السبت 01 فبراير 2025 آخر تحديث: الثلاثاء 28 يناير 2025
زهير بن أبي سلمى خارج الأسطورة - طارق السكري
الساعة 13:58 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


 

أحتشد لأخرج على الشارع بالسلاح !
من هنا مرّ الطاغية .
الشارع يحمل أثر الروائح النتنة ، وأصوات الكلاب ، وضجيج الموكب .
الناس يصفقون ، والضوضاء ترتفع على أثر الازدحام وكثافة الأنفاس : ( يعيش يعيش ) .
الناس يقتتلون على تقبيل إطار السيارة .
على ناصية الشارع بنى الطاغية مسجداً كبيراً .
الشارع يذكرنا بالماضي .
الشارع مأوى لآلاف من المتشردين .
كرياتُ التشرُّد تزأرُ في شراييني .
خرجت من شارع في وطني إلى شارع على جزيرة .
هل أخرج على كل أعراف الجزيرة العربية ، وأمشي على قدمي ؟ 
معنى هذا أني سأمشي بالمقلوب ؟!
الحرب تنقض أوتاد الخيمة ، وتأكل سارية السفينة .
الأرض تدور كالطّابةِ على سبابةِ الطاغية .
تقف جُرْهم وحيدةً كالنورس على الصخر تنتظر الهجرة .
الشمس كمياه الخطيئة تفور على قمم الجبال ، وتسيل على الأرصفة .
عبس وذبيان تدور بهم رحى الزمان ، وتخرج النمور إلى الميادين ، وتضيع وصايا الهرم بن سنان والحارث بن عوف ، وتخلع الصحراء عباءتها على أفواه المجلات والقنوات الفضائية
فتحدثنا الرمال عن فلسطين وعاصفة الأحزان الرملية . وتحدثنا القوافل الممزقة عن سوريا وعن سعار الخنازير ولون القمر الأحمر .
أجمع قواي وأكتب بمياه الأربعين الرمادية عن الحرب :
( متى تبعثوها .. تبعثوها ذميمةً .. وتضْرَ إذا ضرَّيتموها فتضْرمِ )
الطاغية يدوس على فم التاريخ ، ويبحث عن الخواتم ، والأحجار الكريمة في لعب الأطفال ، وجيوب القتلى .
ليت أنَّ غربتي كانت لمصر أو لبنان فأنا لا أمتلك لغة أخرى لأعيش في أوربا !
بغداد الحبيبة لا ترد على هاتفي النقال ، ولا تفتح الشات.
إنني بطول لياليها الفراتية ، وطول مناراتها العريقة ، وجدران كنائسها العتيقة ، ومجدها العظيم ، أبكي كأسماك البحر ، وبقايا سدّ مأرب .
أقرأ على الطلاب :
( وما الحربُ إلا ماعلمتم وذقتمُ .. وما هو عنها بالحديثِ المُرَجَّمِ ) . 
وأنسى أني في حلقة تحفيظ !
تباً لهذه المنافي المتعكرة المزاج ، الباردة الدم ، المتقلبة الأمواج .
صار سوق عكاظ في زمن الحرب سوقاً لبيع السراويل .
الطاغية يسحب من الشعراء وشداةِ الحكمة هويَّاتهم .
العمالة السائبة تتسبب في انهيار المنظومة الاقتصادية .
الشركات التجارية الكبرى تتحكم بقيم الشعر الفنية ، وتصنع أدوات ساديةً جديدة .
المأساة صناعة ، وزمن الحرب يطول .
الشعراء يتجمّعون كالملح على البحر .
بنات الحارث بن عوف ، وهرم بن سنان ، يُقِمْنَ في مزرعة الطاغية .
الطفرة في المشتقات النفطية تساهم في قلق المعاجم اللغوية ، وتلوُّث المياه ، ورداءة التعليم .
اللصوص يسيطرون على تجارة الجنس ، وينفثون شهوة الحشيش في رَحمِ نيسان .
جيوش العالم تكره المعلقات العشر ، وحلقات التحفيظ .
لا شيء يقنعني بعدم الخروج على الشارع ، والكتابة باللون الأحمر .
نحن الشِّقُّ الفاسدُ من البيضة ، والنصف المظلم من هذا الكوكب العسكري ، والجزء المنسحق تحت أقدام الاحتلال .
أضع على رأسي عقال الأبجدية ، وأزرع الأشعار في طريقي ، وأصوات السلاسل تصك مسامعي ، ووراء المضارب ماورائها من تبطُّل الفرسان ، وأحزان السيوف وحنق الخيول ، وتلبُّد السماء بصراخ السجينات .
وما الحرب إلا ماعلمتم وذقتمُ .. وما هو عنها بالحديث المرجم .
من يدرك الناس ؟
الطاغية يستحمُّ في عيون الشمس ، ومفاتيح صنعاء معلقة على صدره .
علامات التعجب ( !!! ) : مسيرات الشيوخ المقاتلة لا تكفي .
علامات الاستفهام ( ؟؟؟ ) : تقنية جديدة لمخلوقات الضباب .
القصائد تدخل عامها الجديد من زمن الاغتيالات .
الكيبورد ينفجر .
زهرة أمل تبتسم فوق الحرائق والدموع . سأعلق معلقتي على صدور المقاتلين 
أصوات وليمة مقبلة من مزرعة الطاغية .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص