السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
محمد مثنى الأديب والصديق - حسن الدوله
الساعة 10:47 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

 

 

بداية يسرني أن أتقدم بالشكر الجزيل لناديكم الموقر " نادي القصة اليمني (ألمقة) " على إقامة مثل هكذا هذه الأمسيات الثقافية، في ظل هذه الظروف التي تكاد ان تعصف ببلادنا جراء الانقلاب على العملية السياسية السلميةبقوة السلاح ، الأمر الذي أثر سلبا على شتى مناحي حياتنا الاقتصادية والثقافية والسياسة وبخاصة على المستوى الأدبي الذي كاد ان يصاب بالشلل التام لولا قيام ناديكم الموقر بتحدى ظروف الحرب العبثية وإقامة  الندوات الأدبية الأسبوعية – كل يوم أربعاء – التي تتنوع بين الاحتفاء بإصدارات أدبية ، قصة، رواية، شعر، نقد، أو فعاليات تكريم رمزي لقامات ادبية وثقافية، وبخاصة تلك القامات الكبيرة الذين ؤتعرضون للجحود والنسيان، فيأتي ناديكم الموقر بتكريمهم تكريما وإن كان أرمزيا إلا أن قيمته الأدبية والمعنوية أثمن من تكريم السياسيين، وقد قال لي الأستاذ يحي العرشي عقب فعالية تكريم ناديكم له بأن تكريمه من قبل هذه النخب الأدبية أثمن عنده من أي تكريم سياسي، وبالمناسبة فقد كان الأستاذ محمد مثتى من افضل المتحدثين عن إسهامات الأستاذ يحي العرشي في مجال الثقافة والمسرح.
 

وبهذه المناسبة لا يفوتني أن اشيد بما يقدمه منتدى الحداثة والتنوير الثقافي من جهود تصب في نفس جهود ناديكم الموقر: "القصة اليمني (آل مقه)".
كما أخص بالشكر الأديب الروائي الكبير الأستاذ محمد الغربي عمران الذي شرفني بدعوته الكريمة وترشيحي بأن أكون أحد المتحدثين في هذه الإحتفائية الكريمة.

 

وبما أن الحديث عن محمد مثنى الروائي والقاص والكاتب المسرحي والناقد والباحث الأدبي الذي ما ترك فنا من الفنون الأدبية إلا أبدع فيه وأجاد، يعد حديثا صعبا ..
فالأستاذ محمد مثنى يعد أيضا من الأسماء البارزة في المشهد الأدبي والثقافي اليمني الذين تمكنوا من مد جسور التواصل الأدبي بين اليمن والأقطار العربية بل والعالم من خلال ترجمة بعض أعماله إلى لغات اجنبية كالفرنسية والانجليزية والصينية. 

وقد اثرى المكتبة اليمنية بالدراسات الأدبية منها على سبيل التمثيل لا الحصر الأتي :

 

- نشأة ومسار القصة والرواية اليمنية (دراسة أدبية). 
- القصة القصيدة والقصيدة القصة (دراسة أدبية).
- كيف اكتب القصة (دراسة أدبية).
- القصة وجذورها العربية (دراسة أدبية).

 

في مجال القصة له :

جوف الليل
الجبل يبتسم أيضاً.
رحلة العمر.
الرجل الحشرة.
النوارس.

وفي مجال الرواية:

ربيع الجبال.
مدينة المياه المعلقة.
وسام الشرف.

وله عدد من المسرحيات:

قوس النسر
صاحب الجلالة

والحديث عن شخصية بهذا الثراء والعطاء بإيجاز شديد فيه ظلم كبير للأستاذ محمد مثنى ولكن عذري أنكم في هذا النادي تحددون دقائق محددة لكل متحدث نظرا لكثرة المتحدثين ولضيق الوقت ، ومحمد مثنى كغيره من المبدعين الكبار يتهيب الكثيرون تناول اعمالهم الأدبية، أو هو من أولئك الدائمين العطاء ، الذين يألف الناس انتاجهم المستمر ، كالمحتفى به الأستاذ محمد مثنى الذي يشبه تلك الأنهار الجارية التي لا تكف عن الجريان، تعطي الحياة ، والنماء لما حولها ولما في طريقها، ولأنها أنهار مألوفة دائمة العطاء لا يفكر الناس فيما تعطي، وفي ما تمدهم به، فلا يفكرون في مصدر العطاء الدائم ولا يتساءلون : كيف تجمعت قطراته، وعكس الحال تلك الينابيع الصغيرة الموسمية فيكون عطاؤها مثار جدل واحاديث، وباختصار اقولها بعيدا عن المبالغة وغير متأثر بالصداقة العميقة التي تربطني بالأستاذ محمد منذ 36 سنة ، فهو نهر من العطاء الأدبي لا يعرف التوقف، ولا يكف عن العطاء فعمره الأدبي 45 عاما أي منذ عام 1973م وأكثر من ذلك إذا ادرجنا محاولاته الأولى غير المنشورة.

 

وقد كانت القصة الأولى التي حظيت بالنشر في مجلة الكلمة هي الموسومة ب:"(الجوهرة ) فمنذ ذلك التأريخ وهو دائم الحضور في حياتنا الأدبية ، وقد ربطنتي به علاقة صداقة حميمية كما اسلفت منذ عام 1982م حيث كلفت وإياه بالإشراف على انتخابات هيئة التعاون الأهلي للتطوير في مدينة الحديدة، وقد حدثني حينذاك بأنه يعشق الأعمال الأدبية القصة والرواية والمسرح حد الإدمان.

 

وليسمح لي صديقي أن اذكره بذلك الحديث الذي دار بيننا بشأن مقاله الذي نشرته مجلة الكلمة تحت عنوان : "اللذين يعيشون الحياة بالفكر واللذين يعيشونها بالمشاعرِ" ومضمون المقال من وجهة نظره ان الذين يعشون الحياة بالفكر يعتبرون الحياة مسرحية كوميدية لكنهم يستفيدون من تجاربهم بالصعود والهبوط وبالإخفاقات والنجاحات ، واما الذين يعيشونها بمشاعرهم فالحياة عندهم نوع من التراجيديا أو الملهاة العبثية - او بحسب تعبيره المأساة - فهم يعيشون بمشاعر الطفل حيث يسعدون من اتفه الأشياء، ويتألمون من اتفه الأشياء ايضا.

وقد سألته يومئذ عن أي صنف هو من هذين الصنفين ؟ فقال لي أنه يعيش حياته بالفكر وبالمشاعر معا، فقال: أنا اقرأ اعمال مفكرين وفلاسفة كبار واتأمل الحياة بفكري كما انني اعيش بمشاعري فتراني اشارك الأطفال اتشاجر معهم وابكي واضحك مثلهم) وتراني اتشاجر مع اولادي اثناء مشاركتي إياهم متابعة مسلسلات الاطفال كبرنامج "افتح ياسمسم" و"الافلام الكرتونية " فهكذا كان يتسابق مع ابنائه لمتابعة افلام الكرتون وتوم اند جيري، و يظل مشدودا اثناء المتابعة أكثر من ابنائه، هذا هو محمد مثنى ابن الحديدة المتواضع البسيط المبدع الروائي والناقد والقاص وكاتب المسرحية الذي يتمتع ببراءة ونقاء الأطفال، ويحمل عقل الفيلسوف المبدع.

 

ويستحسن في ختام هذه الكلمة أن نعرج على عمل من أعماله الروائية ، حيث يعد النص الروائي نصا ثقافيا مغريا، يستظهر في بنائه الفني إلى جانب جمالياته محيطه الثقافي ، واطره الفكرية المؤسسة له، فمن خلال الرواية يستطيع القارئ استيعاب زخم الحياة وتناقضاتها ، والانتقال من طور القرية إلى المدنية ومن التخلف إلى التطور المبني...

 

أو كتلك الطفرة التي صورها لنا اديبنا المحتفى به الأستاذ محمد مثنى في روايته الموسومة ب:"مدينة المياه المعلقة" التي تميزت بتقنية السرد التي ميزت بنية الرواية الجديدة التي تجري الأحداث فيها وتسير بآلية من خلال عيني البطل ، وكذا الوصف الخارجي الذي تراه عبر الرؤية الحسية البصرية، ومن الصور المتحولة والمتبدلة التي تعكس في مجمل بنيتها السردية واقع الانسان العربي الذي انتقل من عصر البداوة إلى عصر التقانة ، من الخيمة إلى العمارات الزجاجية الفارهة ، من سفينة الصحراء – الإبل - إلى الياختات الفارهة حد البذخ والطيران الخاص والعمارات ناطحة السحاب هذا الانتقال الذي أثر سلبا على الأبعاد النفسية للعلاقات الاجتماعية، ومزقت النسيج المجتمعي في المجتمعات العربية، وحولت علاقة الأخوة إلى علاقات نفعية ، مادية ، في ظاهرها، الجمال، لكنها قبيحة في باطنها.
 

و "ومدينة المياه المعلقة" هي مدنية أقرب إلى اللغز، فليست افتراضية، كما انها ليست حقيقية، وهي معلقة بين الوهم والحقيقة بين التحضر والبداوة ، بين التخلف والتقدم .

والرواية عند محمد مثنى بهذه التقنية السردية الحديثة غدت ارضا خصبة لاستيضاح المفكر فيه ووسيلة لمجموعة من الخطابات التي ادغمها مع بعضها بما يتوافق ورؤيته للواقع المتعين والتقنية البارزة في الرواية هو استخدام الروائي لضمير الهو والمنولوج الداخلي الذي يميز رواية تيار الوعي الحديثة، حيث تناجي الشخصية الروائية نفسها بصوت غير مسموع أو مسموع بالاقتراب منها فحسب مستعينة في ذلك بضمير الهو أو الأنا أو الأنت أو بالانتقال بين الضمائر كلها كما يلاحظ القارئ لرواية: "مدن المياه المعلقة" في اماكن متفرقة من السرد.

 

وعلى كل حال فليس موضوعنا قراءة أو أطلالة أو دراسة بنية السرد في هذه الرواية وإنما هذه مجرد اوكلمة من صديق عن صديقه، أي لا تتجاوز أن تكون عبارة عن تحية لهذا المبدع الكبير المتألق في سماء اليمن الأدبي وليعذرني صديقي إذا كنت مقصرا في هذه الكلمة ووختاما التحية والشكر والعرفان لنادي القصة اليمني (المقة) لإقامته مثل هكذا فعاليات تكريم واحتفائيات بإصدارات ادبية.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً