طبيبا شاطرا_أقصد أحذق مني_ويوصف لك المضاد المناسب.. لن استسلم أيضا.. حتى وإن اضطر الأمر سأتحول إلى (خلية سرطانية)، وسأتكاثر بداخلك بطريقة جنونية.. ربما سيتألم كلانا في وقت لاحق بفعل العلاج الكيماوي الذي سيتم حقنك به لطردي من داخلك.. لكن الألم عزيزتي، أو بشكل أدق (الألم الناتج عن الصراع مع المرض)، هو أقرب صورة وأشبه ما يكون بألم الحب.. 
ميكروب يقاتل بكل ما أوتي من قوة للبقى بداخل جسدك، جسدك الذي يقاتل في المقابل لطرده خارجه.. 
نحن لا نعرف شيئا عن المرض، لذا نعامله عادة كعدو..! 
نحن نظن بأننا نفهم كل شيء عن الحب، لذا نتألم دائما في حال أتى أو تلاشى..!

ها أنتِ تغادرين الحافلة في منتصف الطريق، مثل جميع من غادرو حافلة حياتي في المنتصف دائما.. 
غادرتي بدون أن أعرف شيئا عنكِ، حتى اسمك لا أعرفه..
لكني سأتذكر دائما وجهك الملفوف في ذلك الشال البحري، كصدّفة مبلولة على الشاطئ، وسأتذكر دائما تلك الفراشة التي لا تطير على يدك اليسرى.. 
وبدورك لن تعرفي شيئا عن هذا المجنون الذي أحبك لـ (25) دقيقة كاملة.. ولن تعرفي شيئا عن هذا النص القصير الذي ولد ليموت في الطريق ما بين مقعدك وباب الحافلة..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص