الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أغبط الشهداء - عبدالمجيد التركي
الساعة 14:31 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


أغبط الشهداء والقتلى الذين تمتلئ بهم الجدران 
وصفحات التعازي
وزجاج السيارات
ومايكروفونات المساجد.

 

لقد عشت بما يكفي لإفساد ذكريات طفولتي،
لم أعد أفكر بمسلسل ميمونة ومسعود
ولم أعد أدخل اليوتيوب خصيصا لسماع أغنية افتح يا سمسم..
عشت حتى فقدت كل مقومات الحياة..
أن تعيش دون مرتب لعامين متتاليين فقد اكتسبت حصانة تجعلك تشعر بمطاطيتك..
عشت حتى رأيت اسطوانة الغاز بسبعة آلاف ريال، 
وأمهات يذرعن الشوارع بحثا عن كرتون..
أمهات لا يليق بهن الانحناء لأجل قطعة حطب
وفي أذهانهن رغيف خبز لم ينضج بعد.

 

لم يعد هناك شيء يغطي تشوهاتنا:
الملابس نرتديها دون كيّ.. ودون خجل أيضاً..
جنبية الأب والجد لم تعد تمنحنا هالة ووقارا،
فإن لم تكن بيعت فلا توجد شجاعة لارتدائها بين أفواه مفتوحة لا تجد ما يملأها..
السرويس أصبح بعيدا عن سياراتنا المتسخة،
العطر.. معجون الأسنان.. تلميع الحذاء.. السجائر اليمنية..
دجاجة الجمعة.. متابعة التلفزيون.. رصيد الموبايل.. صوت الثلاجة.. الاستحمام بماء ساخن..
ابتسامة الأولاد والزوجة حين عودتك من العمل.. 
كل هذه التفاهات أصبحت....
أصبحت.. أصبحت....
أصبحت مستحيلة كعودة أبي من قبره..

 

لم يعد أحد يسأل عن آخر نكتة..
لا يستطيع رجل أن يضحك وهو يفكر في اسطوانة الغاز
وفي سعال زوجته التي تبتسم وتتظاهر بالعافية.

 

هنيئا للشهداء والقتلى والغرقى،
حتى وإن لم يجدوا الحور العين
يكفي أنهم لم يعودوا خجولين من دموع نسائهم وحقائب أطفالهم التي ملأوها بدفاتر العام السابق.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص