الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
رقصة الشعر ! - طارق آلسكري
الساعة 08:15 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


 

مرَّ أسبوع وأنا على النافذة ! كم أنا متلهف لأنْ أكتب قصيدة .. قصيدة واحدة تليق بك 
قصيدة استثنائية كجنونك الخلاق 
قصيدة بلا رتوش .. ولا ديكورات ( without Metaphor ) 
لقد أتعبتنا القصائد المثقفة !
إنها تشبه وجوه النساء في صالة الأعراس لاتعرف الجمال الحقيقي من الجمال الزائف ! 
إننا صرعى الأوزان والزخارف الكلامية ! 
لقد أعطينا العين حظها من متعة الصور المرئية .. والأذن حظها من متعة الصور الإيقاعية .. والصور الشَّمَّيّة والصور الإيحائية ولكننا لم نُدخل الروح والعذاب الإنساني في هذه التوليفةِ الشعرية . 
قليلون جداً هم أولئك الذين يقرأون أسرارنا وراء الحجب .. دعيني أطلق مصطلح : نبوءة الجاذبية ! القدرة على استحضار كل الأزمنة وتفجيرها في أيقونة واحدة : الكلمة .
يؤسفني أن أعترف من الصعب أن أجد مثل هذه القصيدة الاستثناء وأنت في ذلك البرج العاجي ! 
فانزلي قليلاً واسمحي لي برقصة الشعر فأنا شاعر من سلالة الشنفرى أجمل رقصاتي على قارعة الطريق تلك التي لم ينتبه لها أحد ، وأجمل قصائدي تلك التي لم ينجذب إليها أحد .
من أجل ذلك لا زال الاستمرار في البحث عن قصيدة تناسبك موضوع جدل بين لغتي وفكري !
لكن أود أن أقول لك شيئا خطيرا !
إن صداقتك مرهقة جدا ! ومكلفة جداً . فأنا لست نسخة من أحد وأنت تريدين أن أكون كالبقية الذين يكتبون لك في اليوم عشرين ألف قصيدة ، ويمنحونك عشرين ألف قبلة ، ويعتصرون يديك عشرين ألف مرة .
ليت أن أجنحة خيالي الأسطورية تكف عن التحليق ساعة !
الحب الذي يجعل الأرياش ترفرف زاهية الألوان على المروج والأنهار 
ويجعل العيون حادَّةً تنفذ جدران المعاني وسياجاتِ الأفكار 
قالت الأشجار : ستهبُّ الرياح الباردة بعد قليل من الكلمات . فقط: keep going
قالت الكلمات : ستطفو الشمس فوق مياهي عندما تتحرك أشجار الخيال في أعماقي 
قالت الشمس : الحياة اعتناق ظليْن ، واختلاط دمعتين . 
أرجوكم قفوا قليلاً . لسنا على خشبة مسرح .. نستعرض العضلات البلاغية 
على كل حال ! يبدو أنه لا توجد موسيقى كافية لأن تقنعك بحالة الشرود التي أعاني منها بسببك ؟ 
هل تريدينني أن أقوم بدور البطل في فلم : Anger Management الذي اقتحم أرضية الملعب بحثا عن حبيبته وسط حشد مهيب من الإعلام والجماهير وكبار الشخصيات ، قبل بدء المباراة بثواني .. وإذا المُدرَّجُ كله يهتف : قبَّلها ياديفيد ؟! امنحها قبلة فرنسية لخمس ثوان ياديفيد !
لكن ذلك تمثيل .. أنت تعلمين أن ذلك من أجل المال .. لا يوجد حب حقيقي . 
إنه يشبه أشعار الحرب في زماننا تأتي ناقصة دوماً .
لا يوجد دليل يثبت لك مدى اهتمامي بك أعظم من دخولي على YouTube كل يوم لمشاهدة مقابلاتك التلفزيونية؟ أرصد درجة حرارة أنفاسك كما يفعل الطبيب .. وأقوم بأعمال الحفر في أعماقك كما يفعل الجولوجيون في أعماق الأرض . وأراقب كلماتك وهي تطير إلى الأعالي بهوادة كما يفعل الشعراء ! 
أهناك أعظم برهان من أني أتخيلك في ملاهي الأطفال تمرحين ، وفي مدارس الأطفال تدرسين ، وفي كلمات الأطفال تضحكين ؟ 
مِنْ أني أراك على صحراء العيون القانية والأنياب الحادة ترتجفين فأسقط بأشعاري من الجبال وأحملك على حصان أبيض وأطير بك إلى السحاب ؟ 
سيدتي ! 
هل تسمحين لي برقصة الشعر ؟ 
إنها رقصة أشد فتنة من الَّلامْبادا ومن السَّامبا !
إنها رقصة تقوم على الصدام العنيف الذي تتكسر من خلاله جدران العالم الزائف 
لكنه صدام يتم في عالم مختلف أيضاَ ! بين صورة شعرية وصورة شعرية أخرى ! صورة شعرية هي نحنُ ! نحن كائنات القصيدة ! نحن قصيدتان يربط بينهما روح واحدة . 
شاهدوا فحسب : الإيقاع الداخلي يتصاعد ويقترب ، القافيتان المخمورتان تقتربان ، الأسلوبان يصطدمان ، الرؤيتان تتوهجان ، تضطجعان ، تحلمانْ . 
إن القصيدة أسلوب حياة . 
إنني مفعم بك .. تضيء شاشة الجوال بصورتك .. وينام جهاز الحاسوب على صوتك
نرمي في الظلام الزورق إلى البحر .. ونوقظ القمر ونرحل بحثا عن الكلمات 
عالم الحرب سينتهي .. عالم المال سيبيد .. عالم السجون سيفنى ويبقى مجاز الكلمات أبداً لا يموت . 
سيدتي !
هل تسمحين برقصة الشعر للمرة الألف ؟

 ماليزيا 9 - 2019

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص