السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
عراقنا - علوان الجيلاني
الساعة 11:15 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


لم أفرح بحضور اجتماع أوملتقى أدبي في مدينة عربية ، كما فرحت به في بغداد ، لا أدري ما هو المعنى المستتر في نفسي ، لكني أعرف أن لبغداد سحرها الخاص ، كما أن للعراقيين روحاً مميزة تتسلل من شجن قديم ، ومن نوستالجيا لا يمكن مقاومتها .
طريقة استقبال العراقيين لنا من أول تلويحة الشاعر عارف الساعدي في المطار إلى هذه اللحظة هي وحدها حكاية ، تذكرني بنا ، بطريقة محبتنا في اليمن لضيوفنا وبشاشتنا لهم وشغفنا بهم حين يأتون.
وبعيداً عن مغزى اجتماع المكتب التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتاب العرب في بغداد ، حيث يأتي أدباء العرب إلى أكثر أحضانهم دفئاً ، وأجمل ذاكراتهم اشتعالاً بالشعر وأسمائه الحسنى الكثيرة ، فإن جمال بغداد الذي فاجأنا ، وتعافيها الواضح يبعثث فينا آمالاً عريضة بعودة الصفاء إلى اليمن ولو بعد حين ، ذلك أن الشعوب لاتموت ، وأن العراقة بمقدار ماهي مسؤولية وثمن باهض يثقل الكاهل ، فهي أيضاً الجذوة التي لا تخبو ، والعرق الذي لا يتوقف نبضه .

 

ميزة أخرى مهمة جداً هي أن اجتماع المكتب التنفيذي هذه المرة ليس كغيره من الاجتماعات ، فقد أبى العراقيون إلا أن يكون تظاهرة ثقافية كبرى ، ولذلك دعوا أكثر من أربعمائة شاعر من العراق والوطن العربي والعالم لحضور مهرجان الجواهري العظيم ، حين علمت بهذا تذكرت قول المتنبي : لكل امرىء من دهره ما تعودا 
 

وقد اعتاد العراق أن يكون كبيراً في كل شيىء ، كما اعتاد أدباؤه وصناع الثقافة فيه على اجتراح المبادرات المميزة، وتنظيم مهرجان الجواهري في هذه المناسبة وبهذا الحجم من الإعداد والضخامة درس جميل لنا جميعاً.
توزعت فعاليات المهرجان على المسرح العراقي وفندق عشتار والمركز الثقافي ببغداد ونادي الصيد العراقي . واحتضن مقرالاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق وشارع المتنبي ونهر دجلة أكثر أوقاتنا في بغداد حميمية وبهاءًا.

 

مقر الإتحاد الأكثر عراقة بين كل الاتحادات العربية بدا لائقاً بالعراق ، تتقدمه قامة الجواهري المهيبة، وتحفل أقسامه ومكاتبه وقاعاته وحديقته ، بما يدل على تفكير مستنير وشجاعة في مواجهة الواقع، فالاتحاد واحة حرية وإبداع ،بدءًا من فضاء الترفيه الذي يوفره للمبدعين مروراً بالاستثمارات الموفقة التي تخدم الاتحادات، والإصدارات الكثيرة التي تجعله في صدارة كل الاتحادات العربية دون استثناء، وحتى التصميم على احتضان كل المكونات العراقية واحترامها .
 

ما رسمه العراقيون في أيامنا الخمسة هوأثر بعمق خمسة آلاف سنة ، ناجح المعموري وعالية طالب قائدان حقيقيان لكوكبة من الأدباء تجيد الإدارة بمقدار ما تجيد الإبداع والحب وتعشق الحياة والفن وتتفانى في تقديم وجه العراق الأجمل .
 

ثم تلك السيمفونية الجميلة من التناغم التي تشارك عزفها رياض الغريب ورجاء الربيعي وأحمد مهدي الزبيدي ومروان عادل ، وعمر السراي وعبد السادة البصري ، مع عشرات الأدباء والفرق الفنية ، وعدد كبير من العاملين على راحة الضيوف من العرب والعراقيين . 
لقد تهامست الوفود العربية رؤساءً وأعضاءً بأمنيات نقل التجربة العراقية إلى أوطانهم ، بل لقد عبر أكثرهم بصوت عالٍ عن هذا ، علماً أنهم كانوا يشعرون أن إنجاز أدباء العراق هو إنجازللعرب جميعاً، فهو ليس عراقهم ولكنه عراقنا ، عراق العرب والإنسانية كلها منذ خطوات انكيدو الأولى ، ومنذ المتنبي وحبيب بن أوس والجاحظ ، وحتى نحن ، العراق الذي (لم تنل منه مناجيل الحصيد) ولا خذلانات الأزمنة .
وما الشعر والإبداع والفن المختلف إن لم تكن العراق .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً