الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
قصة قصيرة
رواية خوزران - محمد الشميري
الساعة 17:29 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)




لأنه لم ينم طيلة أسبوع - كما قالت منى- هاهو الآن يبحث في مراجع نفسية ومعاجم لغوية عن ترجمة حرفية وسلوكية لمعنى الاستيقاظ .
الصبح في أقرب تجلياته يعني اندلاق القهوة على سرير صدره ، ينهض ملسوعا بحرارتها السمراء يفتح هاتفه المحمول، يجري اتصالين دونما رد مقابل ، يلعن لوحة المفاتيح ويضحك !
ليس جنونا....
صدقيني ليس جنونا
وأنا أرتب غرفته قبل يومين من عودته ، وقع ملف حلزوني ساقني الفضول لمعرفته .
( كل هذا الضجيج الممتد لسنوات بلاضوء ليس إلا صمتا في حلم لم يكتمل ) 
كانت المقدمة بهذه الصيغة ، انتابتني رعشة خوف لم أستطع الخروج منها إلا بعد قراءة الإهداء والمقدمة .
سليم يتحاشا النوم ليكتب وكلما أنهكه السهر ، شعر بغبطة ورضا عن أسلوبه الأدبي وفلسفته المالحة - كما كتب في هامش إحدى الصفحات- وهكذا يقضي إجازته دون أن يراني أو يحدثني عن مستقبل علاقتنا الباهتة .
جدته خوزران سعيد ، هكذا ينادونها ، ولاتجيب أحدا إن أغفل ذكر والدها ، أوقفت جزء من أرضها تزرعه وتبيع المحصول وتحتفظ بالمال لطباعة كتاب سليم الذي لم يكمله منذ ست سنوات ، وكلما سألته متى ؟ يجيبها لن أكمله حتى لاتموتي ياجدتي ، يضحك ثم يقول : التغطية سيئة هنا لذلك سأصعد للجبل وأعود وقت الغداء .
في طريقه نحو الجبل تحسس جيب بنطلونه الخلفي وابتسم ، حبة السوداء وملح داخل قطعة قماش بيضاء مخيطة بإحكام وورقة حِرز مثبّتة في ظهرها . قبل أذان الظهر رأى دخان بيتهم يقترب منه ، شمّ رائحة الخبز، شعر بحرارة الشمس تذيب نظارته البنية ، قرر العودة والسفر صباح اليوم التالي .
- هل أكملتِ قراءة الملف ؟
- يبدو أنها رواية يا صفاء 
( كل تلك الملامح الشاردة التي نشاهدها على وجه الذكريات ليست سوى محاولات للهروب من حقيقة واحدة ..... إننا لانمارس أي نشاط جنسي لحظة وعينا ، لذلك نحاول أن نجعل من أطفالنا نسخا مشوهة تشبه مانعانيه )
مقدمة الفصل الأول ، ترك بعدها صفحتين شبه فارغتين ، وضع في منتصف الأولى رقم 13 وخمس نقاط أفقية ، وأسفل الصفحة الثانية كتب كلمة واحدة " اقلب "
طلب سليم من جدته أن تتبرع بمال الوقف لصالح بناء فصول دراسية لمحو الأمية ، وقبل أن تتردد أو ترفض قال لها : كيف ستقرئين كتابي وأنت لاتعرفين شيئا من القراءة والكتابة ؟! 
جاءه ردها كالصاعقة : ستكون الخاتمة كما أريد هكذا ...
( تحتفظ العجائز في ذاكرتهن بصوت آخر ليلة حميمة ، وصفة ساحرة يطول بها العمر ، وتركة باهضة لأجيال سرقتها الهواتف المحمولة ! ).

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص