الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قصة قصيرة
رواية خوزران - محمد الشميري
الساعة 17:29 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)




لأنه لم ينم طيلة أسبوع - كما قالت منى- هاهو الآن يبحث في مراجع نفسية ومعاجم لغوية عن ترجمة حرفية وسلوكية لمعنى الاستيقاظ .
الصبح في أقرب تجلياته يعني اندلاق القهوة على سرير صدره ، ينهض ملسوعا بحرارتها السمراء يفتح هاتفه المحمول، يجري اتصالين دونما رد مقابل ، يلعن لوحة المفاتيح ويضحك !
ليس جنونا....
صدقيني ليس جنونا
وأنا أرتب غرفته قبل يومين من عودته ، وقع ملف حلزوني ساقني الفضول لمعرفته .
( كل هذا الضجيج الممتد لسنوات بلاضوء ليس إلا صمتا في حلم لم يكتمل ) 
كانت المقدمة بهذه الصيغة ، انتابتني رعشة خوف لم أستطع الخروج منها إلا بعد قراءة الإهداء والمقدمة .
سليم يتحاشا النوم ليكتب وكلما أنهكه السهر ، شعر بغبطة ورضا عن أسلوبه الأدبي وفلسفته المالحة - كما كتب في هامش إحدى الصفحات- وهكذا يقضي إجازته دون أن يراني أو يحدثني عن مستقبل علاقتنا الباهتة .
جدته خوزران سعيد ، هكذا ينادونها ، ولاتجيب أحدا إن أغفل ذكر والدها ، أوقفت جزء من أرضها تزرعه وتبيع المحصول وتحتفظ بالمال لطباعة كتاب سليم الذي لم يكمله منذ ست سنوات ، وكلما سألته متى ؟ يجيبها لن أكمله حتى لاتموتي ياجدتي ، يضحك ثم يقول : التغطية سيئة هنا لذلك سأصعد للجبل وأعود وقت الغداء .
في طريقه نحو الجبل تحسس جيب بنطلونه الخلفي وابتسم ، حبة السوداء وملح داخل قطعة قماش بيضاء مخيطة بإحكام وورقة حِرز مثبّتة في ظهرها . قبل أذان الظهر رأى دخان بيتهم يقترب منه ، شمّ رائحة الخبز، شعر بحرارة الشمس تذيب نظارته البنية ، قرر العودة والسفر صباح اليوم التالي .
- هل أكملتِ قراءة الملف ؟
- يبدو أنها رواية يا صفاء 
( كل تلك الملامح الشاردة التي نشاهدها على وجه الذكريات ليست سوى محاولات للهروب من حقيقة واحدة ..... إننا لانمارس أي نشاط جنسي لحظة وعينا ، لذلك نحاول أن نجعل من أطفالنا نسخا مشوهة تشبه مانعانيه )
مقدمة الفصل الأول ، ترك بعدها صفحتين شبه فارغتين ، وضع في منتصف الأولى رقم 13 وخمس نقاط أفقية ، وأسفل الصفحة الثانية كتب كلمة واحدة " اقلب "
طلب سليم من جدته أن تتبرع بمال الوقف لصالح بناء فصول دراسية لمحو الأمية ، وقبل أن تتردد أو ترفض قال لها : كيف ستقرئين كتابي وأنت لاتعرفين شيئا من القراءة والكتابة ؟! 
جاءه ردها كالصاعقة : ستكون الخاتمة كما أريد هكذا ...
( تحتفظ العجائز في ذاكرتهن بصوت آخر ليلة حميمة ، وصفة ساحرة يطول بها العمر ، وتركة باهضة لأجيال سرقتها الهواتف المحمولة ! ).

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً