السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
زهير بن أبي سلمى خارج الأسطورة - طارق السكري
الساعة 13:58 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


 

أحتشد لأخرج على الشارع بالسلاح !
من هنا مرّ الطاغية .
الشارع يحمل أثر الروائح النتنة ، وأصوات الكلاب ، وضجيج الموكب .
الناس يصفقون ، والضوضاء ترتفع على أثر الازدحام وكثافة الأنفاس : ( يعيش يعيش ) .
الناس يقتتلون على تقبيل إطار السيارة .
على ناصية الشارع بنى الطاغية مسجداً كبيراً .
الشارع يذكرنا بالماضي .
الشارع مأوى لآلاف من المتشردين .
كرياتُ التشرُّد تزأرُ في شراييني .
خرجت من شارع في وطني إلى شارع على جزيرة .
هل أخرج على كل أعراف الجزيرة العربية ، وأمشي على قدمي ؟ 
معنى هذا أني سأمشي بالمقلوب ؟!
الحرب تنقض أوتاد الخيمة ، وتأكل سارية السفينة .
الأرض تدور كالطّابةِ على سبابةِ الطاغية .
تقف جُرْهم وحيدةً كالنورس على الصخر تنتظر الهجرة .
الشمس كمياه الخطيئة تفور على قمم الجبال ، وتسيل على الأرصفة .
عبس وذبيان تدور بهم رحى الزمان ، وتخرج النمور إلى الميادين ، وتضيع وصايا الهرم بن سنان والحارث بن عوف ، وتخلع الصحراء عباءتها على أفواه المجلات والقنوات الفضائية
فتحدثنا الرمال عن فلسطين وعاصفة الأحزان الرملية . وتحدثنا القوافل الممزقة عن سوريا وعن سعار الخنازير ولون القمر الأحمر .
أجمع قواي وأكتب بمياه الأربعين الرمادية عن الحرب :
( متى تبعثوها .. تبعثوها ذميمةً .. وتضْرَ إذا ضرَّيتموها فتضْرمِ )
الطاغية يدوس على فم التاريخ ، ويبحث عن الخواتم ، والأحجار الكريمة في لعب الأطفال ، وجيوب القتلى .
ليت أنَّ غربتي كانت لمصر أو لبنان فأنا لا أمتلك لغة أخرى لأعيش في أوربا !
بغداد الحبيبة لا ترد على هاتفي النقال ، ولا تفتح الشات.
إنني بطول لياليها الفراتية ، وطول مناراتها العريقة ، وجدران كنائسها العتيقة ، ومجدها العظيم ، أبكي كأسماك البحر ، وبقايا سدّ مأرب .
أقرأ على الطلاب :
( وما الحربُ إلا ماعلمتم وذقتمُ .. وما هو عنها بالحديثِ المُرَجَّمِ ) . 
وأنسى أني في حلقة تحفيظ !
تباً لهذه المنافي المتعكرة المزاج ، الباردة الدم ، المتقلبة الأمواج .
صار سوق عكاظ في زمن الحرب سوقاً لبيع السراويل .
الطاغية يسحب من الشعراء وشداةِ الحكمة هويَّاتهم .
العمالة السائبة تتسبب في انهيار المنظومة الاقتصادية .
الشركات التجارية الكبرى تتحكم بقيم الشعر الفنية ، وتصنع أدوات ساديةً جديدة .
المأساة صناعة ، وزمن الحرب يطول .
الشعراء يتجمّعون كالملح على البحر .
بنات الحارث بن عوف ، وهرم بن سنان ، يُقِمْنَ في مزرعة الطاغية .
الطفرة في المشتقات النفطية تساهم في قلق المعاجم اللغوية ، وتلوُّث المياه ، ورداءة التعليم .
اللصوص يسيطرون على تجارة الجنس ، وينفثون شهوة الحشيش في رَحمِ نيسان .
جيوش العالم تكره المعلقات العشر ، وحلقات التحفيظ .
لا شيء يقنعني بعدم الخروج على الشارع ، والكتابة باللون الأحمر .
نحن الشِّقُّ الفاسدُ من البيضة ، والنصف المظلم من هذا الكوكب العسكري ، والجزء المنسحق تحت أقدام الاحتلال .
أضع على رأسي عقال الأبجدية ، وأزرع الأشعار في طريقي ، وأصوات السلاسل تصك مسامعي ، ووراء المضارب ماورائها من تبطُّل الفرسان ، وأحزان السيوف وحنق الخيول ، وتلبُّد السماء بصراخ السجينات .
وما الحرب إلا ماعلمتم وذقتمُ .. وما هو عنها بالحديث المرجم .
من يدرك الناس ؟
الطاغية يستحمُّ في عيون الشمس ، ومفاتيح صنعاء معلقة على صدره .
علامات التعجب ( !!! ) : مسيرات الشيوخ المقاتلة لا تكفي .
علامات الاستفهام ( ؟؟؟ ) : تقنية جديدة لمخلوقات الضباب .
القصائد تدخل عامها الجديد من زمن الاغتيالات .
الكيبورد ينفجر .
زهرة أمل تبتسم فوق الحرائق والدموع . سأعلق معلقتي على صدور المقاتلين 
أصوات وليمة مقبلة من مزرعة الطاغية .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً