الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
العَمَّارُ الغَريب - يحيى الحمادي
الساعة 14:03 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


لِي في "السَّعيدةِ" شَعبٌ, كُلَّما اقتَرَبَا
مِن السَّعيدةِ, ضاعَت, أَو بها اغتَرَبَا
.
شَعبٌ _إِلى اللهِ أَشكُو_ كيف سَخَّرَهُ
مُشَيِّدًا كُلَّ أَرضٍ -دُونَها- ذَهَبَا
.
وزَادَهُ بِالتَّفَانِي بَسطةً, فَمَضَى
مُحاربًا ليس يَدري مَن بِهِ احتَرَبَا
.
على ذِرَاعَيهِ قامَت كُلُّ حاضِرةٍ
مُنِيفَةً, وهوَ كَلٌّ يَكنِزُ التَّعَبَا
.
مُذ مالَ (قابِيلُ) يَومًا باسِطًا يَدَهُ
على أَخِيهِ.. وشَعبي قابِضٌ سَغَبَا

.
.
.

جاءَ (اليَهُودُ) إِليهِ, قالَ: حَيَّ هَلًا
وغادَرُوا, وهو يَلوِي كَفَّهُ عَجَبَا
.
جَاءَ (النَّصَارَى) فَحَيَّا, وهو مُرتَقِبٌ
قُدُومَ مَن سَوفَ يأتِي.. هكذا دَأَبَا
.
عادَ (اليَهُودُ) فَعَادَى مَن تَنَصَّرَ مِن
أَبنائِهِ, وعَلَيهِم أَوقَدَ الحَطَبَا
.
وحِينَ (مَكَّةُ) نادَت: مَن يُغِيثُ؟! إِلى
(عامِ الوُفُودِ) كَسَيلٍ ظامِئٍ وَثَبَا
.
كَأَنَّمَا كُلُّ فَردٍ مِن بَنِيهِ رَأَى
حَمْلَ (الرِّسالةِ) فَرضًا بِاسمِهِ وَجَبَا
.
تَدرِي (الفُتُوحاتُ) كَم مِن بَلدَةٍ فُتِحَت
بِخَيلِهِ, كَم رجالٍ لِلفِدَا وَهَبَا
.
كَم بُقعَةٍ تَحتَ إِبطِ الأَرضِ ظامِئةٍ
طَوَى الفَيَافِي إِليها حَامِلًا سُحُبَا
.
أَقَامَ لِلناسِ مَجدًا شامِخًا, وعلى
أَسوَارِهِم ظَلَّ يَبكِي (حِميَرًا, وسَبَا)
.
وهكذا ظَلَّ يَبنِي غَيرَهُ, ويَرَى
دِيارَهُ شاخِصاتٍ تَجتَدِي الغُرَبَا
.
يَستَغفِرُ اللهَ عَنهُم, ثُمَّ يَسأَلُهُم
عَن اللُّغَاتِ الخَوَالِي, وهو مَن كَتَبَا

*****

ودَارَتِ الأَرضُ.. حتى لَم يَعُد شَجَنٌ
يُذكِي الحَكَايَا, ولا مَن يُحسِنُ الطَّرَبَا
.
وجاءَهُ بَعدَ هذا ما يُؤَمَّلُ مِن
(بَني أُمَيَّةَ) لكن زَادَهُ نَصَبَا
.
ولاذَ مِن بَعدُ بـ(العَبَّاسِ) لا وَقَعَت
على نَمِيرٍ يَدَاهُ, أَو رَأَى رُطَبَا
.
إِلى (الصُّلَيحِيِّ) ثُمَّ (الطَّاهِرِيِّ) سَعَى
وعادَ مِن كُلِّ سَعيٍ مِثلما ذَهَبَا
.
إِلى تَبَاشِيرِ (أَيُّوبِيَّةٍ) رَسَمَت
طُمُوحَهُ, ثُمَّ جاءَت عَكسَ ما طَلَبَا
.
إِلى (الرَّسُولِيِّ) أَلقَت أَمرَهُ, فَأَتَى
عَهدٌ تَوَحَّدَ فِيهِ الحُلمُ.. واحتَجَبَا
.
وضَاقَتِ الأَرضُ بـ(الأَحبَاشِ) يَقدُمُهُم
(إِريَاطُ) لِلغَزوِ, مَجلُوبًا ومُنتَدَبَا
.
وغَادَرُوا.. ثُمَّ (عُثمانِيَّةٌ) حَمَلَت
رُكَامَها, بَعدَ هَولٍ حَولَهَا اضطَرَبَا
.
و(صَيْهَدٌ) قال: كانَ (الإِنجلِيزُ) هُنا
فاهتَزَّ _ما كانَ يَبدُو ذابِلًا_ ورَبَا
.
ودَارَتِ الأَرضُ أُخرَى, بَعدَمَا جَثَمَت
(إِمَامَةٌ) فِي مُسُوحٍ تُشبِهُ العَرَبَا
.
وغادَرَت.. ثُمَّ وَافَى مَن يُضَارِعُها
بِظُلمِهِ, وانتِخابٍ لَيسَ مُنتَخَبَا
.
يا كُلَّ مَن مَرَّ فِيها, هل رَأَيتَ بها
ما لا نَرَاهُ؟! لِماذا وَجهُهَا انقَلَبَا؟!
.
ما لِلسَّعيدةِ نَاحَت حِينَما لَمَحَت
سِربَ الرَّبيعِ, ونَاحَت بَعدَما انسَحَبَا؟! 
.
ما لِلمَشَاوِيرِ عادَت مِن بِدايَتِها
ولَم تَعُد مَن هَرِمنَا فَوقَهَا كُرَبَا؟!
.
هل قَدَّرَ اللهُ فِيها أَن نَمُوتَ, ولا
نَدرِي لِما كان فيها أَو لَها سَبَبَا؟!

*****

لِي في السَّعيدةِ شَعبٌ طافِحٌ غَدُهُ
بالمُعجزاتِ.. ولَيلٌ صُبحُهُ انسَرَبا
.
سَيُدرِكُ الشَّعبُ مِنها ما يُرِيدُ, فَكَم
أَشاحَ بِالصَّمتِ عَنها وَجهَهُ, وأَبَى
.
كَم عاصَرَ الظُّلمَ فيها, والظَّلامَ, ولَم
يَعرِفْهُ بِالذُّلِّ يَومًا مَن لَهُ استَلَبَا
.
تَنَهُّدُ الحَقِّ أَمضَى طَعنَةً ويَدًا
وزَفرَةُ الثأرِ وَيلٌ يَبهَتُ الصَّخَبَا

.
.
.

يا آخِرَ الصَّمتِ قَطِّب حَاجبَيكَ بِنا
لا يَصدُقُ الحُرُّ إِن لَم يَنفَجِر غَضَبَا
.
"لِكُلِّ داءٍ دَوَاءٌ يُستَطَبُّ بهِ"
ولَيسَ لِلرَّأسِ طِبٌّ إِن غَدَا ذَنَبَا
.
فانزَع بِكَفَّيكَ حَقًّا أَنتَ صَاحِبُهُ
ما كُلُّ مَن قالَ حَقِّي صامِتًا غَلَبَا

… .....................… ..........

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً