الأثنين 22 اكتوبر2018
 

لوتكرمتي ورقة صغيرة ، قلت ذلك بصوت خفيض ، فقد كان الصمت لحظتها يخيم على المكان ، وفي لحظة استثنائية يكون الصمت موسيقى من نوع آخريستمتع بها روحك …

هي خلف جهازها وخلف الطاولة الجميلة تتابع عملها ، كانت الساعة تشير إلى العاشرة إلا ربع، ربع ساعة على وصول (( الدكتور)) ، وصلت أنا إلى العيادة التاسعة والنصف فموعدي العاشرة ، احرص دائما على الالتزام بالموعد واحترامه، هناك من البشر من يرى احترام المواعيد مسيئ إلى شخصه الكريم ، لذلك يرتاح عندما يأتي متاخرا ويرى الأخرين ينتظرونه ، يعاني هؤلاء من مرض التضخم هم اتناك للضجيج ليس إلا !!!...

كتبت على الورقة السؤال التالي : ماهو السر في أن قدمك اليسرى تتحرك فور أن تسمع الموسيقى الراقصة تحديدا ، اذ في اللحظة التي نقلت فيها كاميرا تلك القناة مجموعة من السود بدؤو يتمايلون طربا لصوت الموسيقى ، وانهمكوا في رقصة طويلة تابعناها من كنا موجودين لحظتها ، شاب بيده كتاب باللغة الإنجليزية يقرأ ، وأنا ، والسكرتيرة ، أنا وذلك الشاب ارتفعت قدمينا لحظة أن وصلت إلى مسامعنا الدندنة ؟؟!!...

وصل د. علي قائد الشرعبي عند العاشرة تماما دلفت رجليه من باب العيادة ، هو موعده المضبوط ، زاد احترامي له وبلا حدود …

ثمة اماكن عندما تدخلها فتحس انك انتقلت إلى عالم آخر، ألوان جذابة على الابواب والجدران ، وكراس انيقة ، وكل شيء يوحي بلحظة جمال استثنائية ...واجمل مافي الصورة أن فتيات العيادة كن يذهبن ويعودين يتفاهمن بالاشارة والصوت الخفيض جدا ، تولاني شعوربالارتياح …

نادتني أحدى الفتيات للدخول ، وعلى كرسي الطبيب استسلمت لادواته وقبلها يديه الماهرتين ، يسبق عمله علي الشرعبي بابتسامة ودودة يداخلك على اثرها شعور بالالفة والمحبة ….و بالنسبة فهو صديق شخصي لي من زمن طويل …

لحظة أن فتحت فمي ليمارس فيه عادته اليومية تخفيف ألم الإنسان ، والفتيات الملائكة شكلا وعملا يحطن به ، تناهى إلى سمعي صوت فيروز قادما من زاوية ما ، ذهب بي خيالي إلى رواية علاء الاسواني فورا (( شيكاغو )) ، فالطبيب بطل الرواية يحرص على أن يجري العمليات تحديدا على صوت الست ، مسكت يده سالته نفس السؤال الذي كتبته على الورقه : لماذا تتحرك القدم اليسرى تحديدا فورسماعك الموسيقى ؟ قال : الإنسان ابن البيئة ، أنظر إلى الافارقه معجونين بالموسيقى والغناء ، الامر أيضا مرتبط بتعاملك مع الحياة عموما فالجنس الاسود يغني ويرقص ولا يقترب من الهموم …

يمكن لك ان تدير ورشة نجارة وبمرور الوقت يمكن للآخرين أن يسبقو الأخرون اسمك بصفة الفنان ، هناك طباخ فنان ، وهناك لاعب فنان ، وهناك سائق فنان ، ففي كل مهنة يمكن لصاحبها بحس راق وذوق استثنائي أن يحول مهنته إلى فن …

هناك من الاطباء اصحاب مهن جلفه اذا صح التعبير، فيخيل لك عندان تخضع لهم طبيا أن بايديهم ليس المشرط وتلك الادوات الراقية لاجراء أي عملية ، بل يخيل إليك انهم يحملون بدلا عنها المطرقة وتوابعها ، واذا دخلت عياداتهم فتهرب من أول لحظة ، فهم من اصحاب شعار: تعالي وابيس !!!..

كلما ياتي د. علي الشرعبي إلى المقيل اليومي ، فتراه يقونن الجلسة باستراحات تتخلل الاحاديث ، فمسجلته الانيقة او تليفونه يشنف الاسماع بالاغاني ما طاب منها وما سرالنفوس …

صديقي وصديق الاخرين طبيب الأسنان د. علي قائد الشرعبي فنان ، وادخل إلى عيادته سترى ، وأنظر إلى مساعداته الفتيات المهذبات فيتاكد لديك ما ارتسم في ذهنك ، وأنظرإلى تعامله مع الجميع فتجد أنك أمام فنان هو طبيب ، ليس لانه اهتم أو يهتم بي وقد اهتم بي بلا حدود ، كذلك بالاخرين شهودا على ادبه وتهذيبه ومهنيته التي تكتمل باناقته لبسا وببياض الشعرالذي يسكن القمة ، واناقة عيادته 
وصوت فيروز ، أنا وكل من يجيد سماع الموسيقى يرى من يسمعك صوت فيروز تحديدا فهو إنسان سام نفسا إلى أعلى العلى …وأنظر فحتى اسم العيادة فيوحي لك بالموسيقى (( لآلئ وابتسامة )) ...مش عيادة طب النفوس واصلاح الجزمات ...

قبل ساعة ونصف تقريبا خرجت من عيادة الطبيب الفنان وقد خف المي …
خرجت شاكرا ، مقدرا له ولطاقمه المميز مايقدمونه للآخرين وأنا منهم ..

لله الامرمن قبل ومن بعد .