السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مستويات السرد..
في مجموعة (مفاتيح) للقاص زيد الفقيه.. - زياد القحم
الساعة 14:23 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 


في علاقة المفتاح بالمكان المغلق .. يمكن أن يشير عنوان المجموعة (( مفاتيح)) إلى أن هذه النصوص هي محاولات لفتح المعاني المغلقة كأن كل نص من هذه النصوص القصصية القصيرة جداً هو أداة تساعد في الدخول إلى معنى معين حتى وإن كانت لا تحمل هذا المعنى . 
 

يحتوي كتاب (مفاتيح) على مجموعة من القصص القصيرة جداً كتبها القاص والأديب المعروف زيد صالح الفقيه.. ضمن هذا الخط الكتابي (القصير جداً) الذي يمثل امتداداً لفنون كتابية عربية قديمة في مقدمتها التوقيعات، وتَطَور هذا الفن متأثراً بفنون كتابية تنتمي لمناطق أخرى في العالم، والمؤلف واحد ممن يشتغلون أكاديمياً على دراسة هذا الفن الجميل بالإضافة إلى كونه واحدا من الكُتاب الذين لهم حضور مميز في كتابته. 
*

 

في النص التالي تظهر جمالية التعامل الخاص مع المساحة.. كيفية الاشتغال على معاني تحتاج إلى الكثير من الكلام بالقليل المثير منه فقط .. اللعب على حبلي: الكثير والمثير، واستدعاء معنى الكثير بالمبنى القليل.. يمكن أن تكتب فكرة هذا النص في قصة طويلة أو في عمل روائي، ولكن وظيفة القصة القصيرة جدا تقتضي أن يقول ذلك في 17 كلمة فقط .. سافر من خلالها إلى عوالم السياسة الهشة التي لا تتحمل أي صدمة جادة:
"البرواز الذي كان يحتفظ بصورة المناضل تخلى عنه في أول طلقة بجواره قذفها طفل يلعب بسلاحه الناري"

*

 

 

بين الهم العام وما يعنيه للفرد بشكل خاص، وبين الهم الخاص الذي يترشح ليكون هما عاماً يتوزع الاشتغال على المعنى في هذه المجموعة :
"حاولت مع ضميري مراراً؛ أن أجبره على ترك قيمه النبيلة واستبدالها بقيم أخرى تتوائم مع العصر.. لكنه في كل مرة 
ي
س 
ت
ي
ق
ظ
أكثر فأكثر حتى تعملق هو وتقزمت أنا" 

*
 

ربما كان المؤلف مقصرا قليلاً في توصيف نصوصه حيث جاء في الغلاف وصفها بكونها : (قصص قصيرة جداً مشفرة) زيادة كلمة (مشفرة) على التوصيف المعتاد لهذا النوع من القصص يحمل مشكلة مع العنوان الخاص بالمجموعة (مفاتيح) لأن الشفرة لا يمكن أن تكون هي المفتاح؛ بل إن الفتح مضاد للتشفير .. هل هذه القصص مشفرة وتحتاج إلى مفاتيح التأمل (وهي عنصر يثيره النص وهو متعلق بالنص من خارجه) كما جاء في التوصيف؟. . أم أنها هي المفاتيح لشفرات معاني أخرى كما جاء في العنوان ؟
 

هذا التساؤل يشير إلى قصور في العتبتين، ولا يشير إلى أي قصور في النصوص فهي عالم خاص من التعبير الناجح، والاستدعاءات الجميلة التي تتدافع في ذهن القارئ وفقاً لتأثره بفكرة النص ولغته ووفقاً لحالته التأمليه، ساعد في كل ذلك تمكن الكاتب من تحميل اللغة، وتعامله الجيد مع المساحة ، وخبرته الطويلة في الكتابة الإبداعية والنقدية :
"حين رأته حليق الرأس سألته أين ذهب شعرك ؟ أجاب ساخراً : تبرعت به لفلسطين !!"

*
 

اهتم الكاتب بشكل كبير بالتكثيف واللغة والأفكار والحفاظ على السردية ، لكن النصوص لم تكن في نفس المستوى.. فبالنظر إلى السردية مثلاً يمكن ملاحظة أن هناك أربعة مستويات .. المستوى الأول فيه خروج عن السردية مع محافظة على أدبية النص .. مثل نص (رحمة) ص 10 :
"نادرون جداً: أولئك الذين يتقنون قراءة الدموع في عيوننا دون أن نبكي" التعبير ب قراءة الدموع، تصوير جميل .. لكن هذا النص القصير جداً خلا من السردية التي يفترض أن تكون حاضرة في كل نصوص الكتاب كونه كتاباً قصصياً .

*
 

المستوى الثاني فيه سردية عادية ، ومن الأمثلة عليه : نص (دول من ثلج) ص 14 وهو نص يحمل دلالة سياسية واضحة وفكرة متوسطة القوة:
"نقف أمام التماثيل الثلجية بدهشة. . لكنها 
ت
ذ
و
ب
بمجرد أن تصب عليها قليلاً من الماء الساخن"

*
 

المستوى الثالث وهو مستوى السردية الجيدة .. ومن الأمثلة عليه نص (تشخيص حالة) ص 57 :
"الفراغات التي في داخلي .. لم يملأها أحد بالحب .. جاء عدوي فملأها بالبارود "

*
 

المستوى الرابع وهو مستوى السردية المختلفة، وهو الشيئ الذي يمكن اعتباره الإضافة التي قدمها هذا الكتاب ليس لما يكتبه الآخرون ولكن لطريقة الكتابة ونوعية الأفكار، ومن الأمثلة عليه نص : (إخوة الكهف) ص 13 :
"أوى إخوة يوسف إلى الكهف.. لم تزاورهم الشمس ذات اليمين وتقرضهم ذات الشمال.. خرجوا من الكهف بظلامهم. . أطلقوا كلبهم للناس".

منقولة من مجلة أقلام عربية...

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً