الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
شاعر سبيل - أحمد عبد الغني الجرف
الساعة 17:38 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


 

لا تسأليْ هذا المُشرَّدَ ما لَهْ
بلْ سائليهِ كيفَ صِرْتِ سؤالَهْ !؟

لقِّنْتِهِ شوقًا كبيرًا ،
لم يَذُقْ كَلَظاهُ !
بلْ لَمَّا يُصِبْ أمثالَهْ !!

إذْهلْتِه كَعَلامةِ اسْتفهامِ ؟
كمْ يأبَىْ على رَغَبَاتِهِ إذْهالَهْ !!

حينَ انْسكبتِ أمامَهُ كَسبيلِ بِدْءٍ
فاضَ عَزْمًا ، يبْتَغِيْ اسْتكمالَهْ

و مَضَىْ يفتِّشُ عنْكِ مثلَ إجابةٍ
مدفونةٍ في وهْمِ ألفِ ضَلالَةْ

كيفَ السبيلُ إليكِ ! 
أسْكتَ نفسَهُ !
يا ليتَكِ ابْنةُ عمَّةٍ ... أوْ خالَةْ !!

أوْ ليتَ هذا الدَّربَ يكملُ نفسَهُ
حتَّىْ يحطَّ ذهولَهُ و ثِقالَهْ

لو تعلمينَ كمِ استثرتِ جنونَهُ
ليقولَ شِعْرًا عُمْرَهُ ما قالَهْ

لمْ تُغْرِهِ لُغَةُ الحداثةِ ،
إنَّما عيناكِ أبلغُ مَنْ يصوِّرُ حالَهْ

هذا الفتَىْ المكسورُ أبصرَ 
- فجْأةً -
زمنًا سماويًّا يمرُّ خلالَهْ

من أبعدِ الخيباتِ جاءَ ، و صدفةً
وَقَعَ المُشرَّدُ في غرامِ غزالَةْ

و رأىْ المدينةَ في أناقتِها ،
لقدْ قرأتْ لَهُ تاريخَهُ ، أطلالَهْ ..

هذا الفتى الشِّعْري ُّيجهلُ ذاتَهُ 
ها أنتِ ذا تَسْتْنْبطينَ جلالَهْ

كيفَ اقْتدرْتِ عليهِ ؟
كيفَ دخلتِهِ ؟
كقصيدةٍ ما ، تملأينَ خيالَهْ !!

هذا الفتى ْالمكسورُ ..
لم يعرفْ - عنِ المُدُنِ - الكثيرَ ، 
الوضْعُ فيها هالَهْ !!

خلفَ الثِّيابِ الرَّثِّ ثمَّةَ قصَّةٌ
تخفيْ معاناةَ الفتَىْ الرَّحَّالةْ

ضيْفًا إلىْ الدُّنيا أتىْ ، لكنَّها
- مُذْ أنْ أتىْ - لمْ تحْسنِ اسْتقبالَهْ

بلَغَ الثَّلاثينَ انكسارًا !
لم يزلْ طفْلًا
يُرَتِّبُ حُزْنُهُ آمالَهْ

... طفلاً يصارعُ كالوحوشِ حياتَهُ
و الموتُ يلهثُ خلفَهُ لِيَنالَهْ

هوَ خاسرٌ - جِدّاً - أقلَّ حروبِهِ
ما ذا يفيدُ قِتالُهُ بِبَسالَةْ !!؟

أهْلُوْهُ يمْتعظونَ من أشعارِهِ
و يمزِّقونَ شعورَهُ بِجَهَالَةْ

لمْ يَنْجُ مِنْ أنيابِ مَنْ
باهىْ بهمْ في العَالَمِينَ ،
تريدُ أنْ تغْتالَهْ !!

هوَ فيْهِ أحوَجُ ما يكونُ
للقمةِ العيشِ العزيزِ ،
الْجوعُ يشغلُ بالَهْ !

فأبوهُ أفْقَرُ مَنْ يبيتُ لأنَّهُ
يُضْحيْ - على الفُقراءِ - ينفقُ مالَهْ

لم يملأِ المسكينُ يومًا بطنَهُ
فالحاكِمونَ يصادرونَ غِلالَهْ

ما زالَ يحلمُ بالجِياعِ و يتَّقيْ
أحزانَهمْ ، كي لا يخونَ عِيالَهْ

ما زالَ يحلمُ أنْ يفوزَ بموطنٍ
ذيْ قيمةٍ و كرامةٍ و عدالَةْ

لا تسأليهِ عنِ الشَّتاتِ ،
جهاتُهُ سبعونَ ،
صِرْنَ جميعُهُنَّ شِمالَهْ

في " بيتَ بوسَ " يموتُ ،
لا بيتٌ لهُ !
في كلِّ عابرةٍ لهُ إطلالِةْ !

منْ ألفِ مُوْجِعَةٍ يطلُّ كأنَّهُ
في "لا وجودِ" اللاوجودِ ثُمَالَةْ

يمضيْ و يختصرُ الحياةَ كأنَّهُ
شجَنٌ ، فراغُ الأغنياتِ أطالَهْ

أوجاعُهُ الحُسْنَىْ خرائطُ
شاسعاتٌ ،
كم خَدَعْنَ على الطريقِ ظِلالَهْ !

مُسْتَغْفِرٌ
أحزانُهُ كذُنوبِهِ لا تمَّحيْ
حتَّىْ تُرِيْهِ نكالَهْ

ما زالَ يحلمُ بالنَّجاةِ كلاجئٍ
في مقلتيهِ حضارةٌ و أصالةْ

تركَ المَذابحَ ناهشاتٍ قلبَهُ
و بكى يتَامىْ ،
و الدُّموعُ جَزالَةْ

تركَ ازْدحامَ الإنْتظارِ كجُثَّةٍ
تحسوْ القيامةَ في عيونِ الصَّالَةْ

و مضىْ لحالِ سبيلِهِ كغمامةٍ
في البحرِ ألْقتْ عذْبَهُ و زُلالَهْ

ما زالَ يحلمُ بالرّجوعِ كقاربٍ ،
في صدْرِهِ المخنوقِ ألفُ رسالَةْ

في حزْنِهِ شوقٌ إلى
امْرأةٍ هيَ الفرْدوسُ ، لا حَطَبٌ 
و لا حمَّالَةْ

في وجهِهِ أملٌ يقولُ :
الأمنياتُ البيضُ - يا بؤساءُ - غيرُ
مُحالَةْ

في شعْرِهِ تاريخُ ضوءٍ حافلٌ
يرويْ لأحفادِ الظلامِ نِضالَهْ

ـــــــــــــــــــــــــــ

10ــ4ــ2019

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص