- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
رأيتها على الشرفة تنشر الغسيل، اسمها أمنية، في الخامسة عشر، نهداها بزغا بخجل في صدرها، سمراء بشفتين ممتلئتين، خفيفة الحركة كفراشة، تسكن جوار منزلنا منذ الأزل، لكني لم ألمح اشراقها سوى في ذلك النهار. غريب ألا يحدث حضورها جواري هزة أرضية أو بركان، لكنه كل هذا حصل في أعماقي، ولم أنم إلا في وقت متأخر. مرت أيام أخرى هزلت فيها وشحب لون وجهي، وأدركت أنني ميت لا محالة ما لم أخرج الحمم خارج جسدي.. كتبت رسالة صغيرة موجزة: "أمنية، أنا بسام ابن الجيران، رأيتك منذ أيام على الشرفة، وأعرف أن هذا لا يليق، واعتذر بشدة. ومنذ رأيتك تغير عالمي، وعرفت أنك قدري، نعم.. أحبك.. أعرف أنني متسرع، وأنه كان يلزمني لفت انتباهك بطرق أخرى، ومغازلات وحركات تشبه دوران ذكور بعض فصائل الطيور حول إناثها في موسم التزاوج، لكن التقاليد هنا لا تسمح بهذه التصرفات الصبيانية المثيرة.. لذلك أنا مجبر على اختصار المسافات الشاسعة التي تفصلنا عن بعض بخطوة واحدة، برسالة مصيرية، وضعت فيها قدري وخارطة حياتي.. فبوسعك احيائي أو اهلاكي، أنا لا أمزح أمنية، بل أترك لك الخيار، بما يجعلك مقتنعة وسعيدة.. فإن كنت ترين أن قلبك يتسع لي، فيمكنك في المرة القادمة حين تنشرين أن ترتدي وشاحا ورديا على رأسك، وإن وجدت أن أمري لا يعنيك، سأراك بملابسك المألوفة.. ولا أود أن يمسك أي شعور بالذنب حين تدركين أنني رحلت من الحي، طابت أيامك.. " ولم أراجع الرسالة أو أتصفحها ثانية بحثا عن خطأ أو ما شابه كما يفعل العشاق، بل قذفتها إلى شرفتهم، وأنا أعرف بالغريزة أنها سوف تراها وتقرأها، لأنها ورقة مميزة وجذابة اسطوانية مطوية ربطتها بواسطة خيط رقيق مخصص للرسائل.. كانت الوحيدة من أخواتها التي أراها تنشر الغسيل، وتمنيت ألا يتغير هذا النظام، أو تقوم شقيقتها أو أمها بالخروج إلى الشرفة لأي سبب.. لم أفكر بهذا سوى بعد فوات الأوان.. سيصل الخبر إلى أبي أو أمي، لكن هذا لا يهم، لأني جازفت بكل شيء، بحياتي ومستقبلي.. كنت مراهقا نزقا محتدا ومتحديا، ولا شيء يثنيني أو يخيفني. حتى أنني جمعت ملابسي في حقيبتي وانتظرت.. وادرك أنني سأفر إلى مكان مجهول بعيدا عن الحي، ودون رجعة.. والحقيقة أنني توقعت أن أخفق، لأنها لن تأسف على حالي، لا أعني لها شيئا، فتى يسكن قرب منزلهم، لعبنا في الطفولة سويا، ثم انفصلنا بعد أن دخلنا مرحلة البلوغ، ولا أدرك هل مازالت تتذكر تلك الأيام الجميلة أم لا.. لا شيء بيننا سوى ذكريات قديمة لم تذهب من بالي البتة.. وهذه الأمور التي حدثت لا يعول عليها.. لذا أخذت حقيبتي متأهبا متهيبا، وجعلت أراقب الشرفة.. كانت ستظهر في هذا اليوم كما جرت العادة.. وفجأة رأيتها تخرج.. وصرخت بفرح وقذفت الحقيبة بعيدا.. كانت تلبس اللون الوردي..
اختطفت رقم أمنية من جوال أختي، وبعثت لها رسالة شكر بالواتس على ارتدائها اللون الوردي.. وفوجئت بها ترد سائلة عن اسمي، فأخبرها متعجبا عما يدعوها إلى توجيه مثل هذا السؤال إلي، وحدثتها عن فحوى الرسالة التي قذفتها إلى شرفتها.. لكنها أنكرت أن تكون لبست اللون الوردي من أجلي، لقد عثرت على ورقة مطوية فعلا، واخذتها وقذفتها في سلة المهملات دون أن تعيرها أي انتباه.. إذ لم تجد وقتا لتصفحها، فضلا أن رسالة مجهولة لا بد أن تحمل في طياتها الكثير من المتاعب، وهي في غنى عن وجع الرأس، ولا تنقصها الآلام.. هكذا ادعت، أما ملابسها الوردية فلها قصة غريبة.. حيث بعثت خالتها من السعودية بضع بذلات لها وشقيقاتها كهدايا، ودارت بين الأخوات مشادات حول من تحظى بهذا اللون أو ذاك، وكلهن أردن الفوز ببذلة سماوية لافتة للنظر، وغضبت أمها، وأجرت بينهن القرعة، وانتهت بحصولها على اللون الوردي.. وهذا كل ما في الأمر.. دفر العرق على جبيني، وشعرت بالعجب.. وأخبرتها أنني أؤمن أن حديثها صحيح، وأن المصادفة تدخلت وأعاقتني عن الرحيل من الحي، وبعثت في روحي السعادة والأمل، وها أن أعود بلا هدف.. ما لبثت ان أعدت لها نص رسالتي بحذافيره، وطلبت منها فضلا أن تبعث لي الرمز 😍 عند موافقتها على حبي أو الرمز 🤕 لتبدي لي صدمتها وألمها ورفضها لطلبي.. وعدت إلى حزم أمتعتي لاغادر الحي متوقعا أسوء النتائج والرموز، وانتظرت بضع أيام دون أن ترد، وخرجت إلى شرفتنا حاملا حقيبتي بنفاد صبر، وبعثت لها آخر رسالة قائلا: أنا راحل يا أمنية، لكني قبل ذلك كنت أود أن أسمع رأيك عل ذلك يشفيني من حماقتي. إلى اللقاء في اليوم الآخر إن كان هناك يوم آخر كما يزعمون. 🙌🏻 وداعا.. رأيت ستارة نافذة الغرفة المقابلة تتحرك بارتباك، لكني لم اكترث. وقلت لنفسي لعلها تريد أن تنظر إلى جارها السخيف لتسخر منه. لذا ابتعدت عن الشرفة بتوتر، وخرجت من منزلنا متسللا حتى لا اقابل أمي وتحول دون هروبي.. لكني لم أصادف أحدا على غير العادة.. وعرفت أن رحيلي صار قدرا محتوما.. وألقيت آخر نظرة على منزل وشرفة جارنا، ورأيت وجها غير واضح مطلا من النافذة، ولم اهتم، بل مضيت مبتعدا.. وفجأة أخرجني من خدري رنين رسالة، فألقيت نظرة عابرة على الشاشة، وقرأت كلمتين وحسب: ارجع، أرجوك. وقربهما رمز الموافقة..
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر