الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
البرد يلفني كقطعة أثرية قديمة - عبدالمجيد التركي
الساعة 14:21 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


البرد يلفني كقطعة أثرية قديمة ..
باب الغرفة يصطكُّ، كأنه يشكو ألماً في مفاصله التي لم يعد زيت الخروع يهدئ من صريرها..
وزجاج النافذة الوحيدة يتشنج كأن به مساً.. 
الدُّوار لا ينفك عن رأسي المليئ بأحلام الدفء والنار لم تعد تقوى على هضم الحطب القطبي.

كان الحطب فاكهة المساكين في ليالي الصقيع.. وكانت الشمس هدية الله
التي لا يلبثون أن يتأففوا منها وقت الظهيرة،
أما الجيران فكانوا يحيّون بعضهم بالسعال حين يلتقون بالصدفة.

ليس لهذا البرد زوجة تضمّه كي يخفف سطوته، وليس له أقدام مشققة يخيف بها الأطفال،
كما يفعل آباؤهم حين يعبثون بتلك الشقوق بأصابع شاردة..
يأتي فجأة كمجنون طليق،
فنكتشف أن بيتنا مليء بالثقوب التي تمتلئ بالصفير الخائف.

ها أنا أقف في المنطقة الفاصلة بين الليل والنهار، كديك أبكم مازال يتعلم لغة الإشارة..
أنصت للعصافير وهي تغني الحاناً مرتجلة..
أواجه البرد بدرع كبير من الصوف،
أرتعش كقلعة عارية على رقعة شطرنج،
أحسد المشائين في الظّلم على ابتسامتهم الدافئة في وجه البرد.

البيجامة ترتعش من البرد بداخل خزنة الملابس.. الصوف ينكمش على نفسه بانتظار استرخاء الصيف،
أدهن وجهي بكريم «نيفيا»
فتثير رائحته كل الذكريات المدفونة..

أخرج يدي من النافذة، بإنتظار أن تطول مثل «يد وحيد» لتصل إلى الحي المجاور،
سأترك يدي في النافذة وأعود اليها في الصباح كي لا أتجمد.

أفرك عيني بيد مرتعشة، وكُمّ متجمّد،
أتذكر جارتنا التي كانت تربي الثلج فوق سطح منزلها،
نصحو في الصباح الباكر لنجد أواني المطبخ مليئة بالثلج الذي كنا نلعقه ونحن نتخيّل الآيسكريم..

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص