الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
هذيان - عمار محمد الشيخ
الساعة 14:09 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

كعادتي كل صباح منذ ذلك الموت رسمتُ الابتسامةَ على وجهي وخرجت،لصقتها كطابع بريدي على مغلف مجهول المحتوى لأعيد لملامحهِ البعد الآدمي الذي تتواصل من خلالهِ البشر..أقفلت باب البيت لأفتح باب الذكريات فالطريق طويل الى موقف الحافلات ولا يعينني عليه سوى إجترار موقف  من جوف الذاكرة ليبدأ الجدال الابدي..من المخطئ؟! 
قدماي تنساق بذاكرةِ متسلقة  الى وجهتها،بعد أول خطوتين ونظرة فاحصة على طول الدرب لأتاكد أن جديداً لم يطرأ، أُسلم القيادةَ لقدمي فهي تعرف الطريق اكثر مني،ككل صباح أغلقتُ باب الفكر علينا وبدأت الاجتماع ببناتهِ،أخرجتُ لهم موقفاً فبدأ الضجيج!! 
صباح امس  تذكرت لقائي الأول ..هو لقائي لأنها لم تكن مشتركةً فيه الا كلوحةٍ مغريةٍ في معرض للفنون ...لم يكن لها دور سوى التواجد.. ..
صاحت فكره انت مخطئ اذ تكلمت.. ..وردت ثانية انت مخطئ لكن اذ تسرعت ...صرخت اخرى بل اذ تخيلت...
تخيلتها عمراً وراتني ضحكة حملتها اليها ومنها  الريح... 
تخيلتها ربيعاً وراتني شمس الشتاء... 
تخيلت انعدام تضاريسها بساطة... 
تخيلتها بحرا من الوعود يمتد ليلتقي مع اماني السماء...

لم اكن املك من اللابرائة وتراكم الخيبات ما يكفي  لأجنبني جحيم حبها...
ثم على عجل أتخذ قراري ،غدا سيكون موضوع الجدال جاهزاً والضجيج سيكون اكثر تبايناً وغدا فقط ساشارك في هذا الجدال سأقول رأيي بوضوح وثقة ..سأطلب من الأفكار المعارضة أن تحترم قراري بأخذ القرار..وكلي رضا سأقبل عودتها...لن اطلب منها الاعتذار ..لن احرجها بسرد المبررات ...سأقف شامخاً مبتسماً فالجرح على عمقه متلهفٌ للشفاء ...سأفتح ذراعي لإستقبالها كما تحب ،قررت أن أنسى بل قررت  التنازل عن مطالبي واعتراضاتي  التي أبعدتها عني..
خرجت الى وعيي سريعاً هذه المره  احببت الواقع،وأحببت عودتي إليها ... .أحببت الشوق الواثق الذي يحفزني لأستلم القيادة من قدميّ..تلاشت اصوات المعارضة مع ضربات قلبي الواضحة..الطريق يصبح ورائي اكثر فأكثر والحلم يكشف اخضراراً  أوضح فأوضح ...مسافة خفقة او زفرتين..لامجال للتساؤل عن نوع العطر او تسريحة الشعر فهذا لايهم ،لن تلاحظ هذه الاشياء لأن دموع حنينها ستجملني،خمس خطوات والقلب طار قبلي وعيوني تبحث في مكانها المعتاد..انتهت الخطوات الخمس لكن اين هي؟! ربما تأخرت أو أنني موعدها لم تتاخر عنه الا معظم الايام..هل أخطاتُ المكان ؟! هذا هو مكان لهفتنا  المعتاد التقيتها  فيه مره او مرتين!!
 أتراه الحزن منعها من أحياء الشوق؟! ..تبا لجلافتي لو أني  كنت أقل  بلاهه ربما كانت ستكون هنا، ربما ظنت أني لن أقبل إعتذارها او اتعالى على دموعها ..أظنها لم تجد مبرراً او عذراً يقنعني بالعوده.،ربما اقنعها جهلها بي اني لن آتي ولن اعود ..لو تعلم اني هنا لكانت انتظرتني لساعات .... أنتظرها بالمكان الذي حددته بيني وبين نفسي فلماذا لم تأت؟! هل كان صوت أفكاري خافضاً لهذا الحد؟! 
 وخرجت مره اخرى لأتأكد من هو من بينهم.... لماذا تتابط ذراعه هكذا؟! لو اني لا اعرفها لقلت انه حبيبها!! رفعت يدي لأقول هذا انا لا تخطئي..انا من يفترض ان يكون صاحب الذراع ..انا الذي اتيتك شامخا فارغا لتملأئيني ،انا هنا بسذاجتي ولهفتي اليس هذا هو المكان اليس هذا موعدنا...ام هو موعدي فقط ؟والتفتت الي نعم راتني!! شكرا ليدي التى استطاعت جلب اهتمامها ،تخيلتها تجري الي بشوقي ستختلط بشغافي من قوه الحنين..
 سمعتها خيالا تردد لاتبتعد مرة  اخرى فبَعدك حياتي ليست كالحياه، هتفت بيأسي سامحتك ورددتك الى روحك،مسحت دمعتها الغائبه وقبلت نهدتها البارده وضممت الثلج الى صدري.. ..
ولما نفضت دمعتي وخرجت الى عين وعيي رأيتها تمشي مبتعده قد غاصت اكثر في خاصرته واصبحت ذراعه جزئا منها... 
عدت معيداً الطريق وعيه ..لم اعد اكترث للضجيج الذي خفت تباينه ولا للأفكار التي  دعت لاجتماع طارئ ،ولا لخيبة الجرح الموعود بالشفاء ولا لشموخي الذي تواضعت معالمه...كل ما كان يشغلني هو الم مجهول المحتوى ساسميهِ خيبتي الاولى،وعلى بعد الخطوة الخامسة في طريق العودة أيقنت أن الاطياف لم تعد تستهويني فعلقني بضلعك المكسور لعل شجره التفاح تثمر شمسا،ثم أني أشتاقك وطنا ونبضا وترنيمة حياة..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً