الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قصة قصيرة
سرمدي الحب - سماح حسين
الساعة 14:03 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

 


     وقفت أمام مرآتها لتضع مسحة من مساحيق التجميل،  وتسرح خصلاتها الكستنائية برشاقة. كان حينها يراقبها متخفياً خلف الستارة، لوت رأسها لتضع شريطة شعرها المفضلة،  لمحت حافة قميصه البنفسجية، ابتسمت بمكر،  واصلت تسريح شعرها، وراحت تشدو بأغنية فيروز وتتعمد أن تُعلي نبراتها : 
أنا لحبيبي و حبيبي إلي 
يا عصفورة بيضا لا بقى تسألي 
لا يعتب حدا ولا يزعل حدا 
أنا لحبيبي وحبيبي إلي 

سحرته بأغنيتها، لم يتمالك نفسه، وثب على السجاد، تزحلق بخفة كمايكل جاكسون وجثا على ركبتيه أمامها ، التقط كفيها وضمهما لجوار قلبه، عيناه تبتسمان أمام جمال عينيها العسليتين .. يعلن وعده: 
وحبيبك لن يكون لقلب آخر غير قلبك.. 
حبنا سرمدي أزلي.. جميلتي!! 

100 يوم مُزهر مَرَ، و250 كان عُلقماً مُرّاً.. بعاشر يوم من بعدها أدركت كم كانت حياتها وهماً، كم كانا مخدوعين، تضحك على نفسها كيف لم تتنبأ بأن هذا اليوم آتٍ...
كذابٌ أشِر.. هكذا قالت عنه يوم تلقت النبأ،  الكلمات في صدرها تغلي كالحمم، عيناها تلتهبان قهراً وكمداً.   

 الزغاريد ودق الطبول والمفرقعات النارية تتعالى في الجو، إنه آتٍ.. تتمنى أن تمزق صدره إرباً على نكثه لما أسمياه حباً أسطورياً لن يتكرر.. قابل كل ذلك بالخيانة، أجل بخيانة لن تغفرها له أبداً.. هاهن النسوة يهنينه بعروسه الفاتنة ، تلك التي يتحدث الجميع عن جمالها الذي يسرق الألباب.. 
هنيئاً له..  الجميع يرددها إلا هي، تقف كغصنٍ  مكسور.. لا تخرج كلمات من فيها، بل دخان تنين يستعد لرمي شراراته..  
وصل! 
إنه يتربع بين يديها..

سامحيه!!  
يهتفن لها.. يشتد غضبها،  كيف تسامحه على كذبه، خداعه، مشاعرها الصادقة التي أفاضتها دفعة لتصب في قلبه وحده!! لكنه مع كل هذا آثر إلا أن يخونها وأن ينكث بوعودها.. 
أنا لحبيبي وحبيبي لغيري 
لامرأة تعيش في موطن بعيد 
سيكون حبه سرمدي معها

تكشف الغطاء عن وجهه ويديها تنتفضان من الرعب،  قليلا قليلاً، وجهه الجميل يُطل أخيراً، مشرقاً كالصباح، وبارداً كالثلج، وجراح متناثرة تتخلل مسامه... 
اجتاحها الضعف في حضرته، نسيت كلماتها التي ستسبه بها.. تلك الحمم انطفأت فجأة.. مرتبكاً قلبها،  لم يعد يدري أحقد عليه، أم وصل بحبه!  

انكفأت تحتضنه وتبكيه حتى جفت مقلتاها، نظرات الشفقة المواسية تحدق منظرها الهزيل.  
- مسكينة.. رُملت وهي زهرة بعمر الورد.. وطفلتها يُتمت ولم تعي أباها بعد.. 

شهقت بغصة آهٍ تخنقها، أمسكت بيديه وهمست مودعة إياه: 
لتنعم ياحبيبي بعروسك...

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً