- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- الرئيس الإيراني: سنعيد بناء منشآتنا النووية بقوة أكبر
- لاريجاني: مطالب أميركا لا سقف لها ولن نقدم تنازلات غير مشروطة
- مصر تدعو إسرائيل للانسحاب من لبنان وتؤكد استعدادها للمشاركة في إعادة الإعمار
- ثلثا سكان اليمن عاجزون عن توفير احتياجاتهم الغذائية بعد إغلاق الحوثيين مكاتب الأمم المتحدة
- باريس سان جيرمان يمنح أشرف حكيمي فترة راحة ويغيب عن مواجهة لوريان
- بعد مقتل رئيس أركانه.. الحوثي يفعّل خطة طوارئ عسكرية وأمنية
- أحمد سعد وناصيف زيتون ورحمة رياض يستعدون لمعركة «أحلى صوت» الموسم السادس
- من الطلاق إلى الوداع الأخير..الفنان ياسر فرج يروي قصة عودته لزوجته المريضة
- أحمد داود يخوض السباق الرمضاني 2026 بمسلسل «بابا وماما جيران»
- الجيش الإسرائيلي يتهم «اليونيفيل» بإسقاط مُسيَّرة استطلاع فوق جنوب لبنان
"رجال في الشمس" رواية رائعة للروائي الفلسطيني غسان كنفاني، وأكثر ما يثير الدهشة فيها أنها تنبأت بوضع الإنسان العربي في وقتنا الراهن.
تتحدث هذه الرواية المكثفة عن ثلاثة فلسطينيين لاجئين في الدول العربية يقررون التسلل إلى دولة نفطية غنية بطريقة غير شرعية، عن طريق تهريبهم في صهريج سيارة لنقل الماء، ولكن مغامرتهم لعبور الحدود تفشل وتنتهي نهاية مأساوية، فقد اختنقوا بداخل الصهريج من شدة الحرارة، وتخلص المهرب وهو فلسطيني أيضاً من جثثهم برميها في مكب القمامة.. واللافت أن المهرب يكتفي بلومهم لا لوم نفسه، بقوله "لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟ لماذا لم تقرعوا جدران الخزان؟ لماذا؟ لماذا؟".
وهكذا تنتهي هذه الرواية العبقرية بإلقاء اللوم على الضحية.. وهذه هي المفارقة! شيء بديهي أن نلوم سائق صهريج المياه فهو السبب في موتهم، لكن غسان كنفاني يقترح أن نكون أكثر فطنة، وينقلنا إلى مستوى أعلى من التفكير، فهو يضع المسئولية الجنائية على الضحية الذي استسلم للظروف بقدرية عمياء ولم يحاول التمرد ودق جدران الظروف غير الإنسانية بكل قوته.
في الماضي كان الفلسطيني هو الذي يعاني من انحباسه في الخزان المغلق، وأما اليوم فإن العرب من المحيط إلى الخليج يراودهم الشعور نفسه الذي راود الفلسطينيين عقب نكبة 1948 وكأن الأمة العربية برمتها محشورة في خزان مياه لا هواء فيه ويقفون على صفيح ساخن يشوي الجلد.
عدد لا يحصى من الشبان العرب يحلمون بالهجرة إلى دول الغرب التي يتوفر فيها هواء الحرية؛ وآلاف منهم يخاطرون بحياتهم في عبور البحر المتوسط بالقوارب التي تبدو ذات شبه مأساوي بخزان المياه في رواية غسان كنفاني.
نشهد اليوم هجرات مليونية من البلدان العربية الطاردة للسكان إلى الدول التي توفر الأمان والحياة الكريمة للإنسان، أيّ إنسان.
ولو تخيلنا فرضاً أن الدول التي تعطي للإنسان الأولوية وتضعه فوق كل اعتبار فتحت أبوابها للمهاجرين على مصراعيها دون قيد أو شرط، فلعل الشعوب العربية ستنتهز الفرصة وتهاجر، وربما لن يبق في تلك البلدان الخانقة الشبيهة بخزان مياه مغلق سوى العجزة وذوي الاحتياجات الخاصة والمجانين، وبالطبع المترفين والمنتفعين من السلطة، وأخيراً الأموات الذين لن تواتيهم القدرة مع الأسف للإفلات من جدران السجن العربي الكبير.
ها هي الأقاليم المجاورة للوطن العربي تقيم السدود كإثيوبيا وتركيا وإيران، مهددة المنطقة العربية بالجفاف ومعاناة شح المياه، وبالتالي فقدان أبسط مقومات الحياة، ورغم ذلك يتجاهل العرب هذه الكارثة العظمى وينشغلون بخزعبلات السياسة، وينسون في غمرة صراعاتهم الداخلية أن يدقوا جدران خزانات المياه مطالبين بحقوقهم في المياه التي ظلت تاريخياً تجري في أراضيهم وتروي حقولهم.
هل كان غسان كنفاني يتوقع أن يلاقي الإنسان العربي المصير نفسه الذي لاقاه الفلسطينيون الثلاثة المحتجزون في خزان المياه؟؟ ها نحن اليوم نواجه المصير ذاته الذي واجهته شخصيات رواية "رجال في الشمس" وليس أمامنا من حل سوى الذي أرشدنا إليه غسان كنفاني في خاتمة روايته، وهو أن ندق جدران الخزان بكل ما نملك من قوة قبل فوات الأوان.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر


