- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
أجواء صيفية ملتهبة جداً ، والشمس تلهثُ كاكلبٍ مسعور نحو كبد السماء ، الوقت مازال ضحى و الساعة لم تصل العاشرة بعد ....
ركنتُ سيارتي أمام مطعم ( اليمن السعيد ) بعد أن قطعتُ بضعة أميال منذُ بزوغ الشمس كعادتي عند بداية كل أسبوع في مهمة عمل شاقة وقاسية ...
دلفتُ مسرعاً إلى الداخل كان المكان شبه خالي من رواد المطعم ماعدا شابين كان يقابلان بعضهما البعض بأسلوب أقرب إلى رومنسية زائدة نوعاً مآ ، أحدهما كان يدير لي ضهره عليه ملابس قصيرة لم تغطي غير نصف جسده ، وسروال قصير يشبه ( شورت السباحة) تبان نصف مؤخِرته وعدد من فقرات أسفل عموده الفقري ....
" تباً " قلتُ متقززاً في نفسي لو أن هذا الشاب ينتمي الى جمعية نادي المثليين لكان أحترم سلوك هذا المجتمع وتقيد بقواعده قليلاً على الأقل ، قمت مبدلاً مكاني ، وجلست في أقصى زاوية المطعم ، أتأمل عدد من اللوحات المعلقة على جدران المطعم لمناظر طبيعية خلابة ، التِقِطت بعدسة مصور محترف لبعض محافظات اليمن الكبيرة صنعاء تعز عدن حضرموت الحديدة .....
فرش أمامي نادل المطعم السُفرة وقال لي كعادته كيف البلاد طمنا هل لديك ثمة أخبار جديدة من هناك ؟؟ أجبتهُ فوراً البلاد تشبه نصف مُؤخِرة ياعزيزي لا مغطى ولا مكشوف ...
تبسم حسن وفهم مغزى حديثي ، ووضع لي وجبة الإفطار أمامي ، وقال بلهجة محلية لايفهمها غير اليمني (( تقول ماشتصلحش بلادنا ؟ )) يقصد اذا كنتُ أعتقد بأن البلاد لربما تعود لحالها الطبيعي قريباً ويصلح حالها كما كانت عليه على الأقل .
كان ينظر إليا وكأني حكيماً أو طبيباً أعرفُ سر المرض وأعلمُ ماهية الدواء ، يتمنى طمأنةً ولو جرعة من الوعود البراقة كي يتشبث بها كقشة لينجو من همومه المثقلة عليه ...
# كم عمرك ياحسن ؟
* خمسة وعشرون عاماً ..
#كم لك مغترب في هذه البلاد ؟
* قبل شهر تجاوزت عامي الرابع هنا ..
#هل أنت متزوج أو عازب؟
تبسم وقال كنت خاطب إبنت خالي لكنها أستشهدت في حادثة الطيران التي قصفت باص المدرسة بالخطاء ،خطيبتي كانت ضمن شهداء الحافلة المدرسية ، من بعدها أقسمتُ يميناً مغلظاً بأنني لن أتزوج أبداً بعدها ...
أغرورقت عيناه بالدموع وكادت تفيض بها لدرجة بأني تمنيتُ عدم سؤاله ومفاتحته بالموضوع ، قلت له مواسياً لا عليك يا صديقي هي شهيدة في الجنة بإذن الله تعالى .
قاطعني قائلاً لم نتعرف عليها غير من حقيبتها المدرسية التي كانت ملتصقة على ظهرها ..
صمت لحظة ثم أتبع بصوت متقطع كان جسدها الصغير متفحماً تماماً ....
أردتُ إخراجه من سياق الحديث الملبد بالحزن ، وأنحرف بحديثي عن لب الموضوع الحزين هذا ..
قلت له والدك ماذا يعمل ياترى ؟ زفر نهدة من أعماق فؤاده قال أبي هو الآخر كان ضحية قناص ملعون ..
عندما كانت المدينة مضروبة عليها بطوق من الحصار الجائر مُنعت حينها من الماء والغذاء وغيرها من أساسيات الحياة خرج أبي في الصباح الباكر يترزق على باب الله و يبحث لنا عن أنبوبة غاز أو وجبة جاهزة من الطعام نسد بها رمقنا . فجأة باغتتة رصاصة ماكرة على يد قناص مأفون كانت له بالمرصاد ....
وأشار لي باصبعه لمنتصف جبهته تماماً موحياً بمكان الرصاصة التي هشمت جمجمة أبيه .....
كنت شاخصاً بصري إليه متمنياً أني لم أحادثه أو أفاتحه بأي موضوع آثار له كل أحزانه هذه التي لا يحتملها بشر ، لكنه تابع بصوت متقطع يخالطه عَبرة من الحسرة والحزن قائلاً منذُ توفي والدي حملت عنهُ أنا هم الأسرة لأني ولده البكر لديا أم وثلاث خوات نازحات في القرية عند خالي ليس لهن عائل غيري أنا الوحيد ...
لذلك أنا أُقَسّم راتبي نصفين لهن النصف والنصف الآخر أدخره لتجميع رسوم الإقامة وكرت العمل هنا في هذه البلاد ...
اقترب ناحيتي قليلاً وقال هامساً وكأنه يدلي بسر خطير هل تعتقد بأنهم يمكن أن يخفضوا علينا رسوم الإقامة هذا العام ؟
كنت مسمراً بصري ناحية الشاب وفاتحاً فاهي لهول ما سمعتُ من حديثهِ ثم قلت متلعثماً ومرتبكاً في آن واحد ، يمكن ، ربما ، إن شاء الله تعالى ...
عاود سؤاله الأول (( تقول ماشتصلحش بلادنا ؟) !!
أجبتهُ بنبرة حزينة وحنقة : لو صلحت نيات العباد لربما ستصلح حينها البلاد _ يا أخي الكريم ...
همس لي بصوت منخفض هل تدري أنني فكرتُ بالانتحار ؟
ليلة البارحة علقتُ حبلاً في غرفتي وقررتُ شنق نفسي لأرتاح من كل هموم هذه الحياة ، والله ما أوقفني غير أصوت أمي وخواتي أحس فيهنّ داخل رأسي و باعماق قلبي يترجني أن لا أقدم على قتل نفسي وكانهنّ يصرخنا جميعهن بصوت واحد ونحن لمن ياحسن ستتركنا ؟!
تدلى فكي السفلى مندهشاً وقلت متلعثماً لالا يا أخي هذا خطاء عظيم كن قوياً يارجل تماسك ، (ونعته بالرجل )لكي يشعر بالقوة وعظم المسؤلية ، وأستدركتُ قائلاً الله موجود يا أخي لن يتركنا و لن يخذلنا ، حتماً سننجو من هول هذه الحرب المجنونة التي طحنت البلاد والعباد وراح ضحيتها عدد كبير من الأبرياء الله موجود ضع ثقتك فيه و أرمي حِملك عليه ...
قاطعني بصوت عالٍ أين الله ؟
قلي أنت أين الله إزاء كل مايحدث هنا وهناك ؟
أي الله تقصد ؟ الله الذي هنا أو الذي هناك ؟ وبداء صوته يعلو ويعلو بقوة وكأن هستيريا أعتلته فجأة وفقد عقله ..
وضعتُ يدي اليمنى على فمه ويدي اليسرى مسكت رصغه وضغطتُ على حبل الوريد المؤدي لقلبه وكأني أوقف جرح ينزف بقوة ..
أجهش في البكاء ونهض مسرعاً نحو الداخل موصداً باب المطبخ خلفه كي لا يمكنني ألحاق به ...... .................
تركت المكان ومضيت بعد حال سبيلي ، ولم تبارح مخيلتي دموع حسن ولوحات اليمن المعلقة على جدران المطعم وبقية الطعام المتبقي على السفرة ، ونصف المؤخِرة أيضاً .........
تنويه /
الشخصيات والأحداث من وحي خيال المُؤلف و لا تمت للواقع بصلة ..............................................
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر