الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
لنا أن نؤجِّلَ هذا البكاء..كثيراً - رعد السيفي
الساعة 11:25 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


  إلى بابِ اليمن الإنسان المبدع
     عبدالعزيز المقالح


تَلِفُّ يديكَ بغيمِ الضّحى
و عيناكَ تأتلقانِ بحزنِ الطلول
تمدُّ إلى الرّوحِ كفّاً،
وتمسحُ بالدمعِ أشرعة الهابطَينَ 
     !   لصنعاءَ قبلَ الدّخول
وأذكُرُ يومَ احتوتنا المنافي
وقفنا أمامَك نحملُ وشمَ الغياب
لتشهَقَ بين العناقِ الأخيرِ
             !  زهورُ العتاب
ونملأَ بالدمعِ مسرى المرايا التّي
تتبعُ الرّيحَ من خلفِنا
        في كُلِّ باب
لنمضي ..
وتبقى تكابُد سرَّ الزّوال
تعدُّ الشّواهدَ في مهرجانِ الذّبول
تحدّقُ في وجهِ صنعاءَ وحدكَ ..
تشيخُ ..
ويأكُلُ من رأسِكَ الطيرُ منتظراً
أن° يجيئَ المحبّونَ وقتَ الصّبابةِ
كي يذرفَ البّرقُ
ما قد° تيسّرَ من سورةِ الدّمعِ
تحتَ نشيجِ السّيول

لأنّكَ تُبصِرُ في كُلِّ حينٍ
سُهَيلاً
يلملِّمُ -مرتعباً-روحهُ
       .. وينأى 
تآكلتَ حتّى
تكاثرَ حزنُكَ مثلَ نهارٍ
تكسّر بين الأصابعِ مرتبكاً
بصوتِك يقطُرُ زَهر المراراتِ وجداً،
وتعصفُ بالرّوحِ أسئلةٌ
تهاجرُ صوبَ الذّين مضوا
تفرُّ لصمتِك مختنقاً،
ويأتيكَ مِن وحشةٍ ندمٌ
يغالبُ أزمنةَ الضّيقِ
حيثُ المدينةُ
تُشبه قلب المتاهةِ،
والأرضُ هائمةٌ في السّواد
فرحتَ تنادي...لا شيئ حولي
سوى الموتِ منطلقاً في الوهاد°
وخيطٍ يكادُ ينيرُ من الصّبرِ
                      ! عُتمتهُ
هنا استيأسَ الّليل من صبحِهِ
وقد نسي الفجرُ أضواءَهُ
في كهوفِ البلاد !
وأسلمَ رايتهُ للأبد
هنا..لا أحَد!
ليولجَ في الّليلِ ماءَ الصّباحِ
ليبتهجَ القلب ثانيةً
فأعلِنُ يأسي !
لأنّي غدوتُ غريباً
سأرقبُ خطوي
وأرسمُ وجه الفجيعةِ
أدخُلُ في الوهمِ
حتّى أُرافقَ موتي
لعلّي أُلامسُ صوتي
وأرعى تسابيحَ تلكَ الغُصون
وكيفَ تكون
فِخاخاً تطوّق حرفي
فيأخذني سأمٌ
ليوقفني بالسّكون
يجسُّ برفقٍ عنائي
فأخرجُ من أضلعِ الماءِ
            صوتاً خفيضاً
يُلَوِّحُ بالسِّرِّ فوق° العيون!
ليزهرَ بابُ الصّبابةِ ثانيةً
يعانقُ ظِلَّ المدينةِ وشماً
يمرُّ على كُلِّ أبوابها
ويسألُ عنكَ ..
وليست° خزيمةُ باب النّجاة !
ليهرعَ قلبُكَ مرتجفاً صوبها
فلا زالَ في الرّوحِ ماءٌ
,   وليلٌ ندي
وأُغنيةٌ للصّديقِ الوفي،
وللجسدِ المرتخي ,
عائداً من سماءِ القيامةِ منتشياً
يُفَتِّشُ بينَ النّسائمِ
عن رفرفاتِ القوافِلِ
     بينَ الصّخور
يجوسُ تخومَ السّواحِلِ
 عبرَ المفازاتِ..يدنو
لضوءِ المدائنِ ذكرى !
فيرتجُّ حزنٌ
يخبئُ شهقتهُ في رؤوسِ الجبال

وترتعشُ الأرضُ،
وهي تُغالبُ أوجاعها
  في ضباب  التّلال
وصنعاءُ سجّادةُ الرّوحِ
فاكهةُ الرّبِّ
ضوعُ المباخرِ
ذكرى البيوتِ القديمةِ
رائحةُ الأُمِّ؛
سجدتها
في نداءِ الجروح ،
وضوءُ النّوافذِ
روحُ الحجارةِ،
وهي تخبئُ طعم المراراتِ
خلفَ الصّروح
وصنعاءُ قلبٌ يضيئُ السّراج ,
ويمسحُ بالدّهنِ رأسَ الهواءِ الطليق !
وصنعاءُ...طعمُ الصّداقةِ
بنُّ المودّةِ، هيلُ الحياة
تخيّرتَ صفوةَ عمرِكَ فيها
ورصّعت بالصّدقِ وجهَ الغوايةِ
أطلقتَ فجَر الغناء
لينثالَ في الرّوحِ
نهرٌ من الأُغنيات
يوزّعُ أنخابهُ في صلاةِ الوفاء !
فكيفَ سئمتَ الطريقَ؛
ليُشرِقَ في زفرةِ اليأسِ
  مسِكُ الغياب° ؟
كأنّكَ تنسى مخاضَ الرّبيع،
 !   وثِقلَ التّراب
وتقطعُ نبضَ الصّحاب !
فلا زالَ متّسعً للمحبةِ،
لازالَ في الرّوحِ صوتٌ
يؤرِّقُ وجه الظّلام
لتعبر برد المفازةِ
نحو المعازفِ ثانيةً
تُصيخُ لماءِ التِّرانيمِ
أكثر من أيِّ وقتٍ مضى
لأَنّكَ تُبصِرُ صنعاءَ تُصغي إليك°؛
تغُضُّ حياءً
فترخي الغيومُ شآبيبها
لتدركَ بوحَ المواجيدِ سحراً على شفتيك°
فكيف تهيئُ روضاً من الصّمتِ فيها؟
أتحجبُ وجهُكَ عنها...؟
                   .. وتمضي
وكيفَ لنا أن° نحجَّ لصنعاءَ دونك°؟
ابريل 2018  17


*رعد السيفي :شاعر و اكاديمي عراقي , استاذ النقد في جامعة اب سابقا,يعيش حاليا في امريكا 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص