السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
ن ……….والقلم
تلك الليلة نهاية ذلك العام .. - عبد الرحمن بجاش
الساعة 17:56 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


الثلاثاء 1 يناير 2019
 

قال كامل : سأنتظرك غدا ، وسنذهب معا …
بعد الغروب لبست ملابسي الداخلية وما يقيني برد بدأ يحتل شوارع المدينة ويرسل طلائع قواته تتمركزعلى الأشجار بياضا ولون قلوب العذارى على الشوارع ، كان شتاء موسكو قد بدأ يسترخي…

قلت للزبيري زميلي العزيز: هيا حث الخطى لنصل في الوقت المناسب، وإلى محطة ((بروفسيوزنايا)) اتجهنا ، وغصنا في أعماقها إلى أين يقف المترو، عالم تحت الأرض هو تلك المعجزة حيث كل ثوان عده يأتي من هذا الاتجاه قطار ومن الاخرقطار...والمحطة في باطن الأرض كأنها عين امرأة جميلة من نظافتها واناقتها …

دلفنا إلى تلك العربة ... اغلقت الابواب ...يتردد الصوت الهادئ الجميل (( اغلقو الابواب ...محطتنا القادمة …)) تلاحظ أن عبارة كتبت فوق الرؤوس هي جزء من التربية العامه للإنسان ((الاولوية في الجلوس للاطفال والامهات الحوامل والمرأة والمعاقين والعجائز وابطال الحرب )) وبالنسبة للاطفال تحديدا فكانوا في زمن الاتحاد السوفيتي مقدسين، وفي الشارع تصادفك لوحة تقول: لا يوجد في بلادنا ملوك أو اباطره ، يوجد الطفل الامبراطور ….

ترى صورا شتى من الوعي العام تتمثل في ماتراه حيث تجد الجالس على المقعد يقوم فورا عندما يلاحظ مجيئ احدا من الفئات المحددة في ذلك التنبية ….

في محطة (( اكترازوفودسكايا)) نزلنا واتجهنا إلى الاعلى لنخرج إلى الشارع ومنه إلى سكن زميلنا كامل ، فجأة توقف صاحبي : سأعود - إلى أين ، قلتها باستغراب - إلى السكن - طيب ليش؟ - مافيش حاجة بس اشتي ارجع احاسب نفسي !! ، كنا نسكن في (( دوم اسبرانتوف )) وذلك السكن كان عالما قائما بحاله، على اليمين مبنى من سته عشر طابقا ومن اليسار مبنى مقابل بنفس الشكل وعدد الطوابق ، بينهما دار سينما ومطعم هائل ، ومغسلة للملابس وصالون حلاقه وفي الطابقين الارضيين للمبنيين صالتي تينس وبريد ، في ذلك السكن الداخلي كان العالم كله موجود من أمريكا إلى اليمن ومن فيتنام إلى جنوب افريقيا طلابا يدرسون في الجامعات والمعاهد على حساب السوفييت ، حاولت معه ليصرف تلك الفكرة لكنه اصرعلى العودة ، تركته وواصلت …

وجدت كاملا ينتظرني ، ومن هناك انطلقنا إلى حي في اطراف موسكو ، وإلى إحدى شقق السكن الداخلي ذاك اتجهنا ، كان السكن يضم عددا هائلا من الطلبة ..كان العالم أيضا كله هناك يحتفل برأس السنة …عام جديد على طريق الانجاز…

عند الثانية عشرة ليلا إلا دقائق اطفئت الانوار، ليسود صمت مهيب ، لحظة أن دخل العام الجديد ينقل التلفزيون صوت اجراس كنيسة موسكو الضخمه ايذانا بحلول العام ، لتعود الاضواء وينخرط الكون في فرح له أول وليس له نهاية …

صحوت عند الواحدة ظهريوم 1ينايرمن العام الجديد ، خرجنا وزميلي ، هو عاد إلى سكن معهد مادي وأنا واصلت سفري في احشاء المدينة المهيبة حتى محطة (( اكاديمشسكايا)) ، كنت ايضا اتوق لمعرفة النتيجة من محاسبة صاحبي لنفسه ….

دلفت سريعا إلى غرفته حيث يعيش معه (( اخفت)) ، وذلك اليوناني من اثينا تحديدا ، لمحت ابتسامه على وجه المنغولي اجمل خلق الله نفسا كان يحب اليمنيين بلا حدود ، جلست بجانب عبد العزيز : - كيف أنت يابن بجاش؟

قلت - كيفك أنت ؟ هل حاسبت نفسك ، ضحك - لعنة الله علي ، - ليش ؟ - قضيت الليل كله ياصاحبي في المصعد ، كيف؟ توقف بي فجأة في المنتصف ، ولأن الجميع يحتفل لم ينتبه لجرسي احد ، فبقيت حتى منتصف النهار..استاهل ، ضحكت كما لم اضحك طوال حياتي قبل تلك اللحظة ……

كل عام وأنتم بخير ..

ولله الأمرمن قبل ومن بعد

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً