الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
العَمَّارُ الغَريب - يحيى الحمادي
الساعة 14:03 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


لِي في "السَّعيدةِ" شَعبٌ, كُلَّما اقتَرَبَا
مِن السَّعيدةِ, ضاعَت, أَو بها اغتَرَبَا
.
شَعبٌ _إِلى اللهِ أَشكُو_ كيف سَخَّرَهُ
مُشَيِّدًا كُلَّ أَرضٍ -دُونَها- ذَهَبَا
.
وزَادَهُ بِالتَّفَانِي بَسطةً, فَمَضَى
مُحاربًا ليس يَدري مَن بِهِ احتَرَبَا
.
على ذِرَاعَيهِ قامَت كُلُّ حاضِرةٍ
مُنِيفَةً, وهوَ كَلٌّ يَكنِزُ التَّعَبَا
.
مُذ مالَ (قابِيلُ) يَومًا باسِطًا يَدَهُ
على أَخِيهِ.. وشَعبي قابِضٌ سَغَبَا

.
.
.

جاءَ (اليَهُودُ) إِليهِ, قالَ: حَيَّ هَلًا
وغادَرُوا, وهو يَلوِي كَفَّهُ عَجَبَا
.
جَاءَ (النَّصَارَى) فَحَيَّا, وهو مُرتَقِبٌ
قُدُومَ مَن سَوفَ يأتِي.. هكذا دَأَبَا
.
عادَ (اليَهُودُ) فَعَادَى مَن تَنَصَّرَ مِن
أَبنائِهِ, وعَلَيهِم أَوقَدَ الحَطَبَا
.
وحِينَ (مَكَّةُ) نادَت: مَن يُغِيثُ؟! إِلى
(عامِ الوُفُودِ) كَسَيلٍ ظامِئٍ وَثَبَا
.
كَأَنَّمَا كُلُّ فَردٍ مِن بَنِيهِ رَأَى
حَمْلَ (الرِّسالةِ) فَرضًا بِاسمِهِ وَجَبَا
.
تَدرِي (الفُتُوحاتُ) كَم مِن بَلدَةٍ فُتِحَت
بِخَيلِهِ, كَم رجالٍ لِلفِدَا وَهَبَا
.
كَم بُقعَةٍ تَحتَ إِبطِ الأَرضِ ظامِئةٍ
طَوَى الفَيَافِي إِليها حَامِلًا سُحُبَا
.
أَقَامَ لِلناسِ مَجدًا شامِخًا, وعلى
أَسوَارِهِم ظَلَّ يَبكِي (حِميَرًا, وسَبَا)
.
وهكذا ظَلَّ يَبنِي غَيرَهُ, ويَرَى
دِيارَهُ شاخِصاتٍ تَجتَدِي الغُرَبَا
.
يَستَغفِرُ اللهَ عَنهُم, ثُمَّ يَسأَلُهُم
عَن اللُّغَاتِ الخَوَالِي, وهو مَن كَتَبَا

*****

ودَارَتِ الأَرضُ.. حتى لَم يَعُد شَجَنٌ
يُذكِي الحَكَايَا, ولا مَن يُحسِنُ الطَّرَبَا
.
وجاءَهُ بَعدَ هذا ما يُؤَمَّلُ مِن
(بَني أُمَيَّةَ) لكن زَادَهُ نَصَبَا
.
ولاذَ مِن بَعدُ بـ(العَبَّاسِ) لا وَقَعَت
على نَمِيرٍ يَدَاهُ, أَو رَأَى رُطَبَا
.
إِلى (الصُّلَيحِيِّ) ثُمَّ (الطَّاهِرِيِّ) سَعَى
وعادَ مِن كُلِّ سَعيٍ مِثلما ذَهَبَا
.
إِلى تَبَاشِيرِ (أَيُّوبِيَّةٍ) رَسَمَت
طُمُوحَهُ, ثُمَّ جاءَت عَكسَ ما طَلَبَا
.
إِلى (الرَّسُولِيِّ) أَلقَت أَمرَهُ, فَأَتَى
عَهدٌ تَوَحَّدَ فِيهِ الحُلمُ.. واحتَجَبَا
.
وضَاقَتِ الأَرضُ بـ(الأَحبَاشِ) يَقدُمُهُم
(إِريَاطُ) لِلغَزوِ, مَجلُوبًا ومُنتَدَبَا
.
وغَادَرُوا.. ثُمَّ (عُثمانِيَّةٌ) حَمَلَت
رُكَامَها, بَعدَ هَولٍ حَولَهَا اضطَرَبَا
.
و(صَيْهَدٌ) قال: كانَ (الإِنجلِيزُ) هُنا
فاهتَزَّ _ما كانَ يَبدُو ذابِلًا_ ورَبَا
.
ودَارَتِ الأَرضُ أُخرَى, بَعدَمَا جَثَمَت
(إِمَامَةٌ) فِي مُسُوحٍ تُشبِهُ العَرَبَا
.
وغادَرَت.. ثُمَّ وَافَى مَن يُضَارِعُها
بِظُلمِهِ, وانتِخابٍ لَيسَ مُنتَخَبَا
.
يا كُلَّ مَن مَرَّ فِيها, هل رَأَيتَ بها
ما لا نَرَاهُ؟! لِماذا وَجهُهَا انقَلَبَا؟!
.
ما لِلسَّعيدةِ نَاحَت حِينَما لَمَحَت
سِربَ الرَّبيعِ, ونَاحَت بَعدَما انسَحَبَا؟! 
.
ما لِلمَشَاوِيرِ عادَت مِن بِدايَتِها
ولَم تَعُد مَن هَرِمنَا فَوقَهَا كُرَبَا؟!
.
هل قَدَّرَ اللهُ فِيها أَن نَمُوتَ, ولا
نَدرِي لِما كان فيها أَو لَها سَبَبَا؟!

*****

لِي في السَّعيدةِ شَعبٌ طافِحٌ غَدُهُ
بالمُعجزاتِ.. ولَيلٌ صُبحُهُ انسَرَبا
.
سَيُدرِكُ الشَّعبُ مِنها ما يُرِيدُ, فَكَم
أَشاحَ بِالصَّمتِ عَنها وَجهَهُ, وأَبَى
.
كَم عاصَرَ الظُّلمَ فيها, والظَّلامَ, ولَم
يَعرِفْهُ بِالذُّلِّ يَومًا مَن لَهُ استَلَبَا
.
تَنَهُّدُ الحَقِّ أَمضَى طَعنَةً ويَدًا
وزَفرَةُ الثأرِ وَيلٌ يَبهَتُ الصَّخَبَا

.
.
.

يا آخِرَ الصَّمتِ قَطِّب حَاجبَيكَ بِنا
لا يَصدُقُ الحُرُّ إِن لَم يَنفَجِر غَضَبَا
.
"لِكُلِّ داءٍ دَوَاءٌ يُستَطَبُّ بهِ"
ولَيسَ لِلرَّأسِ طِبٌّ إِن غَدَا ذَنَبَا
.
فانزَع بِكَفَّيكَ حَقًّا أَنتَ صَاحِبُهُ
ما كُلُّ مَن قالَ حَقِّي صامِتًا غَلَبَا

… .....................… ..........

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص