السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
في شارع المطاعم أنتظرك يا أستاذ عبد الله علوان - زين العابدين الضبيبي
الساعة 18:31 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

سأنتظرك غداً في بوفية مدهش لأهديك نسخة من ديواني الأول ربما أثبت لك أنني تلميذٌ نجيب وأن تشجيعك لي لم يذهب سدىً. وأريد أن أتحدث إليك عن الشعر والمشهد الثقافي وكذلك أطلب تزكيتك من أجل منحي العضوية في اتحاد الأدباء. أعرف أنك ستحتفي بي وتوبخني على هشاشة بعض القصائد وستقدم لي ملاحظات كالتي قدمتها لي في السابق وأنا ما زلت بالزي المدرسي حين كنت أهرب من المدرسة لألتقي بك في الإتحاد لكنها هذه المرة ستكون شديدة وصارمة لأنني أصبحت صاحب ديوان مطبوع .

وقبل أن أسأل عن صحتك وتجيب ضاحكاً "أنا بخير المهم أنتم "وكعادتك ستتسلل بحدسك إلى أعماقي وتحدثني عن كل ما أريد أن أحدثك عنه وبحكمة الأب الذي يعرف أبناءه أكثر مما يعرفون أنفسهم وكذلك لأنك تعرف المشهد أكثر من الجميع . ووحدك من يقدر على بث شموس الأمل في قلوب المحبطين من أمثالي ولكي تخفف عني دون أن تشعرني بذلك ستعدني إذا "الكهرب ما شطفيش " أن تكتب عني دراسة حلوة وتسلمها "للقعود " وتقول :مبتسماً كعادتك أنت تستحق يا ابني ـ أنت شاعر موهوب ـ.

وقبل أن نغادر بعد جلسة حافلة ولأنك تعلم بالحالة المادية التي يعاني منها المبدعون الشباب .ستحلف أن الشاي على حسابك. هذا ما كنت أفكر به قبل أن أعلم بخبر مرضك وحين علمت بذلك .قررت أن أتحين الفرصة لزيارتك أنا ومجموعة من الشباب ونأخذ معنا "عادل سمنان " وكل يوم كنت أنوي فيه زيارتك كنت أفتقد لقيمة المواصلات وكذلك كنت أخجل أن أدخل عليك بيد فارغة .وحين فكرت في الكتابة عنك كما أفعل إذا مرض أحد الزملاء تراجعت وقلت لا أعتقد أن شخص بحجمك يحتاج لمناشدات فما قدمته من عمرك للثقافة والإبداع كفيل بمنحك حق العلاج دون مناشدات أو استغاثات ولكن لا حياة لمن تنادي.بترت أعضاؤك فبترت قلوبنا وبتر كل أمل في وزارة الثقافة وفي الإتحاد وفي الدولة التي يبتر فيها كل يوم دهر من تطلعاتنا بحياة كريمة لكل مبدع في هذا الوطن. كتب الجميع وناشدوا واستغاثوا وبقيت أنت تنادي الله وتدعوه أن يخلصك من العناء الذي أنت فيه لتموت وحيداً وبصبر نبي خذله قومه وتلاميذه وكل من حوله وأنا واحد منهم, دون أن نقدم لك شيئا لأننا لا نستحق أن نمنح شرف الوقوف بجانبك نحن الخاذلون المخذولون الذين تركناك تعاني بمفردك وأنت بيدٍ مرفوعة للسماء تريد الخلاص ويدٍ عاشت وماتت وهي طاهرة من فضلات الدولة وشفقتها . نعم لقد أعطيت لنا وللوطن كل ما عندك ولم تحصل من الجميع على أقل القليل وها أنت رحلت وها نحن نبكيك ونعاتب أنفسنا ونكرر الخطأ ذاته والمأساة ذاتها التي نفعلها مع كل مبدع يرحل عنا. لقد رحلت ولم نرحل معك لأننا لا نستحق شرف مرافقتك ومت ومتنا من بعدك حسرة وبكاءً.. رثيناك فإذا بنا نرثي أنفسنا فنحن الموتى وأنت ابن علوان المبتسم والساخر من كل كلمة نكتبها عن رحيلنا فيك, مستحقين عقاباً سيتحول إلى لعنة تطاردنا في كل مكان مررت به وفي كل منصة وقفت عليها وفي كل كلمة كتبتها عنا أو قلتها لنا. فأي لعنة أبشع من أن يواريك التراب دون أن نحضر جنازتك ونودعك بدموع أخوة يوسف؟ وبأي وجهٍ سنقابل أبناءك ونقدم لهم العزاء؟ وكيف سنعيش ومصيرك سيصبح قدرنا الذي لا مفر منه؟ كيف سنسامح أنفسنا بعد ما فعلنا بك؟ كيف يا أستاذ عبدالله كيف؟ ها أنا ذا أنتظرك في شارع المطاعم.. أنتظرك الآن وحدي, لعلك تأتي لتعاقبني العقاب الذي أستحقه, لكن يا أستاذي الكبير أنا من سيدفع قيمة الشاي هذه المرة ولا يهم إن كنت سأعود إلى البيت مشياً على الأقدام.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً