الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
مسَّ البلادَ الضرُّ - طارق السكري
الساعة 19:04 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


مسَّ البلادَ الضرُّ 
وانكفأتْ قواريرُ السحابْ 
وتبدَّلَ الزمنُ الجميلُ 
وحلَّ في الروضِ اليباب 
وتقطَّعتْ شفةُ الرياحِ
فلم تعد لغتي هنا لغةَ المواويلِ الخصابْ
واستأنفتْ تشكو ضحاياها البلادُ 
وضاقَ واتَّسعَ الخرابْ .

*
 

مسَّ البلادَ الضرُّ ياربَّاهُ وانقلبَ السَّفينْ
هل هاج بحرٌ قبلنا ؟! 
هل مات شعبٌ مثلنا ؟! 
ياربُّ صار العَوْدُ عبئاً كالرحيلِ
وكالكتابةِ والأنينْ 
صارتِ الأرضُ اختباراً
صارت الصحراءُ داراً 
صارتِ الأوهامُ ظِئْراً لليتامى اللاجئينْ 
لم نعد نعرف من منَّا الشهيدَ لكي نودِّعهُ
بحزنٍ 
مثلما يفعل باقي الميِّتينْ
آهِ ما أقسى بأنْ تهجر قبرَ الشهداءْ . 
صارتِ الأرضُ احتضاراً 
صارت الصحراءُ ناراً 
صارتِ الشعراءُ أمنيةً وراءَ السورِ ترقد في العراءْ 
صارتِ الكلماتُ جرحاً فاغراً فاهُ ومثواها خواء .
آهِ ما أقسى بأنْ تفقد عذراً أو ذراعا !

*
 

مسَّ البلادَ الموسمُ الكذَّابُ واغتصبَ السنابل 
وارتدى الفلاحُ في حضرتهِ الليلَ الطويلَ بلا ذبائلْ 
ها هو الفلاحُ شفَّافٌ هزيلْ
ينكتُ الصخرَ بدمعٍ كالحريقْ 
يشكر اللهَ ولا يشكو وينظرُ في السماءْ 
هكذا حتى يُواريهِ الطريق . 
أين يا فلاحُ ضيعتَ النجومْ ؟! 
أين خبَّأتَ المهاجلَ والأصيلْ ؟! 
أين ذاك الصوتُ في عِطفيك فجراً يستفيق بهِ النخيلْ ؟!
كيف يا فلاحُ باعتك الغيوم ؟!
آه ما أقسى خياناتِ الغيوم ! .

*
 

مَن تنظرين بعينِ ظامئةٍ هباء ؟!
الحربُ تسكب جامَ غضْبتها ويرتفعُ الضياءْ 
ويعودُ من باب المدينةِ صوتُنا متثلِّجاً يطلبنا دفءَ البقاء 
وتحومُ أجنحةٌ عليهِ مكسَّرةْ 
ويطلُّ حلمٌ من أصابعهِ كحَشْرجةِ الرياحِ بمقبرةْ 
ليقول : لا أدري ! متى يأتي الغريبْ ؟!
رأيتهُ لا زال حيَّاً وافترقنا في الجنوب . 
آه ما أقسى الحروب ! 
آه ما أقسى الحروب ! .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص