السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
ن …...والقلم
رجل الرجال .. - عبد الرحمن بجاش
الساعة 14:38 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



الخميس 25 ابريل 2019
 

رحل الرجل ، وأنا لم اتشرف بلقائه مباشرة ، رحل بدون أن اعرف ، وحتى دفنه ، لم اعلم وبالمطلق ، ولوكنت اعرف انه حي يرزق إلى ما قبل عشرة أيام لسعيت على رأسي للتعرف عليه ، أحس أن وجعا يجتاحني من القتب إلى الذنب حزنا على رجل كان رجلا ، وفي المدلهمات الصعاب يظهرالرجال الحقيقيين ، كالشمس لامواربة ، يظهرون كالأشجارالعالية الهامة التي جذورها في الأرض ….

عبد الله الواسعي ،أو عبد الله عبد الله الواسعي رجل الرجال ، المناضل الذي لم يلين ، بل ظل شامخا كالجبل ، في الوقت الذي كان آخرون وبإسم البعث يقفون على تلال من دينارات يخرجون ألسنتهم لمن اكتووبالمعتقلات وحفلات التعذيب ، قل عبد المجيد الخليدي ، قل عبد الكريم الشرجبي …

لن أكون أفضل من طه سيف نعمان رحمه الله الذي رفعت الغشاوة من عينيه في البشائر وماأدراك مالبشائر، اقرؤوفي كتابه (( من الذاكرة)) ومن الصفحة (( 55 )) يقول وهي ابلغ شهادة واقدركلام من ذهب (( ……..ناديته ثم سألته : سمعتك تتحدث عن الواسعي وانه تعرض لمثل ماتعرض له فلان وفلان هل هو معنا هنا ام انه من ضمن المعتقلين في الجانب الآخر؟ فأجابني بمايوحي بالسخرية وقدفغرعن نصف ابتسامة : مالك يا أستاذ !! هل حقا أنت لاتعرف الواسعي أم أنك ((فقاطعته بملامح جامدة)) : أقسم لك أني لا اعرفه فحدق في وعيناه كالصقروظل صامتا بعض الوقت …….ثم حرك شفتيه قائلا : الواسعي ياأستاذ ، كمارأيته بعد نزوله من التحقيق لم يكن هوالذي اعرفه ...لقد كان اشبه بخرقة مشى عليها جميع من دخل ملعب الظرافي ، وكان زملاؤه المعتقلين إلى جانبه يقطرون له في فمه حليبا أو عصيرافقط ….أي والله كانوا كذلك …..لأنه لم يكن على هيئة تسمح له بتحريك فمه واستخدام أسنانه ، ...وعلى فكره ...هو موجودهنا في إحدى الغرف الأربع …………….و توقفت قليلاثم تحركت باتجاه زاوية المصلى حيث كان يجلس الواسعي وظهره إلى الجدار ………….و هكذا اختلست النظربهدوء إلى وجه الرجل ، كان الواسعي يضع يده اليمنى على موضع فمه وذقنه ، وكانت عيناه تنظران إلى البعيد ..لاإلى السماء ولاإلى الارض ….هكذا كانتا تبدوان لي وأنا ادقق النظرإليه ، لقد رأيت رجلا تتفق مع قسماته وملامحه وشكله العام كلمة ((النضال)) ...رجلا يدخل في قاموسه أمثال عبد الكريم الشرجبي ، والخليدي ، والدكتورالسقاف وعيسى ، ومحمد سلام ، وغيرهم ممن كانوا يقفون بصلابة الرجال ورسوخ الجبال ………...في عينه فتوروتأمل كأنه ( ديوجين ) على مصطبة الحكمة والفلسفة ...يقتات من الصبر وقوة النفس واتساع العقل وملكة الإدراك اللامتناهي .))..

توفي الرجل بهدوء ، لم يتذكره احد ، لم يسأل عنه أحد ، في سعوان كما حدثني فيصل عبد الجليل قضى آخر أيامه بهدوء ، لم يتحدث لاحد عن نفسه ، لم يمد يده لنظام اعتاش كثيراعلى فلوس العراق، و(( مناصلين )) ناضلوا بوحي مما في الحقيبة التي كانت تاتي بالدينارات من بغداد ...كان الكثيرون من البعث مناضلين حقيقيين ممن لم تتلوث ايديهم بالمال ، وبعضهم (( ترزقوا)) ولم يتعبوا ...وشتان مابين نضال وادعاء …

عبدالله عبدالله الواسعي غادرنا كما غادرنا الكبارامثال الربادي، والشحاري ، والجاوي ….كم يقهرني الندم والالم ، الندم لانني لم اعرفه مباشرة ، والالم لذهابه وامثاله ممن ناضلوا ، ولم يستسلموا ، وعندما تبين لهم انهم يحرثون في بحرتنحواجانبا بوجع …..أين صدام حسين ليرى الرجال الكبارواين انتهوا ، والرجال الذين يمسحون ايديهم بالمناديل المعطرة أين !!!!، ورحم الله عبد الواحد هواش ، وسالم الشيباني ، الذي عادإلى قريته (( يبتل احوال أمه )) بعد أن قال لي ذات ليلة وعودي لايزال طريا :(( شفت يابجاش ، كيف يناضلون بنا )) ، لم استوعب يومها ، لكنني فهمت الآن …..
طوبى لعبد المؤمن الخربي ، ورحم الله الخليدي ، وتبت كل يد عذبت انبل الرجال …..
ولتنم روحك بسلام عبد الله عبد الله الواسعي …والمعذرة

لله ألأمرمن قبل ومن بعد .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً