الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قصة قصيرة
بابا نويل - فاروق مريش
الساعة 14:42 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


 

 


هاهي أجراس الكنيسةُ تدق في مسامعي لأول مرة ، وثلوجهم تتساقط بكل نعومةٍ وخفة على رؤوسنا بغير ما تفعله أمطارنا الغزيرة وثلجنا الحجري ، كانت تمسك بيدي بحب وتقودني بحنان وابتسامتها تدعوني للجلوس بجوارها بين تلك الكراسي الخشبية السميكة المنظمة والمزدحمة بالكبار من الجنسين ، لا زالت ترانيمهم الحزينة وكبيرهم الماسك للسيف بتصوري الطفولي ، عالقون في ملف خالد من سجل ذاكرتي .
سألتها ماذا تصنعون !
فمسحت رأسي الصغير وأشارت إلي سأجيبك لاحقاً ..
وقع ذلك في مدينة ( كاسل ) الواقعة في حدود ألمانيا الغربية ، عندما كنت أبلغ السادسة .. خرجنا من الكنيسة بعد مرور وقت ليس بالقصير قضيناه بالجلوس والوقوف وترديد الأهازيج التي تشبه نشيدهم الوطني .
كانت معلمتي عند وعدها فبمجرد عودتنا لقاعة الصف نادتني للجلوس بجوار طاولتها وكأنها همست في أذني بلغتها التي لم أكن أفهمها بعد .. ( هذا عيد ميلاد الرب ) ، عدت للمنزل وأخبرت والدي الذي كان يُحَضِّر لدراسة الماجستير في استضافتهم ، وأجابني بأسلوبه البسيط عن طقوسهم وأشبع كثير من فضولي ، وعن بابا نويل وهداياه - ينادونه الألمان نيكولاوس - وأخبرني أن الكنيسة في دينهم مثل المسجد في ديننا ، وبطفولة قلت له : ( ولكنهم لا يتزاحمون في الباب عند الخروج ) .
حينها أتذكر أنه ضحك بقهر ثم صمت بعمق .
عدنا إلى اليمن وعمري في الثامنة ومن يومها وأنا أبحث عن بابا نويل في بلادي ، واتسائل من يفرح الصغار هنا ؟؟ 
وأخيراً وجدته ذات مره بنفس المواصفات في شارع هائل ، كبير في السن .. ذو لحية بيضاء كثيفة وبيده شوالة ، وقفت في صرح الجامع أنتظره وهو قادمٌ باتجاهي ، ابتسم لي وأنا أنظر إليه بإعجاب ، أدخل يده تحت ثوبه .. فظننت بفرح أنه سيخرج الهدية ، وإذا بي أُفجع بالأمل العجوز يخلع سرواله الداخلي - الواقف من سرَكِه - ليضعه في باب المكان المقدس .

٢٤/١٢/٢٠١٤

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً