- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- الرئيس الإيراني: سنعيد بناء منشآتنا النووية بقوة أكبر
- لاريجاني: مطالب أميركا لا سقف لها ولن نقدم تنازلات غير مشروطة
- مصر تدعو إسرائيل للانسحاب من لبنان وتؤكد استعدادها للمشاركة في إعادة الإعمار
- ثلثا سكان اليمن عاجزون عن توفير احتياجاتهم الغذائية بعد إغلاق الحوثيين مكاتب الأمم المتحدة
- باريس سان جيرمان يمنح أشرف حكيمي فترة راحة ويغيب عن مواجهة لوريان
- بعد مقتل رئيس أركانه.. الحوثي يفعّل خطة طوارئ عسكرية وأمنية
- أحمد سعد وناصيف زيتون ورحمة رياض يستعدون لمعركة «أحلى صوت» الموسم السادس
- من الطلاق إلى الوداع الأخير..الفنان ياسر فرج يروي قصة عودته لزوجته المريضة
- أحمد داود يخوض السباق الرمضاني 2026 بمسلسل «بابا وماما جيران»
- الجيش الإسرائيلي يتهم «اليونيفيل» بإسقاط مُسيَّرة استطلاع فوق جنوب لبنان
الموضوع القاسي والصعب لا بد من إيجاد طريقة/شكل مناسب لتمريره للقارئ، خاصة إذا ما أصبحت حالة الألم والقسوة يعاني منها غالبية المجتمع، وكلنا يعلم حجم الخراب والموت التي تفشى في دولنا بعد احتلال العراق من قبل المتحل الأمريكي، من هنا كان لا بد من إيجاد مخرج ما، يحدثنا عما أصابنا، وبما أننا نعزف عن سماع أو قراءة كل ما يتعلق بالألم أو بالموت فكان على القاص "علي السباعي" البحث عن مخرج يخرجه من هذه المعضلة، فختار لنا الفنتازيا، ليقدم لنا ما يحمله من ألم وسواد، فهذا اللون من الأدب ينسجم مع الواقع المجنون، فحجم الخراب المادي والإنساني لم يعد يحتمل، فكان لا بد من تناوله بطريقة تتناسب معه، لهذا نقول كان القاص موفق تماما في استخدامه هذا الشكل من الأدب.
وإذا ما توقفنا عند العنوان "عرس في مقبرة" يبدو لنا عنوان مجنون غير منطقي ولا واقعي، فما هو هذا العرس الذي يحصل في المقبرة؟، لكن إذا ما عرفنا أن هناك فانتازيا في القصة، يمكننا أن نتأكد بأن "علي السباعي" اختار العنوان بعناية فائقة، لكي يمرر أفكاره لنا، وهذا يحسب له.
أما بخصوص اللغة التي استخدمها القاص فهي لغة أدبية تسهم في تخفيف من حدة المشاهد القاسية والصعبة، فنجد العديد من هذه الصورة الأدبية كما هو الحال في هذه الصورة: "تستفيق عيون الفجر، تدعك عيونها بأياد من برد الصباح، يتثاءب الفجر ندياً، يطالعني وجهها مغرداً بالفرحة، يداها تعملان على قرع الطبول" فرغم أن هناك كم هائل من السواد في القصة إلا أننا نجد القاص يخفف علينا كلما وجد هناك مجال/فسحة يستطيع من خلالها تهدئة الأجواء السوداء، فمثل هذه الصور بالتأكيد تعطي المتلقي شيء من الفرح والسكون.
لكن لنستمع كيف يستخدم القاص لغة السواد: "حاولت استرجاع جرأتي، لم أفلح، نقلت بصري بينها وبين الهياكل العظمية، الجماجم التي تحدق بي بمحاجرها الفارغة كأنها صقيع بارد يجمد الأجساد فلا تبقى سوى النظرات البليدة، ارتفعت القعقعة تصدر من حولي تزعزع يقيني بما أشاهد، تحسست وجهي، قرصت يدي بقوة تأكدت أنني لم أكن أحلم، والشمس بانحدارها نحو الغروب تترك صبغتها الحمراء كالدم تعتمر بها قمم القبور، لم يبق بداخلي جزء إلا وارتجف، راح جسدي يتصبب عرقاً غزيراً، داهمني شعور بأن نذير شؤم ستحمله الساعات القادمة،" رغم السواد والقتامة في هذا المشهد إلا أن طريقة تقديمه والتي جاءت لتبين لنا عما يحمله "البطل" من مشاعر تجمع بين الخوف والدهشة جعل المشهد مقبولا من المتلقي، وهذا الشكل من التقديم ينم على مقدرة القاص على اختيار الأسلوب المناسب لتقديم موضوع صعب وقاس.
أما في فيما يتعلق بالفانتازيا فهناك العديد من المشاهد والحوارات التي تدور بين البطل و "" جاءت بشكل يتجاوز العقل والمنطق، مثل هذا المشهد: "ارتدى الليل ثوبه الجنائزي الأسود، اكتست القبور بظلام أب الحالك، نظرت ذاهلاً، مندهشاً من المرأة، طلبت علبة ثقاب، أعطيتها ما طلبت انبعث الضوء راجفاً بوهن بدد ظلمة أب، استطعت فيها مشاهدة وجهها المتغضن تعباً، هامت تزرع النيران في محاجر العيون، كأنها فلاح يوزع شتلات الرز في أرض منقوعة بالمياه، تضيء جميع الشموع داخل المحاجر، انتشر النور قادماً من عصور سحيقة، موحشة، ليملأ المكان برائحة الشمع والجماجم المحترقة" وإذا ما توقفنا عند هذه المشهد نجد فيه صورة أدبية رغم سوادها، ونجد فيه مشاعر الإنسان المرتبك والمذهول، وهذا يقدم المتلقي من القصة ويجعله يتقدم من القصة أكثر، لأن طريقة التقديم كانت تحمل التشويق والإثارة معا، وهذا ما يدفع القارئ إلى التماهي مع القصة لمعرفة ما سيكون عليه مصير هذا العرس الجنائزي.
أما فيما يتعلق بالحوار الدائر بين البطل و"تاجية" فهو حوار يتراوح بين المد والجزر، أحيانا تكون الغلبة المنطقية لها، وأحيانا له: "قلت مستفهماً بقسوة:
-أسعيدة أنت بضوء الشموع؟
تقول بلهجة مستهزئة:
-قل لي بربك! عمرك كله شاهدت فيه عروساً حزينة يوم زفافها -يوم سعدها- اليوم الوحيد في حياتها الأكثر سعادة!
أغاظني كلامها، قلت لها:
-عن أي زفاف تتحدثين؟ وأين الزوج المزعوم؟ ومن سيرضى بك زوجة له؟ من..؟" حالة الصراع وعدم التوافق تجذب المتلقي وتجعله يتبع ما ستكون عليه نهايته، فالمشاهد والصور والحوارات والأحداث كلها تحمل الإثارة والدهشة، لهذا سيكون على القارئ العمل على معرفة ما ستؤول إليه الأحداث القصة.
ولكي يكون القارئ أكثر اطلاعا هذا النوع من الأشكال الأدبية نقدم له الرابط الذي نشرت عليه القصة:
http://www.alnoor.se/article.asp?id=328490
ناقد من فلسطين ...
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر


