الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قراءة عابرة في رواية عزازيل ليوسف زيدان - سيرين حسن
الساعة 22:00 (الرأي برس - أدب وثقافة)


الرواية مأخوذة عن رقاقات مترجمة من اللغة السيريانية, مكتوبة بقلم راهب وشاعر م
صري خلّد ذكرياته ومجريات حياته بصدق وصراحة في سيرة ذاتية من 380 صفحة مع ملحق الصور للأماكن التي تحدث عنها في الرواية.

 

معركة الراهب (هيبا) لتدوين سيرته جاءت بضغط (عزازيل) الذي قضى معه هيبا أربعين يوماً من العزلة في صومعته ليكتب اللفائف(الرقوق) الثلاثين والتي كُتبت في النصف الأول من القرن الخامس الميلادي.
عمل روائي تبحر في العقيدة المسيحية وأصل الخلاف بين الكنائس حول مفهوم الأقنوم وطبيعته, وهل المسيح أله  كامل, أم نصف أله ونصف إنسان, أم إنسان كامل, وكذلك طبيعة أمه مريم كأم الإله أم والدة البشري يسوع.

 

الشخصيات:
 

شخصيات الرواية كلها عاشت مع (هيبا) البطل الرئيسي عدة أحداث أثرت في حياته وسيّرت مجرياتها.
 المرأة كانت من أهم الشخصيات التي تركت بصمتها فيه وفي سيرته, ابتداءً بوالدته التي تركت جرحاً لم يندمل في قلبه بوشايتها  بوالده وقتله على يد الوثنيين ثم زواجها بأحد القتلة, ثم (هيباتا) العالمة اللطيفة التي ماتت وهي تستنجده لكنه خذلها ووقف يتفرج على قتلها الذي تم بطريقة بشعة بسحبها على طول القرية فوق الحجارة لتدميها وتمزق جسدها ثم حرق جثتها.
 (اوكتافيا) التي أحبته وظنته مُرسل من الرب لكنها تطرده بعد ثلاثة أيام عندما تكتشف أنه مسيحي وليس وثنياً مثلها, وتموت أمام ناظريه بعدها بسنوات في حادثة قتل (هيباتا).
كلها خيبات حب وإخفاقات قلب في الاستقرار والحصول على السعادة تنتهي برحيل (مرتا) المرأة التي أحبها بصدق, ترحل في غيابه الذي طال في الحمى بعد تردده في قبول الزواج والعيش معها.
 كلها هذه الأحداث توضح عمق العقدة التي تجذرت فيه بسبب ما فعلته والدته.
بالإضافة لعدة شخصيات من قساوسة ورهبان يكملون المشهد الكنسي الذي جرت فيه اغلب أحداث حياته و قضى فيه جُلّ وقته.

 

المكان:
 

 تنقل هيبا في عدة أماكن في خلال رحلته الروحانية من أسيوط إلى أورشليم  والإسكندرية, وحلب.. في كل مكان يحكي تفاصيله بنسق يختصر عند الحاجة ويسهب عند الحاجة فقط.
ليكون المكان مشاركاً في البطولة وداعماً اساسياً لحكي الأحداث.
 

 

الحبكة:
 

 الكثير من العُقد في الرواية ينسجها الكاتب بهدوء لتنفرج في آخر فترة من بقائه في مكان ما, كي ينتقل إلى المرحلة الأخرى من حياته و تبدأ حبكة أخرى.

 

الزمان :
 

يسير بخط مستقيم بعد أن يبدأ بتدوين الرقوق من الماضي إلى حاضره لكنه يخرج عن الخط  الزمني أحياناً ليذكرنا بحوار مع عزازيل حول ما يجب أن يُكتب في هذه الرقوق.

 

لغة الرواية:
 

 رقراقة كالماء العذب, ممتلئة بالسجع والتضاد والتناغم ولا عجب وهي بقلم شاعر, لذا تستمتع باللغة بدرجة لا تقل عن استمتاعك بالأحداث وهذا ما يعطي الرواية جمالاً و تميزاً.

 

الحوارات:
 

 قليلة جداً وكلها جاءت خادمة للنص الرئيسي موضحة لأمر ما أو مضيفة عليه, دون إثقال للنص ومن الحوارات التي تشد القارئ حواره مع الشيطان.
- إلا تنام أبدا؟
- وكيف أنام وأنت لم تنم بعد؟
في هذا الحوار يتضح أن (عزازيل) لا يأخذ من الراحة قسط كي لا يضيع فرصة لغواية البشر فكيف ينام وما زالت فريسته متيقظة وفرصته في غوايتها وقت اليقظة.
 
هناك معركة بيننا و بين (عزازيل) الذي لا يوجد في أي مكان أبعد من النفس البشرية, والذي يتجلى في أخطائنا فنستعمله كشماعة نعلق عليه ذنوبنا, ونتهمه بأنه السبب في كل الشرور ونلغي الإرادة الحرة التي حبانا بها الرب.

 

 هناك رسالة خفية في الرواية بأن الدين إن سيطر وطغى على العقول بشكل سلبي ومتطرف أصبح ضاراً ومخرباً لحياة الناس لا بنّاءً لها كما يجب, مثل ما حدث عندما قتلوا بوحشية العالمة الرياضية (هيباتا) و التي لا شأن لها بخلافاتهم الدينية وكل وقتها وهبته للعلم لكن جرمها الوحيد أنها وثنية.. كانت طريقة تعذيبها وقتلها خالية من الرحمة التي نصت عليها أحاديث يسوع..
كذلك  ما حدث  من أمرإخراج كل من يخالفهم في أمر ما في العقيدة من الكنيسة و الطرد النهائي منها وإهدار دمه لمجرد خلاف في الفكر لا يناسبهم وإن كان صائباً.
أليس هذا ما يجري الآن في زمننا هذا من خلافات شكلية وانقسامات تجعلنا وحوشاً مع أخواننا في الدين الواحد!؟
رواية مسيحية متقنة مكتوبة بقلم مسلم تستحق أن تنال حصتها من وقتنا في القراءة لتُثري حواسنا باللغة والحبكة وروعة السرد.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً